تدفع الصناعة الأميركية ثمناً باهظاً للحرب التجارية التي يخوضها الرئيس دونالد ترامب، وبدا ذلك جلياً بإعلان أكبر انكماش مُنيت به الصناعات التحويلية منذ 2009، فيما خفضت منظمة التجارة العالمية بقوة توقعاتها لنمو التجارة هذا العام بسبب الصراع مع الصين.
فقد أظهر تقرير اليوم الثلاثاء انكماش قطاع الصناعات التحويلية بالولايات المتحدة في سبتمبر/ أيلول إلى أضعف مستوياته في أكثر من 10 سنوات، في ظل تدهور أوضاع الشركات بدرجة أكبر وسط توترات التجارة بين الصين والولايات المتحدة.
وقال معهد إدارة المشتريات إن مؤشره لأنشطة المصانع الأميركية تراجع إلى 47.8، في أدنى قراءة له منذ يونيو/ حزيران 2009، فيما تشير أي قراءة دون الخمسين إلى انكماش قطاع المصانع.
وتأتي بيانات سبتمبر/ أيلول بعد تسجيل 49.1 في أغسطس/ آب، بحسب رويترز التي كان محللون استطلعت آراءهم قد توقعوا قراءة تبلغ 50.1 لشهر سبتمبر/ أيلول.
وعلى وقع الحرب التجارية، خفضت منظمة التجارة العالمية كثيراً توقعاتها لنمو التجارة العالمية عام 2019 من 2.6% إلى 1.2%، بسبب التوتر خصوصاً بين الصين والولايات المتحدة.
المدير العام للمنظمة روبرتو إزيفيدو، قال في بيان إن "الآفاق السلبية للتجارة غير مشجعة، ولكن لم تكن غير متوقعة"، مشيراً إلى أن "النزاعات التجارية تزيد الشكوك" حيال النمو.
وكان خبراء المنظمة قد حذروا في اجتماعهم في إبريل/ نيسان من أن التهديدات المنتظمة على غرار الفرض المتبادل للرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين سيؤدي الى عرقلة التجارة، بحسب "فرانس برس".
وأضاف مدير المنظمة أن "النزاعات التجارية تزيد من الشكوك، ما يدفع بعض الفاعلين إلى تأخير الاستثمارات في مجال الانتاجية التي هي أساسية لرفع مستويات العيش".
كذلك حذر من تهديد يمكن أن يطاول إيجاد فرص عمل جديدة "لأن الشركات توظف عدداً أقل من العمال في إنتاج سلع وخدمات موجهة للتصدير".
الأسهم تتراجع
وقد أنهت الأسهم الأوروبية موجة صعود دامت لثلاث جلسات اليوم الثلاثاء، مع هيمنة مخاوف النمو على المستثمرين بعد بيانات ضعيفة للقطاع الصناعي الأميركي أججت بواعث القلق من تباطؤ أكبر اقتصاد في العالم.
ولامس المؤشر ستوكس 600 الأوروبي أدنى مستوياته للجلسة وأغلق منخفضاً 1.3% بعد بيانات الصناعات التحويلية، ما دفع أيضاً الأسهم الأميركية إلى التراجع.
جاء ذلك عقب بيانات من الاتحاد الأوروبي أظهرت انكماش النشاط التصنيعي بأشد وتيرة له في نحو 7 سنوات، بحسب رويترز.
وفي ضوء ضعف المؤشرات الاقتصادية لمنطقة اليورو في الفترة الأخيرة، فإن خيبة أمل المستثمرين كانت أكبر في البيانات الأميركية، إذ توقعوا أن ينتعش نمو الاقتصاد الأميركي، حسبما قال هوبرت دي باروشيز، خبير الأسواق لدى كابيتال إيكونوميكس.
وتراجعت جميع القطاعات الرئيسية في أوروبا بشدة بعد البيانات، وفقدت الأسهم الفرنسية والألمانية أكثر من 1%.
لكن الخسائر على المؤشر فايننشال تايمز 100 في لندن جاءت محدودة بفضل تراجع في الجنيه الإسترليني قبل تقديم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مقترحات لاتفاق معدل بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.