اعترافاً بتجربة نقدية اختارت الانفتاح على العلاقة بين الأدب والتحليل النفسي، شهدت مدينة شيشاوة المغربية، أمس، تكريماً للناقد حسن المودن (1963) ضمن افتتاح فعاليات الدورة الـ11 لـ"مهرجان شيشاوة الثقافي والفني"، الذي اختار شعار "المغرب وأفريقيا: الهوية، الثقافة، التنمية" هذه السنة. المهرجان ينظمه "منتدى شيشاوة للثقافة والفنون" والمجلس البلدي بالمدينة، اختار تكريم تجربة ذات خصوصية في خريطة النقد المغربي.
تنفتح كتابات الناقد حسن المودن، على مقاربات جديدة، بارتكازها على لاوعي النص الأدبي، مستدعياً اجتهادات الناقد الفرنسي بيير بيار. وهو بذلك يقلب المعادلة بدعوتنا إلى تطبيق الأدب على التحليل النفسي. المودن لفت الانتباه إليه منذ صدور كتابه الأول، وهو رسالته الأكاديمية "لاوعي النص في روايات الطيب صالح، قراءة من منظور التحليل النفسي" (2002)، ليواصل سلسلة من الإصدارات النقدية التي لامست المنجز الروائي والقصصي، كـ "الرواية العربية: قراءات من منظور التحليل النفسي" (2008)، و"الكتابة والتحول" (2015)، و"بلاغة الخطاب الإقناعي" (2016). إلى جانب ترجمته لكتاب جان بيلمان "التحليل النفسي والأدب" (1997).
أمسية التكريم، أدارها الناقد إبراهيم أولحيان، بمشاركة النقاد: محمد فتح الله مصباح، وخالد بلقاسم، ومصطفى النحال. وتحاول ملامسة المنجز النقدي للمودن الذي كرّس لنفسه توجها مغايراً في السياق النقدي المغربي، ما زال ينفتح على العديد من الأسئلة ضمن قضايا النقد العربي.
كتاب "التحليل النفسي والأدب" الذي ترجمه المودن، يعيد قراءة فرويد، ويقدم نظرة نقدية لتاريخ النقد النفسي، ويؤسس مقترحاً منهجياً جديداً، يغيّر موضوع التحليل النفسي للأدب من الاهتمام بلاوعي الكاتب، إلى التركيز على لاوعي النص الأدبي نفسه. وهو كتاب أسهم في دخول المودن مغامرة "تحرير النقد الأدبي النفساني من القيود التي كانت تحوّل النص الأدبي إلى ذات مطابقة لذات الكاتب"، وتتّخذ النص "وسيلة لتحليل الكاتب ومعرفة عقده ووساوسه...، إلى جانب إبراز أهمية العناصر المختلفة المكونة للنص الأدبي، من دوالّ وأخيلة ولغات وعلائق وتعالقات وتناصات.. وإخراج مفهوم الأدب من التحديدات التقليدية الجامدة إلى فسحة التعدد والتنوع".
في النهاية، يدعونا الناقد إلى جعل "النص مجالاً لإبلاغ صوت الكينونة المتكلمة خارج أسيجة الواقع والمقتضيات الاجتماعية، وخارج ما تلوكه الخطابات السائدة"، وهذا مشروع ما يزال في بداياته، على أمل أن تتغير نظرتنا أيضا لتلقي الدراسات النفسانية للأدب.
إلى جانب التكريم يشهد المهرجان تنظيم أمسية شعرية، يساهم فيها الشعراء مراد القادري، ونبيل منصر، وإدريس بالعطار، ونهاد بنعكيدة، وحسن الوزاني، وعائشة عمور، وخديجة العبيد، ومحمد وكرار، وخالد الريسوني.