23 سبتمبر 2024
حصاد واشنطن السوري
لا يمكن تجاهل حقيقة أن موسكو استفادت استفادة كبرى من ضبابية موقف الولايات المتحدة حيال المعارضة السورية، بشقيها السياسي والعسكري. لذلك يُلاحظ أن جميع المحادثات الدولية والإقليمية التي تبحث الملف السوري هي بمبادرات روسية، من جنيف إلى أستانة، مرورا بميونخ وفيينا (لم يكتب لهما الاستمرار)، وصولا إلى سوتشي، حيث أرادتها موسكو أن تكون "موسم حصادها السوري".
فيما أعلنت الولايات المتحدة أنها تعمل مع ما تسمى قوات سورية الديموقراطية، والتي يشكل عمودها الفقري الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، المصنف إرهابيا في تركيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على تشكيل قوة حدودية جديدة، قوامها ثلاثون ألف مقاتل، للانتشار على الحدود السورية مع تركيا شمالاً، والعراق باتجاه الجنوب الشرقي، وعلى طول وادي نهر الفرات.
لا يمكن النظر أخيرا إلى الحدثين، الروسي والأميركي، "سوتشي السوري" و"تشكيل مجموعة مسلحة جديدة داخل سورية"، بعيدا عن المتغيرات الدولية، والإقليمية، وحسابات كل من موسكو وواشنطن في إطار الاستعداد لمرحلة ما بعد "داعش" على الأراضي السورية.
اختارت واشنطن هذا التوقيت، أي بعد انتهاء الحرب على "داعش"، كونها ترى أنه حان وقت الحصاد، وتريد أن تبلور نتائج دعمها وشرعنة المجموعات التي دعمتها على الأراضي السورية، بتشكيل قوة تحت مسمى جديد لإخفاء ماضي القوة السابقة ووجهها، إلا أنه غاب عن واشنطن أن ذلك سيزيد من تقارب الأطراف الباقية المتشابكة في سورية.
وتريد واشنطن من هذه التوليفة الجديدة التي باغتت فيها أنقرة، وتجنبت مشورتها (كون تركيا المستهدف التالي بهذا المشروع بعد سورية) شرعنة مشروعها وحماية المكتسبات والأراضي التي ورثتها عن تنظيم داعش، لتقوم لاحقاً بإجبار باقي الأطراف على دعوة ممثلين عن التشكيل الجديد إلى طاولة جنيف، باعتبار أنه يسيطر على جزء كبير من الأراضي السورية، فحتى اليوم، لا يمتلك هذا التشكيل أي شرعية، ودعم الولايات المتحدة له لمحاربة "داعش" لا يعطيه أي صفة قانونية على أراضي الجمهورية العربية السورية، بالإضافة إلى أنه، بحسب الرؤية التركية – السورية، لا يختلف عن "داعش"، وباقي التنظيمات الإرهابية في الأراضي السورية.
عوّلت أميركا طويلاً على عامل الوقت في سورية، لإيجاد واقع جديد، فواشنطن لا تعنيها المعارضة السورية ولا النظام، كما لا تهمها محادثات جنيف ولا محادثات أستانة. ما تريده واشنطن أن لا يعرقل أحد مشروعها، إذا كانت "جنيف" تعنيها لرأينا أفعالاً، فلم يعد يخفى على أحد أن المسؤولين الأميركيين مع كل جولة من محادثات جنيف يبدأون إطلاق فقاعات إعلامية أنهم يدعمون هذا المسار، بينما على أرض الواقع وفي الساحة السورية يقومون بأمور لا علاقة لها بهذا المسار، وكذلك في محادثات أستانة التي جمعت الأطراف صاحبة الكلمة الحقيقية على الأرض السورية، روسيا وتركيا وإيران، والطرفين السوريين، النظام والفصائل العسكرية المعارضة، إلا أن واشنطن اختارت صفة المراقب "المتفرج"، في هذا المسار، واليوم حان وقت الجني والاستثمار، رامية وعودها وتطميناتها السابقة لتركيا وأطراف أخرى عرض الحائط.
وصحيح أن واشنطن تراجعت، في تصريحاتها، عن تشكيل جيش من "قوات سورية الديمقراطية"، و ذلك في قول وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، إنه لا توجد نية لدى بلاده في "إنشاء قوة تنتشر على الحدود بين سورية وتركيا"، معتبراً أن المسألة التي أغضبت أنقرة لم تُطرح بالطريقة الملائمة. وشدد في نفيه وجود نية لتشكيل القوة من المسلحين الأكراد في سورية، إلا أن ذلك لم يبدد قلق تركيا، وهي ترى التنظيم الذي تحاربه منذ الثمانينات يحظى برعاية حليفها الاستراتيجي، ويتمدد على طول حدودها داخل الأراضي السورية، وبمسمى وغطاء جديدين، وأفادت بأنها تنسق مع موسكو في عمليتها العسكرية، غصن الزيتون، في عفرين. وقد كشفت هذه العملية أن تركيا كانت جادة في تهديداتها، ولم تتوان عن ضرب الأهداف التي تهدد أمنها القومي، خصوصا أن تلك المجموعات، بالإضافة إلى المجموعات الجديدة التي تنوي واشنطن تشكيلها، موجودة في منطقة جغرافية بالغة الأهمية الاستراتيجة، وهو ما ينذر بضياع كامل، وانهيار السياسة التي بدأتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في سورية قبل سنوات. ووفقا لتقارير إعلامية، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من خمسة مليارات دولار لتدريب مسلحي الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني وتجهيزهم لمحاربة داعش "بادئ الأمر".
وأوضح أخيرا الكولونيل روب مانينغ المتحدث باسم البنتاغون، أن مسلحي الحزب يفضلون القتال فى عفرين بمواجهة تركيا والجيش الحر، في المعركة، و هو اعتراف ضمني من "البنتاغون" أنه لم يستطع ضبط مجموعة من المقاتلين، تمولهم الحكومة الأميركية منذ سنوات.
وسبق أن كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مخاوف لدى واشنطن من تفكك القوات الكردية التي تدعمها على الأرض، ونقلت عن جينفر كافاريلا المتخصص في الشأن السوري في معهد واشنطن للدراسات قوله: "هذه النتيجة حتمية، اتبعت الولايات المتحدة استراتيجية ساذجة، عندما وضعت كل البيض في سلة واحدة خلال الحرب السورية، على أمل أن تبقى كل الحروب الأخرى في سورية بمعزل عن المعركة الرئيسية التي تتمنى الولايات المتحدة خوضها".
فيما أعلنت الولايات المتحدة أنها تعمل مع ما تسمى قوات سورية الديموقراطية، والتي يشكل عمودها الفقري الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، المصنف إرهابيا في تركيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، على تشكيل قوة حدودية جديدة، قوامها ثلاثون ألف مقاتل، للانتشار على الحدود السورية مع تركيا شمالاً، والعراق باتجاه الجنوب الشرقي، وعلى طول وادي نهر الفرات.
لا يمكن النظر أخيرا إلى الحدثين، الروسي والأميركي، "سوتشي السوري" و"تشكيل مجموعة مسلحة جديدة داخل سورية"، بعيدا عن المتغيرات الدولية، والإقليمية، وحسابات كل من موسكو وواشنطن في إطار الاستعداد لمرحلة ما بعد "داعش" على الأراضي السورية.
اختارت واشنطن هذا التوقيت، أي بعد انتهاء الحرب على "داعش"، كونها ترى أنه حان وقت الحصاد، وتريد أن تبلور نتائج دعمها وشرعنة المجموعات التي دعمتها على الأراضي السورية، بتشكيل قوة تحت مسمى جديد لإخفاء ماضي القوة السابقة ووجهها، إلا أنه غاب عن واشنطن أن ذلك سيزيد من تقارب الأطراف الباقية المتشابكة في سورية.
وتريد واشنطن من هذه التوليفة الجديدة التي باغتت فيها أنقرة، وتجنبت مشورتها (كون تركيا المستهدف التالي بهذا المشروع بعد سورية) شرعنة مشروعها وحماية المكتسبات والأراضي التي ورثتها عن تنظيم داعش، لتقوم لاحقاً بإجبار باقي الأطراف على دعوة ممثلين عن التشكيل الجديد إلى طاولة جنيف، باعتبار أنه يسيطر على جزء كبير من الأراضي السورية، فحتى اليوم، لا يمتلك هذا التشكيل أي شرعية، ودعم الولايات المتحدة له لمحاربة "داعش" لا يعطيه أي صفة قانونية على أراضي الجمهورية العربية السورية، بالإضافة إلى أنه، بحسب الرؤية التركية – السورية، لا يختلف عن "داعش"، وباقي التنظيمات الإرهابية في الأراضي السورية.
عوّلت أميركا طويلاً على عامل الوقت في سورية، لإيجاد واقع جديد، فواشنطن لا تعنيها المعارضة السورية ولا النظام، كما لا تهمها محادثات جنيف ولا محادثات أستانة. ما تريده واشنطن أن لا يعرقل أحد مشروعها، إذا كانت "جنيف" تعنيها لرأينا أفعالاً، فلم يعد يخفى على أحد أن المسؤولين الأميركيين مع كل جولة من محادثات جنيف يبدأون إطلاق فقاعات إعلامية أنهم يدعمون هذا المسار، بينما على أرض الواقع وفي الساحة السورية يقومون بأمور لا علاقة لها بهذا المسار، وكذلك في محادثات أستانة التي جمعت الأطراف صاحبة الكلمة الحقيقية على الأرض السورية، روسيا وتركيا وإيران، والطرفين السوريين، النظام والفصائل العسكرية المعارضة، إلا أن واشنطن اختارت صفة المراقب "المتفرج"، في هذا المسار، واليوم حان وقت الجني والاستثمار، رامية وعودها وتطميناتها السابقة لتركيا وأطراف أخرى عرض الحائط.
وصحيح أن واشنطن تراجعت، في تصريحاتها، عن تشكيل جيش من "قوات سورية الديمقراطية"، و ذلك في قول وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، إنه لا توجد نية لدى بلاده في "إنشاء قوة تنتشر على الحدود بين سورية وتركيا"، معتبراً أن المسألة التي أغضبت أنقرة لم تُطرح بالطريقة الملائمة. وشدد في نفيه وجود نية لتشكيل القوة من المسلحين الأكراد في سورية، إلا أن ذلك لم يبدد قلق تركيا، وهي ترى التنظيم الذي تحاربه منذ الثمانينات يحظى برعاية حليفها الاستراتيجي، ويتمدد على طول حدودها داخل الأراضي السورية، وبمسمى وغطاء جديدين، وأفادت بأنها تنسق مع موسكو في عمليتها العسكرية، غصن الزيتون، في عفرين. وقد كشفت هذه العملية أن تركيا كانت جادة في تهديداتها، ولم تتوان عن ضرب الأهداف التي تهدد أمنها القومي، خصوصا أن تلك المجموعات، بالإضافة إلى المجموعات الجديدة التي تنوي واشنطن تشكيلها، موجودة في منطقة جغرافية بالغة الأهمية الاستراتيجة، وهو ما ينذر بضياع كامل، وانهيار السياسة التي بدأتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في سورية قبل سنوات. ووفقا لتقارير إعلامية، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من خمسة مليارات دولار لتدريب مسلحي الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني وتجهيزهم لمحاربة داعش "بادئ الأمر".
وأوضح أخيرا الكولونيل روب مانينغ المتحدث باسم البنتاغون، أن مسلحي الحزب يفضلون القتال فى عفرين بمواجهة تركيا والجيش الحر، في المعركة، و هو اعتراف ضمني من "البنتاغون" أنه لم يستطع ضبط مجموعة من المقاتلين، تمولهم الحكومة الأميركية منذ سنوات.
وسبق أن كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مخاوف لدى واشنطن من تفكك القوات الكردية التي تدعمها على الأرض، ونقلت عن جينفر كافاريلا المتخصص في الشأن السوري في معهد واشنطن للدراسات قوله: "هذه النتيجة حتمية، اتبعت الولايات المتحدة استراتيجية ساذجة، عندما وضعت كل البيض في سلة واحدة خلال الحرب السورية، على أمل أن تبقى كل الحروب الأخرى في سورية بمعزل عن المعركة الرئيسية التي تتمنى الولايات المتحدة خوضها".