17 أكتوبر 2024
حرب الإبادة في دوما وغوطة دمشق
تعيش دوما وبقية مدن الغوطة الشرقية لدمشق، منذ سنتين، تحت حصار وحشي، حوّل حياة سكانها إلى جحيم دائم، وهدد أبناءها بالمجاعة، ودفع القسم الأكبر منهم إلى حياة التشرد والهجرة. وهي تتعرض، منذ أيام، إلى حملة إبادة منظمة، بكل وسائل العنف والوحشية، أمام صمت العالم وشلله.
لم تجد قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن العديدة التي صدرت لوقف الحصار والقتل العشوائي للمدنيين، ولا نداءات السوريين، وتوسلات أطفالهم، ولا موجات نزوح السكان، وهجرتهم وتشردهم التي اعتبرتها منظمات حقوق الإنسان أكبر كارثة بشرية في هذا القرن، في تحريك ساكن. ولا تزال الدول الكبرى التي لا تكف عن التأكيد على ضرورة احترام الشرعية الدولية، والقانون الإنساني، حانثة بوعودها والتزاماتها تجاه حماية المدنيين، وحريصة على رفض "التورط"، والمقصود التضامن مع السوريين، في ما تسميه، باطلاً، الحرب الأهلية السورية، وهي ليست سوى حرب إبادة شاملة، تشنها طغمة جائرة على شعب أعزل، للاحتفاظ بالسلطة، وحرمان السوريين من حقوقهم الطبيعية.
ومع ذلك، لا يشك أحد في أن المسؤول الأول عن جرائم الحرب التي ترتكب في سورية هو نظام الأسد وحلفاؤه في طهران وموسكو، ومن يتعامل معهم من المرتزقة والوصوليين، في الداخل والخارج.
كما لا يشك أحد في أن قسطاً كبيراً من المسؤولية في ما آلت إليه الأمور يقع على عاتق المجتمع الدولي الذي تنكر لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، ورفض أن يقدم أي تضحية تذكر من أجل حماية الشعب السوري من جرائم الإبادة الجماعية المستمرة منذ سنوات.
لكن الاعتراف بهذه المسؤوليات، والوقوف عندها، لن يقدم السوريين في شيء، ولن يساعدهم على الخلاص من محنتهم. ولا بد من التذكير بالمسؤولية الكبيرة التي تقع على قوى الثورة والمعارضة، نتيجة اتباع سياسات جعلت من الصراع في ما بينها، وانقساماتها، محور نشاطها الأول، وحيدت جزءاً كبيراً من قواها وجهدها في المعركة الرئيسية، وشوهت صورتها وسمعتها، وأغلقت الكثير من أبواب التضامن والدعم والتعاطف تجاهها. ولا يقلل تقصير العالم في حق السوريين من مسؤوليتنا، نحن السوريين، الفشل، لأسباب ذاتية وموضوعية، في توفير الشروط الضرورية، لتعبئة طاقات شعبنا وتوحيدها لفرض إرادتنا واحترام حقوقنا على العالم. هكذا بقينا نقاتل كل لوحده، ونتنازع في ما بيننا على القيادة والزعامة، ونتقوقع في قرانا وأحيائنا ومدننا. والنتيجة افتقارنا، حتى اليوم، إلى قيادة موحدة، وخطة وطنية شاملة لتحريك القوى، المسلحة والسياسية، على الساحتين الداخلية والخارجية، واستراتيجية لتفكيك النظام، وتحرير الأرض، وأكثر من ذلك مسؤولية خلافاتنا في تقديم ذريعة سهلة للدول، حتى تنفض يدها من قضيتنا، وتنأى بنفسها عن مساعدتنا، على الرغم من أنها لا تزال تحرص على عدم الاقتراب من نظامٍ أصبح التعاون معه، في أي شكل، عنواناً للتواطؤ، وتهمة للضلوع في الحرب الدموية اللاإنسانية التي يخوضها ضد شعب كان يعتبر شعبه.
ما هو مطلوب، اليوم، أكثر من الرسائل والنداءات والاسترحام للمجتمع الدولي، والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، بعد أن تبين عجزها وشللها وافتقارها لأي نوع من الصدقية. وينبغي أن أقول، إن جميع الرسائل المفتوحة، وغير المفتوحة التي وجهناها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في الأشهر الأخيرة، بقيت حبراً على ورق، وهو لم يكلف نفسه حتى بالرد عليها، خجلاً أو عجزاً أو قلة اعتبار.
لن يتحرك العالم، ما لم نبدأ، نحن أنفسنا، بالتحرك لصالح قضيتنا، ونجبر الآخرين على
التحرك معنا، لوقف الحرب العدوانية التي ما كان ممكناً أن تستمر لولا تدخل الدول الأجنبية، وعلى رأسها إيران وروسيا، وسكوت المجتمع الدولي عن هذا التدخل الذي تحول إلى تواطؤ في حرب الإبادة السورية.
ولن يهرع أحد من الخارج، لنجدتنا ما دمنا، نحن أنفسنا، غير قادرين على أن نهرع لنجدة بعضنا. ولا ينبغي أن نحلم بمزيد من التضامن الفعال معنا، مهما أثرنا من عواطف حزن علينا من الآخرين، ما لم نجعل، نحن أنفسنا، من التضامن في ما بيننا قاعدة عملنا ووجودنا في هذه المرحلة الكارثية من تاريخنا.
يتطلب هذا، أولا، الرد على مواقع نيران الأسد بالقوة نفسها التي يتعرض بها للمدن والأحياء المحاصرة، وإبلاغ الأمم المتحدة والعواصم الدولية الكبرى بأنها تتحمل مسؤولية كل ما يحصل بسبب هذا الرد، نتيجة سكوتها على النظام الطاغية، وتخليها عن مسؤولياتها، وتركها السلطة الإجرامية تنتهك القوانين والشرائع الدولية والإنسانية من دون عقاب.
ويتطلب، ثانياً، لتحقيق هذا الهدف، العمل السريع من جميع الكتائب المقاتلة على توحيد الفصائل المقاتلة، ودمجها ضمن هيكلية عسكرية مركزية، قادرة على العمل، حسب خطط مدروسة، على ضوء خطة وطنية عامة، لمواجهة النظام والقوى المتطرفة العاملة على هامشه ولصالحه. وهذا ما لم يتحقق، حتى الآن، ولو أن خطوات مهمة جرت على هذا الطريق، لكن، ببطء شديد.
ويتطلب، ثالثاً، على المستوى السياسي، تكوين جبهة عمل وطنية عريضة، تضم كل المعنيين بتغيير النظام، من المقاتلين والسياسيين والمدنيين، وإحلال نظام وطني تعددي وديمقراطي مكانه، بصرف النظر عن التوجهات السياسية والأيديولوجية والطبقة الاجتماعية والقومية والطائفة.
ويتطلب، رابعاً، القبول بتحالفات تكتيكية داخلية وخارجية، تضمن عزل نظام القتلة وقوى التطرف الداعشية، وجميع القوى العاملة على تفتيت سورية، وتفتيت المقاومة البطولية لشعبها.
باختصار، لم يعد للإدانة السياسية والأخلاقية، ولا للشكوى من تخلي المجتمع الدولي عن قضيتنا وتردد الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، في الانخراط بشكل أكبر في الدفاع عن حقوق السوريين، ومستقبلهم، أي جدوى أو فائدة. ولن نستطيع أن نواجه الحرب والعدوان المفروضين، اليوم، علينا، ما لم نرتق، نحن السوريين، جميعاً، وعلى رأسهم قوى الثورة والمعارضة، إلى مستوى التحديات التي تواجهنا.
حان الوقت كي ندرك، بعد أربع سنوات من القتال، أنه لا مهرب لنا من الاعتماد على أنفسنا، وأن أحداً لن يحمل العبء عنا، مهما كان كبيراً وهائلاً، وأن علينا وحدنا، نحن السوريين، تقع مسؤولية مراجعة خططنا وتنظيم قوانا، كي نوقف حرب الإبادة التي يشنها نظام الخيانة والتآمر الدولي على شعبنا.
وعلينا أن نكون واثقين بأن الشعب الذي لا يزال يقاوم، منذ نصف قرن، نظام العنف والقتل والإرهاب، والذي أظهر، منذ ثورة مارس/آذار 2011، ما أذهل العالم من ضروب البطولة والشجاعة والتضحية، قادر على أن يصنع النصر، وأن وحشية النظام وسعار آلته الحربية، وهلوسات قادة نظام طهران الدينية والمذهبية، لن تضعف إرادته، لكنها ستزيد من تصميمه على الدفاع عن أرضه، والتمسك بوطنه وتحريره.
لم تجد قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن العديدة التي صدرت لوقف الحصار والقتل العشوائي للمدنيين، ولا نداءات السوريين، وتوسلات أطفالهم، ولا موجات نزوح السكان، وهجرتهم وتشردهم التي اعتبرتها منظمات حقوق الإنسان أكبر كارثة بشرية في هذا القرن، في تحريك ساكن. ولا تزال الدول الكبرى التي لا تكف عن التأكيد على ضرورة احترام الشرعية الدولية، والقانون الإنساني، حانثة بوعودها والتزاماتها تجاه حماية المدنيين، وحريصة على رفض "التورط"، والمقصود التضامن مع السوريين، في ما تسميه، باطلاً، الحرب الأهلية السورية، وهي ليست سوى حرب إبادة شاملة، تشنها طغمة جائرة على شعب أعزل، للاحتفاظ بالسلطة، وحرمان السوريين من حقوقهم الطبيعية.
ومع ذلك، لا يشك أحد في أن المسؤول الأول عن جرائم الحرب التي ترتكب في سورية هو نظام الأسد وحلفاؤه في طهران وموسكو، ومن يتعامل معهم من المرتزقة والوصوليين، في الداخل والخارج.
كما لا يشك أحد في أن قسطاً كبيراً من المسؤولية في ما آلت إليه الأمور يقع على عاتق المجتمع الدولي الذي تنكر لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، ورفض أن يقدم أي تضحية تذكر من أجل حماية الشعب السوري من جرائم الإبادة الجماعية المستمرة منذ سنوات.
لكن الاعتراف بهذه المسؤوليات، والوقوف عندها، لن يقدم السوريين في شيء، ولن يساعدهم على الخلاص من محنتهم. ولا بد من التذكير بالمسؤولية الكبيرة التي تقع على قوى الثورة والمعارضة، نتيجة اتباع سياسات جعلت من الصراع في ما بينها، وانقساماتها، محور نشاطها الأول، وحيدت جزءاً كبيراً من قواها وجهدها في المعركة الرئيسية، وشوهت صورتها وسمعتها، وأغلقت الكثير من أبواب التضامن والدعم والتعاطف تجاهها. ولا يقلل تقصير العالم في حق السوريين من مسؤوليتنا، نحن السوريين، الفشل، لأسباب ذاتية وموضوعية، في توفير الشروط الضرورية، لتعبئة طاقات شعبنا وتوحيدها لفرض إرادتنا واحترام حقوقنا على العالم. هكذا بقينا نقاتل كل لوحده، ونتنازع في ما بيننا على القيادة والزعامة، ونتقوقع في قرانا وأحيائنا ومدننا. والنتيجة افتقارنا، حتى اليوم، إلى قيادة موحدة، وخطة وطنية شاملة لتحريك القوى، المسلحة والسياسية، على الساحتين الداخلية والخارجية، واستراتيجية لتفكيك النظام، وتحرير الأرض، وأكثر من ذلك مسؤولية خلافاتنا في تقديم ذريعة سهلة للدول، حتى تنفض يدها من قضيتنا، وتنأى بنفسها عن مساعدتنا، على الرغم من أنها لا تزال تحرص على عدم الاقتراب من نظامٍ أصبح التعاون معه، في أي شكل، عنواناً للتواطؤ، وتهمة للضلوع في الحرب الدموية اللاإنسانية التي يخوضها ضد شعب كان يعتبر شعبه.
ما هو مطلوب، اليوم، أكثر من الرسائل والنداءات والاسترحام للمجتمع الدولي، والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، بعد أن تبين عجزها وشللها وافتقارها لأي نوع من الصدقية. وينبغي أن أقول، إن جميع الرسائل المفتوحة، وغير المفتوحة التي وجهناها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في الأشهر الأخيرة، بقيت حبراً على ورق، وهو لم يكلف نفسه حتى بالرد عليها، خجلاً أو عجزاً أو قلة اعتبار.
لن يتحرك العالم، ما لم نبدأ، نحن أنفسنا، بالتحرك لصالح قضيتنا، ونجبر الآخرين على
ولن يهرع أحد من الخارج، لنجدتنا ما دمنا، نحن أنفسنا، غير قادرين على أن نهرع لنجدة بعضنا. ولا ينبغي أن نحلم بمزيد من التضامن الفعال معنا، مهما أثرنا من عواطف حزن علينا من الآخرين، ما لم نجعل، نحن أنفسنا، من التضامن في ما بيننا قاعدة عملنا ووجودنا في هذه المرحلة الكارثية من تاريخنا.
يتطلب هذا، أولا، الرد على مواقع نيران الأسد بالقوة نفسها التي يتعرض بها للمدن والأحياء المحاصرة، وإبلاغ الأمم المتحدة والعواصم الدولية الكبرى بأنها تتحمل مسؤولية كل ما يحصل بسبب هذا الرد، نتيجة سكوتها على النظام الطاغية، وتخليها عن مسؤولياتها، وتركها السلطة الإجرامية تنتهك القوانين والشرائع الدولية والإنسانية من دون عقاب.
ويتطلب، ثانياً، لتحقيق هذا الهدف، العمل السريع من جميع الكتائب المقاتلة على توحيد الفصائل المقاتلة، ودمجها ضمن هيكلية عسكرية مركزية، قادرة على العمل، حسب خطط مدروسة، على ضوء خطة وطنية عامة، لمواجهة النظام والقوى المتطرفة العاملة على هامشه ولصالحه. وهذا ما لم يتحقق، حتى الآن، ولو أن خطوات مهمة جرت على هذا الطريق، لكن، ببطء شديد.
ويتطلب، ثالثاً، على المستوى السياسي، تكوين جبهة عمل وطنية عريضة، تضم كل المعنيين بتغيير النظام، من المقاتلين والسياسيين والمدنيين، وإحلال نظام وطني تعددي وديمقراطي مكانه، بصرف النظر عن التوجهات السياسية والأيديولوجية والطبقة الاجتماعية والقومية والطائفة.
ويتطلب، رابعاً، القبول بتحالفات تكتيكية داخلية وخارجية، تضمن عزل نظام القتلة وقوى التطرف الداعشية، وجميع القوى العاملة على تفتيت سورية، وتفتيت المقاومة البطولية لشعبها.
باختصار، لم يعد للإدانة السياسية والأخلاقية، ولا للشكوى من تخلي المجتمع الدولي عن قضيتنا وتردد الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، في الانخراط بشكل أكبر في الدفاع عن حقوق السوريين، ومستقبلهم، أي جدوى أو فائدة. ولن نستطيع أن نواجه الحرب والعدوان المفروضين، اليوم، علينا، ما لم نرتق، نحن السوريين، جميعاً، وعلى رأسهم قوى الثورة والمعارضة، إلى مستوى التحديات التي تواجهنا.
حان الوقت كي ندرك، بعد أربع سنوات من القتال، أنه لا مهرب لنا من الاعتماد على أنفسنا، وأن أحداً لن يحمل العبء عنا، مهما كان كبيراً وهائلاً، وأن علينا وحدنا، نحن السوريين، تقع مسؤولية مراجعة خططنا وتنظيم قوانا، كي نوقف حرب الإبادة التي يشنها نظام الخيانة والتآمر الدولي على شعبنا.
وعلينا أن نكون واثقين بأن الشعب الذي لا يزال يقاوم، منذ نصف قرن، نظام العنف والقتل والإرهاب، والذي أظهر، منذ ثورة مارس/آذار 2011، ما أذهل العالم من ضروب البطولة والشجاعة والتضحية، قادر على أن يصنع النصر، وأن وحشية النظام وسعار آلته الحربية، وهلوسات قادة نظام طهران الدينية والمذهبية، لن تضعف إرادته، لكنها ستزيد من تصميمه على الدفاع عن أرضه، والتمسك بوطنه وتحريره.