بالرغم من إقرارها بالوضعية الصعبة التي تعيشها عاملات مغربيات بالحقول الإسبانية، إلا أن الأربعينية السعدية لامان، لا يمكنها الاستغناء عن فرصة العمل هذه بالنظر إلى ظروفها الأسرية والاجتماعية التي تجبرها على اللجوء إلى هذا العمل، لتدبير احتياجات أطفالها الثلاثة.
وتعد السعدية واحدة من 13 ألف عاملة موسمية تم تسجيلهن في الفترة بين 29 يناير/كانون الثاني الماضي وحتى 2 فبراير/شباط الجاري في فروع وكالات التشغيل بجهات المملكة، استجابة لطلب الشركة الفلاحية الإسبانية "أساخا ويلبا"، التي تشرف على توظيف العاملات المغربيات في حقول ويلبا بإقليم الأندلس، خلال الفترة بين مارس/آذار وحتى يونيو/حزيران المقبلين.
وتدخل السعدية وقريناتها ضمن تصنيف "العمالة المتجولة والتي تشير إلى العامل المهاجر الذي يكون محل إقامته المعتاد في دولة ما، ويضطر إلى السفر إلى دولة أو دول أخرى لفترات وجيزة نظرا لطبيعة مهنته"، بحسب تعريف الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي اعتمدت بقرار الجمعية العامة 45 المؤرخ في 18 ديمسبر/ كانون الأول من عام 1990.
اقــرأ أيضاً
معاناة العمالة المتجولة
تقيم السعدية حاليا في إسبانيا بعد أن حصلت على أوراق الإقامة هناك، وشرحت العاملة عبر الهاتف لـ"العربي الجديد" ظروف عملها ومعاناتها قائلة "نمكث لساعات في وضعية الانحناء، وتضع كل عاملة فوق ظهرها سلة لجمع الفاكهة، فضلا عن ضرورة توفر مهارة قصوى في قطفها، حتى لا تصاب الفاكهة أو تؤذي النبتة".
وتابعت "توجد ممارسات عديدة تحط من كرامة العاملات الزراعيات، اللاتي تتم معاملتهن بشكل فيه مبالغة من الاحتياط، كأنهن سارقات أو خائنات للثقة، بالإضافة إلى حجز جوازات سفرهن"، وهي ممارسات وصفتها فيدرالية نقابات العمال الإسبان CCOO، في بلاغ جديد صدر في فبراير الحالي بـ"الرجعية"، قائلة "اختيار العاملات المغربيات يتم عبر التعامل معهن كسلعة، إذ يتم وضع معايير تمييزية تمس كرامة المرأة".
وبحسب الفدرالية العمالية الإسبانية، فإنه يتم الاشتراط على المترشحات للعمل في حقول مدينة ويلبا أن يكن متزوجات وأمهات لأبناء، دون تجاوز سن 45 عاما، لضمان جودة العمل والقدرة على أدائه، داعية إلى تطبيق معايير شفافة ومهنية بخصوص التوظيف المؤقت للعاملات المغربيات.
لقمة عيش سوداء
استمعت الأربعينية فاطمة الحاضي، خلال العامين الماضيين إلى شكاوى عدد من زميلاتها كن ضحايا لممارسات مشينة لبعض أرباب العمل ضد عاملات موسميات أثناء وخارج فترات العمل، قائلة "ممارسات التحرش الجنسي بالعاملات الموسميات سواء المغربيات أو غيرهن من الجنسيات منتشرة في الحقول الإسبانية".
ولم يكن أمام صديقاتها اللائي تعرضن للتحرش الجنسي، غير اختيار أحد ثلاثة حلول، إما أن تقبل بالتحرش حفاظا على عملها وعدم طردها إن هي احتجت، أو تصمت راضية نظير امتيازات معنوية وربما مادية، وهذا الحل سيضع المرأة في متاهات لا تنتهي، أو الشكاية بالمتحرش للسلطات الإسبانية وهذا غير متاح لعاملة موسمية بالكاد تبحث عن لقمة عيش "سوداء" كما تصفها.
ويتفق إبراهيم دخوش، الناشط الجمعوي في إقليم الأندلس الأسباني، مع فاطمة في وقوع العديد من حوادث التحرش، قائلا "وصلني العديد من شكايات العاملات الموسميات".
وعزا المتحدث عدم تقدم العاملات الموسميات بشكاوى ضد المتحرشين بهن، إلى عوامل كثيرة، أولها درجة الأمية التي تطغى على عدد كبير من القرويات العاملات، وثانيها الخوف من عدم استفادتهن من عروض العمل الموسمية، وثالثها الخشية من وصول الموضوع إلى أسرتها داخل مجتمع قروي محافظ، ورابعها العجز عن سداد تكاليف مقاضاة المعتدي جنسيا".
نصائح لمواجهة التحرش
حديث بعض العاملات الموسميات عن وقوع حالات تحرش جنسي بهن في الحقول، نفاه ألبيرتو موسليرا، صاحب حقل فراولة بمنطقة خاين شمال غرب الأندلس، ضمن حديث هاتفي مع العربي الجديد، مؤكدا أنه في حقله لم يسبق أن تعرضت العاملات لأي تحرش أو مساس بشرفهن إطلاقا".
واسترسل المزارع الإسباني بأنه في حقله توجد مشرفات نساء على حساب الصناديق التي تملؤها العاملات بالفواكه، وتسيير شؤون العمل، مضيفا أنه في الغالب يتم ترويج هذه الإشاعات من طرف بعض العاملات اللائي يتم رفضهن من طرف المشغلين بسبب نقص المردودية أو كثرة الاعتذارات بالمرض وغيره، فتتم إعادتهن إلى بلدانهن.
وزاد موسليرا بأن عاملات موسميات من جنسيات أخرى، خاصة من أوروبا الشرقية خاصة الرومانيات والهنغاريات، يمكن أن يتعرضن للتحرش خلال تواجدهن في الملاهي الليلية، عكس المغربيات اللواتي يلتزمن بالعمل ولا يلجن الحانات.
بالمقابل لم يُخْف سمير بنهاشم، مترجم مغربي متطوع لدى مصالح "العمل الاجتماعي" الإسباني، إمكانية حدوث تحرشات جنسية بعدد من العاملات الموسميات المغربيات لقلة حيلتهن، ولمعرفة أرباب العمل لحاجتهن الماسة إلى العمل"، مبرزا أن "تباين موازين القوى بين من يملك أدوات العمل والمال وبدويات يخشين على لقمة عيشهن وعيش أبنائهن في البلاد يؤدي إلى ممارسات التحرش بالعاملات".
ولفت المتطوع المغربي إلى أنه في عمله يقوم بترجمة ما تقوله موظفات إسبانيات في وزارة الشغل الإسبانية والصليب الأحمر، يأتين كل سنة إلى المزارع ليطلعن على أوضاع وأحوال العاملات، وأنه من النصائح التي تقدم لهن أن يحاولن البقاء في جماعات حتى لا يتم الاستفراد بإحداهن، وأيضا عدم السير في أماكن خالية حتى لا تقع لهن جرائم جنسية محتملة.
احتجاز جوازات السفر
ومن المظاهر المسيئة الأخرى للعاملات الموسميات، احتجاز جوازات سفرهن لضمان استمرارهن في العمل واحترام مدة العمل وعدم العودة إلى بلدهن، وهو ما رصدته فيدرالية نقابات العمال الإسبان واعتبرته خرقا لحرية التنقل، باعتبارها أحد الحقوق الدستورية والإنسانية، داعية السلطات الحكومية في إسبانيا إلى إرغام أرباب المزارع على الكف عن احتجاز جوازات سفر العمال والعاملات.
وتنص المادة 19 من الدستور الإسباني على أنه يحق للمواطنين الإسبان والقاطنين في البلاد أن يختاروا بحرية مقر إقامتهم وأن يتنقلوا عبر أنحاء البلاد. وأيضا الدخول إلى إسبانيا ومغادرتها بحرية طبقاً لما ينص عليه القانون، ولا يمكن فرض قيود على هذا الحق لأسباب سياسية أو إيديولوجية".
ويؤكد الحقوقيون المغاربة الذين استطلع معد التحقيق آراءهم، أن بعض العاملات الموسميات يجدن صعوبة في التأقلم مع ظروف العمل، ويسعين إلى الرجوع إلى المغرب، إلا أنهن يجدن أنفسهن غير قادرات، بسبب حجز جواز سفرهن لدى مشغلهن، إلى حين الانتهاء من الموسم مما يدفعهن إلى البقاء هناك والقبول بالأوضاع المزرية للعمل.
ويؤكد مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبد الإله الخضري المتابع لملفات العمالة الموسمية أن "هذا السلوك من لدن أرباب المزارع ليس سلوكا فرديا، بل ممنهجا ومتفقا عليه في إطار تعاونياتهم وتجمعاتهم التي يقررون من خلالها كيفية التعامل مع العاملات، ويدافعون عن مصالحهم بطريقة جماعية، أمام الحكومة".
واعتبر المتحدث أن "الاستغلال البشع للعاملات المغربيات مخالف للاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق العمال والمهاجرين وأفراد أسرهم".
وتنص المادة 21 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم على أنه "ليس من الجائز قانونا لأي شخص، ما لم يكن موظفا رسميا مخولا حسب الأصول بموجب القانون، أن يصادر أو يعدم أو يحاول إعدام وثائق الهوية، أو الوثائق التي تخوّل الدخول إلى الأراضي الوطنية أو البقاء أو الإقامة أو الاستقرار فيها، أو تصاريح العمل. ولا يجوز مصادرة هذه الوثائق بصورة مرخص بها دون إعطاء إيصال مفصل بذلك. ولا يجوز، بأية حال من الأحوال، إعدام جواز سفر أو وثيقة معادلة لجواز سفر عامل مهاجر أو أحد أفراد أسرته.
تراجع الأجور
خلال موسم العمل المنصرم فوجئت العاملة الكبيرة الضواري، بأن التعويض الذي حصلت عليه لم يتجاوز 5 آلاف درهم للشهر الواحد (543 دولارا أميركيا)، فيما كانت تعتقد أن تعويضها المالي سيصل إلى 10 آلاف درهم كل شهر (1087 دولارا) بسبب حجم العمل الكبير، ويرد المزارع الإسباني ألبيرتو موسليرا، بالقول إن تعويض العاملة يكون حسب الصناديق المملوءة وينبني على المهارة والسرعة في الأداء، فبقدر ما كان الأداء سريعا وعدد الصناديق أكبر يكون التعويض المالي الذي يحتسب باليوم وليس بالشهر".
وبالمقابل كشف محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، في جواب عن أسئلة نواب برلمانيين في بداية الشهر الجاري، أن تعويض العاملة الموسمية يصل إلى 30 يورو (تقريبا 300 درهم) في اليوم الواحد لمدة 6 أشهر، مبرزا أن الأجر الذي تحصل عليه العاملات يفوق الحد الأدنى للأجر لسنة كاملة في المغرب. (الحد الأدنى للأجر هو 2300 درهم).
وبخصوص حماية العاملات المغربيات الموسميات في إسبانيا، أفاد الوزير يتيم بأن "العقد شريعة المتعاقدين، وبأن عقود التشغيل الموسمية يوجد مثلها في القانون المغربي"، قبل أن يعلن عن "تنظيم وزارة التشغيل لزيارات ميدانية من أجل الاطلاع على ظروف شغل هؤلاء العاملات الموسميات".
وتدخل السعدية وقريناتها ضمن تصنيف "العمالة المتجولة والتي تشير إلى العامل المهاجر الذي يكون محل إقامته المعتاد في دولة ما، ويضطر إلى السفر إلى دولة أو دول أخرى لفترات وجيزة نظرا لطبيعة مهنته"، بحسب تعريف الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي اعتمدت بقرار الجمعية العامة 45 المؤرخ في 18 ديمسبر/ كانون الأول من عام 1990.
معاناة العمالة المتجولة
تقيم السعدية حاليا في إسبانيا بعد أن حصلت على أوراق الإقامة هناك، وشرحت العاملة عبر الهاتف لـ"العربي الجديد" ظروف عملها ومعاناتها قائلة "نمكث لساعات في وضعية الانحناء، وتضع كل عاملة فوق ظهرها سلة لجمع الفاكهة، فضلا عن ضرورة توفر مهارة قصوى في قطفها، حتى لا تصاب الفاكهة أو تؤذي النبتة".
وتابعت "توجد ممارسات عديدة تحط من كرامة العاملات الزراعيات، اللاتي تتم معاملتهن بشكل فيه مبالغة من الاحتياط، كأنهن سارقات أو خائنات للثقة، بالإضافة إلى حجز جوازات سفرهن"، وهي ممارسات وصفتها فيدرالية نقابات العمال الإسبان CCOO، في بلاغ جديد صدر في فبراير الحالي بـ"الرجعية"، قائلة "اختيار العاملات المغربيات يتم عبر التعامل معهن كسلعة، إذ يتم وضع معايير تمييزية تمس كرامة المرأة".
وبحسب الفدرالية العمالية الإسبانية، فإنه يتم الاشتراط على المترشحات للعمل في حقول مدينة ويلبا أن يكن متزوجات وأمهات لأبناء، دون تجاوز سن 45 عاما، لضمان جودة العمل والقدرة على أدائه، داعية إلى تطبيق معايير شفافة ومهنية بخصوص التوظيف المؤقت للعاملات المغربيات.
لقمة عيش سوداء
استمعت الأربعينية فاطمة الحاضي، خلال العامين الماضيين إلى شكاوى عدد من زميلاتها كن ضحايا لممارسات مشينة لبعض أرباب العمل ضد عاملات موسميات أثناء وخارج فترات العمل، قائلة "ممارسات التحرش الجنسي بالعاملات الموسميات سواء المغربيات أو غيرهن من الجنسيات منتشرة في الحقول الإسبانية".
ولم يكن أمام صديقاتها اللائي تعرضن للتحرش الجنسي، غير اختيار أحد ثلاثة حلول، إما أن تقبل بالتحرش حفاظا على عملها وعدم طردها إن هي احتجت، أو تصمت راضية نظير امتيازات معنوية وربما مادية، وهذا الحل سيضع المرأة في متاهات لا تنتهي، أو الشكاية بالمتحرش للسلطات الإسبانية وهذا غير متاح لعاملة موسمية بالكاد تبحث عن لقمة عيش "سوداء" كما تصفها.
ويتفق إبراهيم دخوش، الناشط الجمعوي في إقليم الأندلس الأسباني، مع فاطمة في وقوع العديد من حوادث التحرش، قائلا "وصلني العديد من شكايات العاملات الموسميات".
وعزا المتحدث عدم تقدم العاملات الموسميات بشكاوى ضد المتحرشين بهن، إلى عوامل كثيرة، أولها درجة الأمية التي تطغى على عدد كبير من القرويات العاملات، وثانيها الخوف من عدم استفادتهن من عروض العمل الموسمية، وثالثها الخشية من وصول الموضوع إلى أسرتها داخل مجتمع قروي محافظ، ورابعها العجز عن سداد تكاليف مقاضاة المعتدي جنسيا".
نصائح لمواجهة التحرش
حديث بعض العاملات الموسميات عن وقوع حالات تحرش جنسي بهن في الحقول، نفاه ألبيرتو موسليرا، صاحب حقل فراولة بمنطقة خاين شمال غرب الأندلس، ضمن حديث هاتفي مع العربي الجديد، مؤكدا أنه في حقله لم يسبق أن تعرضت العاملات لأي تحرش أو مساس بشرفهن إطلاقا".
واسترسل المزارع الإسباني بأنه في حقله توجد مشرفات نساء على حساب الصناديق التي تملؤها العاملات بالفواكه، وتسيير شؤون العمل، مضيفا أنه في الغالب يتم ترويج هذه الإشاعات من طرف بعض العاملات اللائي يتم رفضهن من طرف المشغلين بسبب نقص المردودية أو كثرة الاعتذارات بالمرض وغيره، فتتم إعادتهن إلى بلدانهن.
وزاد موسليرا بأن عاملات موسميات من جنسيات أخرى، خاصة من أوروبا الشرقية خاصة الرومانيات والهنغاريات، يمكن أن يتعرضن للتحرش خلال تواجدهن في الملاهي الليلية، عكس المغربيات اللواتي يلتزمن بالعمل ولا يلجن الحانات.
بالمقابل لم يُخْف سمير بنهاشم، مترجم مغربي متطوع لدى مصالح "العمل الاجتماعي" الإسباني، إمكانية حدوث تحرشات جنسية بعدد من العاملات الموسميات المغربيات لقلة حيلتهن، ولمعرفة أرباب العمل لحاجتهن الماسة إلى العمل"، مبرزا أن "تباين موازين القوى بين من يملك أدوات العمل والمال وبدويات يخشين على لقمة عيشهن وعيش أبنائهن في البلاد يؤدي إلى ممارسات التحرش بالعاملات".
ولفت المتطوع المغربي إلى أنه في عمله يقوم بترجمة ما تقوله موظفات إسبانيات في وزارة الشغل الإسبانية والصليب الأحمر، يأتين كل سنة إلى المزارع ليطلعن على أوضاع وأحوال العاملات، وأنه من النصائح التي تقدم لهن أن يحاولن البقاء في جماعات حتى لا يتم الاستفراد بإحداهن، وأيضا عدم السير في أماكن خالية حتى لا تقع لهن جرائم جنسية محتملة.
احتجاز جوازات السفر
ومن المظاهر المسيئة الأخرى للعاملات الموسميات، احتجاز جوازات سفرهن لضمان استمرارهن في العمل واحترام مدة العمل وعدم العودة إلى بلدهن، وهو ما رصدته فيدرالية نقابات العمال الإسبان واعتبرته خرقا لحرية التنقل، باعتبارها أحد الحقوق الدستورية والإنسانية، داعية السلطات الحكومية في إسبانيا إلى إرغام أرباب المزارع على الكف عن احتجاز جوازات سفر العمال والعاملات.
ويؤكد الحقوقيون المغاربة الذين استطلع معد التحقيق آراءهم، أن بعض العاملات الموسميات يجدن صعوبة في التأقلم مع ظروف العمل، ويسعين إلى الرجوع إلى المغرب، إلا أنهن يجدن أنفسهن غير قادرات، بسبب حجز جواز سفرهن لدى مشغلهن، إلى حين الانتهاء من الموسم مما يدفعهن إلى البقاء هناك والقبول بالأوضاع المزرية للعمل.
ويؤكد مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبد الإله الخضري المتابع لملفات العمالة الموسمية أن "هذا السلوك من لدن أرباب المزارع ليس سلوكا فرديا، بل ممنهجا ومتفقا عليه في إطار تعاونياتهم وتجمعاتهم التي يقررون من خلالها كيفية التعامل مع العاملات، ويدافعون عن مصالحهم بطريقة جماعية، أمام الحكومة".
واعتبر المتحدث أن "الاستغلال البشع للعاملات المغربيات مخالف للاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق العمال والمهاجرين وأفراد أسرهم".
وتنص المادة 21 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم على أنه "ليس من الجائز قانونا لأي شخص، ما لم يكن موظفا رسميا مخولا حسب الأصول بموجب القانون، أن يصادر أو يعدم أو يحاول إعدام وثائق الهوية، أو الوثائق التي تخوّل الدخول إلى الأراضي الوطنية أو البقاء أو الإقامة أو الاستقرار فيها، أو تصاريح العمل. ولا يجوز مصادرة هذه الوثائق بصورة مرخص بها دون إعطاء إيصال مفصل بذلك. ولا يجوز، بأية حال من الأحوال، إعدام جواز سفر أو وثيقة معادلة لجواز سفر عامل مهاجر أو أحد أفراد أسرته.
تراجع الأجور
خلال موسم العمل المنصرم فوجئت العاملة الكبيرة الضواري، بأن التعويض الذي حصلت عليه لم يتجاوز 5 آلاف درهم للشهر الواحد (543 دولارا أميركيا)، فيما كانت تعتقد أن تعويضها المالي سيصل إلى 10 آلاف درهم كل شهر (1087 دولارا) بسبب حجم العمل الكبير، ويرد المزارع الإسباني ألبيرتو موسليرا، بالقول إن تعويض العاملة يكون حسب الصناديق المملوءة وينبني على المهارة والسرعة في الأداء، فبقدر ما كان الأداء سريعا وعدد الصناديق أكبر يكون التعويض المالي الذي يحتسب باليوم وليس بالشهر".
وبالمقابل كشف محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، في جواب عن أسئلة نواب برلمانيين في بداية الشهر الجاري، أن تعويض العاملة الموسمية يصل إلى 30 يورو (تقريبا 300 درهم) في اليوم الواحد لمدة 6 أشهر، مبرزا أن الأجر الذي تحصل عليه العاملات يفوق الحد الأدنى للأجر لسنة كاملة في المغرب. (الحد الأدنى للأجر هو 2300 درهم).
وبخصوص حماية العاملات المغربيات الموسميات في إسبانيا، أفاد الوزير يتيم بأن "العقد شريعة المتعاقدين، وبأن عقود التشغيل الموسمية يوجد مثلها في القانون المغربي"، قبل أن يعلن عن "تنظيم وزارة التشغيل لزيارات ميدانية من أجل الاطلاع على ظروف شغل هؤلاء العاملات الموسميات".