في ظل الترتيبات المتسارعة بين الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول العربية، وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر، في إطار تصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان "صفقة القرن"، يبدو أن هناك دولاً أخرى في المنطقة مهددة بدفع ثمن عدم حماستها لهذه الخطة، ومنها دولة الكويت.
ومنذ نجاح الكويت في الحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي مطلع العام الحالي، وقفت مراراً في وجه المواقف الأميركية ضد الشعب الفلسطيني وحركة "حماس"، كما طرحت مشاريع قرارات إدانة للجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة داخل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، في مواقف متسقة مع سلوك كويتي ليس بجديد، لكنه يتجدد بين الحين والآخر مثلما فعل رئيس مجلس الأمة المنتخب مرزوق الغانم عندما طرد الوفد الإسرائيلي من اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي الذي كان يرأسه العام الماضي. وتتمتع حركة "حماس" بوجود في الكويت، إذ يعيش جزء من عائلات كوادرها فيها، كما أن الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة خالد مشعل زار الكويت مرات عدة، حتى بعد إدراج السعودية والإمارات للحركة على قوائم الإرهاب الخاصة بها.
وأدى الدعم الكويتي للقضية الفلسطينية ورفضها المبدئي لـ"صفقة القرن"، إلى تشكيك إدارة الرئيس دونالد ترامب وحلفائه الرئيسيين في المنطقة في فعالية الكويت بالانسجام مع قراراته السياسية التي ترمي إلى القضاء على نفوذ إيران في المنطقة، إذ تبرمت دوائر صناعة القرار في الإمارات والسعودية مراراً من موقف الكويت من القضية الفلسطينية والسماح للمنظمات المناهضة للتطبيع بالتحرك بحرية في الكويت، وهو ما ظهر مراراً في أداء وسائل إعلام مقربة من السلطات في الرياض وأبوظبي وفي تغريدات الجيش الإلكتروني في هاتين العاصمتين.
لكن قبل أيام، وصلت حملة التحريض السعودية-الإماراتية ضد الكويت إلى الإعلام الأميركي، فوصف كاتبان أميركيان محسوبان على اللوبي المموّل خليجياً في أميركا، في مقالة مشتركة لهما في صحيفة "نيويورك بوست"، الكويت بأنها عقبة في سبيل بناء ترامب لجبهة موحدة بين الخليج وإسرائيل لمواجهة إيران، مع ما يترتب عن ذلك إما من خضوع الكويت أو تعرضها لنار غضب ترامب، على حد تعبير جوناثان شانذر، نائب رئيس "معهد الدفاع عن الديمقراطيات"، وفارشا كودفايور من "معهد دول الخليج العربي" في واشنطن، وهما مركزان تدعمهما أبوظبي ماليا.
وقال الكاتبان المعروفان بعدائهما لإيران وارتباطهما الوثيق بأبوظبي، إن الكويت تحاول الوقوف على الحياد بين الولايات المتحدة وإيران، ولا تريد أن تعترف بإسرائيل كشريك لها في الحرب على إيران، وإن النظام الكويتي نظام معادٍ لإسرائيل ويسمح للسلفيين و"الإخوان المسلمين" بممارسة أنشطتهما المعادية لليهود على أراضيه، بحسب زعمهما، كما أن لها "سجلاً سيئاً في دعم الإرهاب" على حد تعبير شانذر وكودفايور.
اقــرأ أيضاً
وبدت أجواء الانزعاج واضحة على دوائر صناعة القرار في وزارة الخارجية الكويتية، التي تعرضت قطاعاتها المختلفة للترهيب السياسي على خلفية عدد من القضايا، على رأسها عضوية مجلس الأمن والقضية الفلسطينية، وحصار قطر والمصالحة الخليجية، والحرب في اليمن، وفق حديث مصدر دبلوماسي رفيع المستوى داخل وزارة الخارجية لـ"العربي الجديد". وقال المصدر إن "هناك حرباً قذرة تُشن على الكويت في أروقة جماعات الضغط في واشنطن للضغط على ترامب شخصياً وإجباره على اتخاذ موقف معادٍ للكويت". لكن المصدر المسؤول استدرك بالقول إن "الأمور لا تزال جيدة حتى الآن".
واعترف المسؤول الكويتي بأن المناوشات التي حصلت أخيراً بين السفير الكويتي في واشنطن، سالم الصباح، ومستشار الرئيس الأميركي وصهره، جاريد كوشنير، "خارج أوقات العمل"، حصلت "بسبب موقف الكويت من صفقة القرن التي نرفضها رفضاً قاطعاً". وكشف أن الإدارة الأميركية أوضحت للكويت في اتصالات شفهية بأن "الموقف الذي تتردد أصداؤه في أميركا أحياناً ضد الكويت لا يعكس وجهة نظر البيت الأبيض". وعن هذا الموضوع، جزم المسؤول في الخارجية الكويتية بأن "موقفنا واضح، وعبّر عنه وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله والوزير صباح الخالد الصباح، بأنه لا تنازل عن الحق الفلسطيني ولا عن القدس كعاصمة لفلسطين".
ورفض المصدر الكويتي الإفصاح عن مصدر تمويل الحملات التي تطاول الكويت في الولايات المتحدة، مؤكداً أنه "ليس مخولاً بالحديث عن هذه الأمور". لكن الباحث لا يحتاج لعمل مجهد لكي يعرف أن الإمارات تموّل علناً "معهد الدفاع عن الديمقراطيات" منذ التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران في منتصف عام 2015.
وأشارت رسائل البريد الإلكتروني المسربة للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، إلى علاقة وطيدة تجمع إمارة أبوظبي بهذا المعهد اليميني الصهيوني الذي يتبوأ كاتب المقال المحرض ضد الكويت (شانذر)، سدة نيابة الرئاسة فيه. كما أن "معهد الخليج العربي" يحظى بدعم مالي من الإمارات والسعودية أيضاً.
وقال الأكاديمي في جامعة الكويت، الباحث السياسي عبدالرحمن المطيري، لـ"العربي الجديد"، إن موقف الكويت من القضية الفلسطينية والحديث الدائم عن رفض أي صفقة تمس القدس كعاصمة لفلسطين، نابع من اعتقاد القيادة الكويتية بالحق الفلسطيني أولاً وبأنه لا يمكن للإمارات والسعودية أن تتحكما في منظومة مجلس التعاون الخليجي وتجبرا بقية الدول على محالفة من يريدان ومعاداة من يريدان، لأن هناك، من وجهة نظر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، عواقب وخيمة في حال إشعال فتيل حرب أو مواجهة اقتصادية وسياسية مع إيران، خصوصاً أن الكويت تملك حدوداً مفتوحة وطويلة مع العراق.
وأكد المطيري، الذي يساهم في إدارة منظمة كويتية مدنية تنشط في قضايا عروبة القدس، والتي تحظى بدعم حكومي مادي لأنشطتها، أن "خلاصة الأمر تفيد بأن صفقة القرن بالنسبة للكويت موضوع لا نقاش فيه، من الناحية السياسية ومن الناحية الاستراتيجية".
وفي إطار الضغوط الخليجية على الكويت، فتحت السلطات السعودية من جديد ملف الحدود المشتركة والخلافات النفطية للحقول المشتركة بين البلدين، والتي توقفت عن العمل بقرار سعودي مفاجئ عام 2014. ويوحي السلوك السعودي حول هذا الموضوع وكأن الرياض تضغط على الكويت مطالبة إياها بموقف أكثر حزماً تجاه إيران. وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الكويتية لم تؤكد أو تنفِ هذه الفرضيات، فإن رئيس مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية سامي الفرج، وهو مركز حكومي رسمي، قد صرح بأن على الكويت أن تعيد النظر في اتفاقية العقير التي وقّعها البريطانيون رغم أنف الكويتيين عام 1922 واقتطعوا فيها ثلث أراضي الكويت وسلموها للسعودية، وأن تلجأ الحكومة الكويتية للقضاء الدولي، على حد تعبيره.
ومنذ نجاح الكويت في الحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي مطلع العام الحالي، وقفت مراراً في وجه المواقف الأميركية ضد الشعب الفلسطيني وحركة "حماس"، كما طرحت مشاريع قرارات إدانة للجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة داخل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، في مواقف متسقة مع سلوك كويتي ليس بجديد، لكنه يتجدد بين الحين والآخر مثلما فعل رئيس مجلس الأمة المنتخب مرزوق الغانم عندما طرد الوفد الإسرائيلي من اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي الذي كان يرأسه العام الماضي. وتتمتع حركة "حماس" بوجود في الكويت، إذ يعيش جزء من عائلات كوادرها فيها، كما أن الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة خالد مشعل زار الكويت مرات عدة، حتى بعد إدراج السعودية والإمارات للحركة على قوائم الإرهاب الخاصة بها.
لكن قبل أيام، وصلت حملة التحريض السعودية-الإماراتية ضد الكويت إلى الإعلام الأميركي، فوصف كاتبان أميركيان محسوبان على اللوبي المموّل خليجياً في أميركا، في مقالة مشتركة لهما في صحيفة "نيويورك بوست"، الكويت بأنها عقبة في سبيل بناء ترامب لجبهة موحدة بين الخليج وإسرائيل لمواجهة إيران، مع ما يترتب عن ذلك إما من خضوع الكويت أو تعرضها لنار غضب ترامب، على حد تعبير جوناثان شانذر، نائب رئيس "معهد الدفاع عن الديمقراطيات"، وفارشا كودفايور من "معهد دول الخليج العربي" في واشنطن، وهما مركزان تدعمهما أبوظبي ماليا.
وقال الكاتبان المعروفان بعدائهما لإيران وارتباطهما الوثيق بأبوظبي، إن الكويت تحاول الوقوف على الحياد بين الولايات المتحدة وإيران، ولا تريد أن تعترف بإسرائيل كشريك لها في الحرب على إيران، وإن النظام الكويتي نظام معادٍ لإسرائيل ويسمح للسلفيين و"الإخوان المسلمين" بممارسة أنشطتهما المعادية لليهود على أراضيه، بحسب زعمهما، كما أن لها "سجلاً سيئاً في دعم الإرهاب" على حد تعبير شانذر وكودفايور.
وبدت أجواء الانزعاج واضحة على دوائر صناعة القرار في وزارة الخارجية الكويتية، التي تعرضت قطاعاتها المختلفة للترهيب السياسي على خلفية عدد من القضايا، على رأسها عضوية مجلس الأمن والقضية الفلسطينية، وحصار قطر والمصالحة الخليجية، والحرب في اليمن، وفق حديث مصدر دبلوماسي رفيع المستوى داخل وزارة الخارجية لـ"العربي الجديد". وقال المصدر إن "هناك حرباً قذرة تُشن على الكويت في أروقة جماعات الضغط في واشنطن للضغط على ترامب شخصياً وإجباره على اتخاذ موقف معادٍ للكويت". لكن المصدر المسؤول استدرك بالقول إن "الأمور لا تزال جيدة حتى الآن".
ورفض المصدر الكويتي الإفصاح عن مصدر تمويل الحملات التي تطاول الكويت في الولايات المتحدة، مؤكداً أنه "ليس مخولاً بالحديث عن هذه الأمور". لكن الباحث لا يحتاج لعمل مجهد لكي يعرف أن الإمارات تموّل علناً "معهد الدفاع عن الديمقراطيات" منذ التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران في منتصف عام 2015.
وأشارت رسائل البريد الإلكتروني المسربة للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، إلى علاقة وطيدة تجمع إمارة أبوظبي بهذا المعهد اليميني الصهيوني الذي يتبوأ كاتب المقال المحرض ضد الكويت (شانذر)، سدة نيابة الرئاسة فيه. كما أن "معهد الخليج العربي" يحظى بدعم مالي من الإمارات والسعودية أيضاً.
وقال الأكاديمي في جامعة الكويت، الباحث السياسي عبدالرحمن المطيري، لـ"العربي الجديد"، إن موقف الكويت من القضية الفلسطينية والحديث الدائم عن رفض أي صفقة تمس القدس كعاصمة لفلسطين، نابع من اعتقاد القيادة الكويتية بالحق الفلسطيني أولاً وبأنه لا يمكن للإمارات والسعودية أن تتحكما في منظومة مجلس التعاون الخليجي وتجبرا بقية الدول على محالفة من يريدان ومعاداة من يريدان، لأن هناك، من وجهة نظر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، عواقب وخيمة في حال إشعال فتيل حرب أو مواجهة اقتصادية وسياسية مع إيران، خصوصاً أن الكويت تملك حدوداً مفتوحة وطويلة مع العراق.
وأكد المطيري، الذي يساهم في إدارة منظمة كويتية مدنية تنشط في قضايا عروبة القدس، والتي تحظى بدعم حكومي مادي لأنشطتها، أن "خلاصة الأمر تفيد بأن صفقة القرن بالنسبة للكويت موضوع لا نقاش فيه، من الناحية السياسية ومن الناحية الاستراتيجية".
وفي إطار الضغوط الخليجية على الكويت، فتحت السلطات السعودية من جديد ملف الحدود المشتركة والخلافات النفطية للحقول المشتركة بين البلدين، والتي توقفت عن العمل بقرار سعودي مفاجئ عام 2014. ويوحي السلوك السعودي حول هذا الموضوع وكأن الرياض تضغط على الكويت مطالبة إياها بموقف أكثر حزماً تجاه إيران. وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الكويتية لم تؤكد أو تنفِ هذه الفرضيات، فإن رئيس مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية سامي الفرج، وهو مركز حكومي رسمي، قد صرح بأن على الكويت أن تعيد النظر في اتفاقية العقير التي وقّعها البريطانيون رغم أنف الكويتيين عام 1922 واقتطعوا فيها ثلث أراضي الكويت وسلموها للسعودية، وأن تلجأ الحكومة الكويتية للقضاء الدولي، على حد تعبيره.