كذلك كان لافتاً حديث نصر الله، لقناة "المنار" التابعة للحزب، عن أن إدارة دونالد ترامب تسعى، عبر وسطاء، لفتح قناة اتصال مع "حزب الله"، وذلك بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على النائبين محمد رعد (رئيس كتلة الحزب في البرلمان)، وأمين شري، بعد اتهامهما من قبل وزارة الخزانة الأميركية بـ"استغلال النظام السياسي والمالي" اللبناني لصالح حزبهما، وإيران الداعمة له.
كما طاولت العقوبات مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا.
وتطرق نصر الله إلى موضوع العقوبات في ختام المقابلة، مشيراً إلى أن الموضوع ليس بجديد على الحزب. وأشار إلى أن الجديد ليس بوضع وفيق صفا على لائحة العقوبات، بل بوضع نائبين منتخبين من الشعب اللبناني على القائمة. وتحدث عما سماه "الإساءة للمجلس النيابي والدولة اللبنانية". كذلك سخر من العقوبات، قائلاً إنه ليس لها تداعيات، واضعاً إياه كجزء من المعركة القائمة. وأشار إلى أنه ليس لدى الحكومة اللبنانية من خيار سوى تحمل الضغط الأميركي، لأن "حزب الله" يمثل شريحة كبيرة في لبنان.
استعراض قوة بمواجهة إسرائيل
وعلى الرغم من استبعاد نصر الله مراراً، خلال مقابلته، إقدام إسرائيل على فتح حرب مع لبنان، نظراً للمعادلات التي قال إن الحزب أرساها، إلا أنه تحدث بإسهاب عن قدرات الحزب للمرة الأولى، فيما يشبه عرض قوة.
وأكد نصر الله تسلح "حزب الله" في الوقت الذي تتهمه فيه إسرائيل والولايات المتحدة بخرق القرار الدولي 1701، الذي صدر بعد عدوان تموز.
ولفت الأمين العام لـ"حزب الله" إلى أن "المقاومة أقوى من أي وقت مضى رغم العقوبات، وتطورت بشكل كبير كمّاً ونوعاً، كما حصل نمو في القدرة البشرية، وتضاعفت الأعداد بعد أن كانت قدرتنا الهجومية في عام 2006 محدودة"، مسمياً "قوة الرضوان" و"أفواج العباس" بوصفهما قوات هجومية تابعة للحزب، في إشارة إلى تهديداته السابقة في خطاباته بأن أي حرب مقبلة ستشهد للمرة الأولى هجوماً داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكرر التهديد نفسه في المقابلة عندما أشار إلى أن امتلاك الحزب أكثر من سيناريو، و"دخول الجليل جزء من خطة الحرب" المقبلة.
كذلك أكد امتلاك الحزب صواريخ دقيقة، مشيراً إلى تطور ترسانته عدداً ونوعاً، إلا أنه رفض تأكيد أو نفي إذا كان الحزب يملك صواريخ مضادة للطائرات، لافتاً إلى أن الحزب يتبع سياسة "الغموض البنّاء" في هذا الملف.
وعلى الرغم من تشعب الحديث في مقابلة نصر الله إلا أن الأبرز كان في الحديث عن بنك أهداف في أي مواجهة مقبلة مع إسرائيل، إذ قال إن "الشمال والشريط الساحلي من أول مستوطنة نتانيا وصولاً حتى أشدود في مرمى نيراننا"، مسمياً ما يشبه بنك أهداف يضم "مراكز الدولة في إسرائيل، ومنها مطار بن غورين، ومستودعات أسلحة ومصانع بيتروكيميائيات، وميناءي تل أبيب وأشدود".
وتضمن خطاب نصر الله، إضافة إلى تهديداته لإسرائيل، نبرة تطمينية لاستعداد الحزب لأي حرب مقبلة، إلا أنه ربطها مجدداً بالمنطقة، بوصفها لن تكون حرباً بين لبنان وإسرائيل حصراً، بل "حرباً كبرى ستضعهم على حافة الزوال".
وتحدث نصر الله بإسهاب عن الجبهة الداخلية الإسرائيلية، معتبراً أنها "في حال انكشاف وضعف، بعد أن نقلت حرب تموز المعركة إلى الجبهة الداخلية"، فيما الحزب اليوم "أقوى من أي زمن"، و"لديه القدرة على استهداف وزلزلة الجبهة الداخلية للعدو"، كما لفت إلى أن "هناك تراجعاً في القدرة لدى القوات البرية، فيما سلاح الجو لا يستطيع أن يحسم المعركة".
إعادة تموضع في سورية
وفي ما يتعلق بالملف السوري، اعتبر أن ما حصل "انتصار كبير لسورية ومحور المقاومة ولروسيا، وفشل كبير للمشروع الآخر"، لافتاً إلى أن التنسيق مع روسيا يتم عبر "وزارة الدفاع السورية"، وأنه لم يتدخل في المعركة الدائرة في إدلب لأن النظام السوري لم يطلب، كما نفى أن يكون الحزب أخلى أي منطقة بالكامل، لكنه أشار إلى أن الحزب قام بـ"إعادة تموضع في سورية وقلص عدد الوحدات".
وخصص نصر الله جزءاً من المقابلة للحديث عن العلاقة بين إيران وروسيا، مشيراً إلى أنه "حتى الآن ليس من مصلحة روسيا أن تخرج إيران من سورية"، ونافياً حصول اشتباكات بين القوات الروسية والايرانية في سورية، بل "يوجد تنسيق كبير في الجانبين العسكري والسياسي، وهما أقرب إلى بعضهما من أي وقت مضى".
كذلك تحدث عن الغارات التي تنفذها إسرائيل على أهداف تابعة لإيران والنظام السوري فوق الأراضي السورية، لكنه على عكس حديثه عن العلاقة الإيجابية بين إيران وروسيا في سورية، دعا روسيا إلى منع إسرائيل من قصف سورية، على الرغم من أنه اعتبر أنها "لا تستطيع".
وحاول نصر الله تسخيف هذه الضربات، معتبراً أنها "ليست ضربات نوعية، والأهداف التي تم ضربها عادية جداً"، مشدداً: "الإسرائيلي كان يقول إن هدف ضرب سورية هو منع وصول السلاح إلى لبنان، وأنا قلت لهم إن السلاح وصل".
استبعاد الحرب بين إيران والولايات المتحدة
وفي شق التوتر في الخليج، استبعد نصر الله حصول حرب بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يراهن على الجانب الاقتصادي، وإلى أن الجانبين سيعملان على "عدم تدحرج الأمور إلى حرب".
وعلى عكس الحديث عن إسرائيل، استخدم نصر الله لغة هادئة جداً ضد الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن "تبعات هذه الحرب كبيرة" التي إن وقعت "لن يستطيع أحد أن ينأى بنفسه عنها".
وأضاف: "مسؤوليتنا في المنطقة أن نعمل كل ما بوسعنا لمنع حصول حرب أميركية على إيران، لأن هناك إجماعاً أنها ستكون مدمرة"، لافتاً إلى أن "إيران منفتحة على أي حوار" مع السعودية.