وتحدّثت منظمة "سايف ذي تشيلدرن" عن "أسوأ مرحلة في الحديدة"، بينما وجهت منظمة "يونيسف" نداءً جديداً، اليوم السبت، لوقف الحرب رأفة بأطفال اليمن.
وسيطرت القوات الحكومية الليلة الماضية، على مستشفى "22 مايو"، أكبر مستشفى في المدينة بعدما طردت الحوثيين منه، بينما تتركّز المعارك عند الأطراف الشرقية للمدينة.
وأفادت مصادر محلية في الحديدة لـ"العربي الجديد"، بأنّ المواجهات بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف والمسلحين الحوثيين، تتواصل على أغلب محاور الاشتباكات المباشرة، في الأطراف الشرقية والجنوبية للحديدة، مع تركزها بالقرب من مستشفى "22 مايو"، ومنطقة "الخمسين"، وسط تباين في المعلومات الأولية حول خسائر الطرفين.
ونفّذ التحالف، سلسلة من الغارات ضد أهداف متفرقة بالحديدة، بما فيها عشر ضربات في مديرية "الحالي"، في ظل قصف مدفعي وصاروخي متبادل، بأكثر من حي على أطراف المدينة.
وأعلنت مصادر تابعة للقوات الحكومية، مقتل أربعة مدنيين جراء سقوط قذائف، أطلقها الحوثيون باتجاه مناطق سكنية في مديرية "التحيتا" جنوب الحديدة، ولم يصدر على الفور تعليق من الحوثيين.
وقالت منسّقة عمليات منظمة "سيف ذي تشيلدرن" في مدينة الحديدة مريم الدوغاني، في شهادة نشرتها المنظمة الإنسانية اليوم السبت، "هذا الأمر يجب أن يتوقف فوراً. إنها أسوأ فترة في الحديدة (...) وأسوأ فترة لأطفال الحديدة"، مشيرة إلى كثافة كبيرة في الغارات الجوية.
وقالت لبنى التي تسكن المدينة لوكالة "فرانس برس"، مفضّلة عدم الكشف عن هويتها، إنّ "أصوات مروحيات (أباتشي) والمدفعية وإطلاق النار لا تتوقّف".
وتابعت الفتاة التي تقطن القسم الجنوبي من المدينة عبر الهاتف، "الحوثيون يستخدمون المدفعية (...) لقصف القوات المتقدمة (...). نخشى أن تبادر القوات المهاجمة بدورها إلى استخدام المدفعية، ما قد يعني أنّ المدنيين هم من سيدفع الثمن الأغلى، كما هي الحال دائماً".
ومنذ 2014، تخضع مدينة الحديدة المطلّة على البحر الأحمر لسيطرة الحوثيين، وتحاول القوات الحكومية، بدعم من تحالف عسكري تقوده السعودية استعادتها، منذ يونيو/ حزيران الماضي، بهدف السيطرة خصوصاً على مينائها الاستراتيجي.
واشتدّت المواجهات في الحديدة، في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، وتمكّنت القوات الحكومية الخميس الماضي، من اختراق دفاعات الحوثيين، والتوغل في شرق وجنوب المدينة الساحلية التي يعتبر ميناؤها شريان حياة لملايين السكان في البلد الفقير.
وتتواصل المعارك السبت، بعد سيطرة القوات الحكومية والمدعومة من تحالف بقيادة السعودية على أكبر مستشفيات المدينة.
وقال مسؤولون عسكريون يمنيون لوكالة "فرانس برس"، إنّ مستشفى "22 مايو" هو "أكبر وأضخم" مستشفيات المحافظة التي تحمل اسم المدينة الساحلية، ويضم مهبط طائرات ويبعد نحو ثلاثة كيلومترات فقط عن مربع أمني يحمل اسم "سبعة يوليو"، ويعد المعقل الرئيسي للحوثيين في المدينة.
وبينما تشتد المواجهات في شرق الحديدة، تواصل القوات الحكومية استقدام تعزيزات إلى مواقعها في هذه الجبهة.
وأوضح مسؤولون عسكريون في القوات الحكومية، أنّ الاشتباكات في شرق المدينة تدور عند طريق رئيسي محاذ لحي سكني، يربط وسط الحديدة بالعاصمة صنعاء الخاضعة كذلك لسيطرة الحوثيين.
قذائف "تتساقط كالمطر"
وبحسب أحد هؤلاء المسؤولين، فإنّ المعارك التي تشارك فيها مروحيات "أباتشي" تابعة للتحالف، "تتحول في هذا الموقع إلى حرب شوارع"، مشيراً إلى أنّ الحوثيين يستخدمون "القناصة بشكل كثيف وقذائف الهاون التي يطلقها المتمردون تتساقط كالمطر".
وتابع أنّ القوات الحكومية، تواجه خلال محاولة تقدّمها "ألغاماً كثيرة، وضعت في البراميل والخنادق وعلى الطرقات (...) يؤدي بعضها أحياناً إلى تدمير أكثر من آلية".
في جنوب غرب المدينة، حيث تحاول القوات الحكومية التوغل شمالاً على الطريق الساحلي باتجاه الميناء، دارت اشتباكات متقطعة، وفقاً للمسؤولين.
وتقول الأمم المتحدة، إن نحو 445 ألف شخص نزحوا من محافظة الحديدة منذ يونيو/ حزيران الماضي، بينهم عشرات الآلاف من المدينة، التي يبلغ إجمالي عدد سكانها نحو 600 ألف نسمة.
وقالت لبنى، إن "الهجوم الحالي أشد من السابق (في يونيو/ حزيران)، لكن الكثير من السكان يرفضون النزوح. يقولون إنهم نزحوا قبل أشهر ثم عادوا إلى منازلهم، فلماذا ينزحون مجدداً؟ لا أدري إن كان هذا أمل بأن تتحسّن الأمور، أم أنه تعبير عن اليأس".
"أرجوكم"
وتهدّد المعركة من أجل السيطرة على الحديدة، إمدادات الغذاء لملايين السكان في حال تعطّلت الحركة في ميناء المدينة، في بلد يواجه نحو 14 مليوناً من سكانه (27 مليون نسمة) خطر المجاعة.
ووجهت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" اليوم السبت، نداءً جديداً لوقف الحرب التي تسببت منذ بدء عمليات التحالف، في مارس/ آذار 2015، بمقتل نحو عشرة آلاف شخص، بينهم أكثر من 2200 طفل، بحسب الأمم المتحدة.
وكتبت ممثلة "يونيسف" في اليمن مريتشل ريلانو، على حسابها على "تويتر"، "أدعو كل أطراف النزاع في اليمن لوقف الحرب. من أجل أطفال اليمن. أعطوهم فرصة للعيش. أرجوكم".
وتحدّثت عن مقتل 11 طفلاً في هجمات في محافظة الحديدة وفي محافظة حجة القريبة، من دون أن تحدد تاريخ وظروف مقتلهم.
— Meritxell Relano (@RelanoMeritxell) November 10, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Meritxell Relano (@RelanoMeritxell) November 10, 2018
|
وقُتل منذ اشتداد المواجهات في الحديدة، في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، نحو 382 مقاتلاً غالبيتهم من الحوثيين، حسبما أفادت مصادر طبية في محافظة الحديدة.
وبدأت حرب اليمن منذ 2014 بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، ثم تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس التحالف العسكري، في مارس/ آذار 2015 دعماً للحكومة المعترف بها دولياً، بعد سيطرة الحوثيين على مناطق واسعة بينها صنعاء.
وقف الإمداد بالوقود
وعلى وقع التصعيد في الحديدة، أعلن التحالف الذي تقوده الرياض، ليل الجمعة السبت، أنّه طلب من الولايات المتحدة وقف عمليات تزويد طائراته بالوقود في الجو، مؤكداً أنه بات قادراً على تأمين ذلك بنفسه.
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية دعمها هذا الإعلان.
وطالب برلمانيون أميركيون؛ جمهوريون وديموقراطيون، بإلحاح بأن توقف الولايات المتحدة عمليات تزويد طائرات التحالف في اليمن بالوقود، على خلفية حرب اليمن والانتقادات الموجهة إلى السعودية في قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول.
وقال القيادي في القوات الموالية للحكومة اليمنية العقيد الركن صادق دويد، لـ"فرانس برس"، إنّ القرار "لن يؤثر على عملية تحرير مدينة الحديدة (...) وبالتالي فهي مستمرة حتى تخضع المليشيات الحوثية".
انشقاق وزير الإعلام في حكومة الحوثيين
في غضون ذلك، أفادت مصادر حكومية وأخرى تابعة للتحالف، بانشقاق عبدالسلام جابر وزير الإعلام في ما تسمى "حكومة الإنقاذ الوطني" التابعة للحوثيين في صنعاء، ووصوله مؤخراً إلى العاصمة السعودية الرياض.
ونشرت السفارة اليمنية في الرياض، إعلاناً عن مؤتمر صحافي من المقرر أن يقيمه جابر الأحد، ويتحدّث فيه عن ملابسات انشقاقه عن الحكومة، التي كان عضواً فيها عن فريق الحوثيين.
وعُين جابر وزيراً في حكومة الحوثيين، مطلع العام الجاري، خلفاً للوزير السابق أحمد حامد، وكان جابر ناشطاً في "الحراك الجنوبي"، وشغل سابقاً رئيساً لتحرير صحيفة "القضية" الأسبوعية، التي توقفت عن الصدور منذ سنوات.
(فرانس برس, العربي الجديد)