مع ختام مؤتمر مصر الاقتصادي أمس، والذي عقد في مدينة شرم الشيخ على مدار الأيام الثلاثة الماضية، ما زال التضارب يحيط بالأرقام الحقيقية للاستثمارات والاتفاقات التي تعاقدت عليها مصر، وكان أبرز ما لفت الانتباه أن ضخامة الأرقام المعلنة للاتفاقات والتي تخطت 200 مليار دولار، حسب تقارير إعلامية مصرية، ترجع معظمها إلى مذكرات تفاهم واتفاقات مبدئية لا يمكن احتسابها ضمن المشروعات التي تم الاتفاق عليها بشكل نهائي، حسب خبراء
ومسؤولين.
وفي هذا الإطار، كشف وزير الاستثمار المصري، أشرف سالمان، في ختام أعمال المؤتمر أمس، أن القيمة الإجمالية لاتفاقات الاستثمار والمنح والمساعدات التي وقعتها مصر حتى الآن خلال المؤتمر تبلغ 38.2 مليار دولار، مشيراً إلى أن المبلغ يتضمن 33 مليار دولار استثمارات و5.2 مليارات دولار منحا ومساعدات أوروبية، ولكنه لا يشمل 12.5 مليار دولار تعهدت بها السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، حسب تصريحاته.
وقال سلمان إن قيمة مذكرات التفاهم الموقعة حتى الآن 92 مليار دولار، لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة الاتفاقات النهائية. وهو ما يؤكد أن الأرقام التي تم الإعلان عنها خلال أول يومين من المؤتمر لم تكن دقيقة ومبالغ فيها، وأقرب للدعاية الترويجية، حسب محللين.
وأكد الخبراء أنه على الرغم من نجاح مصر في الحصول على تعهدات من دول التعاون الخليجي بودائع واستثمارات بنحو 12.5 مليار دولار بواقع 4 مليارات دولار لكل من السعودية والكويت والإمارات وعمان، إلا أنهم أكدوا أن معظم حزمة المساعدات الخليجية عبارة عن اتفاقات مبدئية، باستثناء ثلاثة مليارات دولار وديعة بالبنك المركزي المصري، منها ملياران من الإمارات ومليار من السعودية.
وأكد الخبير الاقتصادي المصري عبد الحافظ الصاوي، لـ "العربي الجديد" أن الودائع الخليجية البالغة ثلاثة مليارات دولار التي ستودع في البنك المركزي المصري، ستؤدي إلى دعم الاحتياطي الأجنبي لمدة شهرين أو ثلاثة شهور على أحسن التقديرات، ثم تعود مصر لتعاني مرة أخرى من نقص النقد الأجنبي، بالإضافة إلى أن هذه الودائع يمكن استردادها مستقبلاً.
وأوضح الصاوي أن الاحتياطي يجب أن يزيد عبر ارتفاع إيرادات مصادر الدخل الرئيسية، حتى يتمكن من تغطية احتياجات ستة أشهر كحدود أمان.
وبدأ مؤتمر شرم الشيخ الجمعة الماضية، بمشاركة 80 دولة، من مختلف دول العالم بالإضافة إلى 25 منظمة إقليمية ودولية، و2500 مشارك و775 شركة في المؤتمر، بحسب مسؤولين بالحكومة المصرية.
اقرأ أيضاً: مصر: اتفاقات تتجاوز 100 مليار دولار منها مشروعات سابقة
وبلغ حجم مذكرات التفاهم والاتفاقات التي أعلن عنها خلال الأيام الثلاثة، أكثر من 200 مليار دولار، حسب تقديرات وسائل الإعلام المصرية، وكان أحد آخر الاتفاقات التي تمت أمس، ما أعلنه وزير الإسكان المصري، عن توقيع مذكرات تفاهم لأربعة مشاريع عقارية وسياحية بإجمالي 12.7 مليار دولار.
وقال الوزير إنه تم توقيع مذكرة تفاهم مع ماونتن فيو المصرية وسيسبان القابضة السعودية لإقامة مشروعين عقاريين، الأول في القاهرة الجديدة.
كما وقعت الوزارة مذكرة تفاهم مع بالم هيلز المصرية لإقامة مشروع عمراني متكامل في القاهرة الجديدة، باستثمارات ثلاثة مليارات دولار.
ووقعت وزارة الإسكان مذكرة أخرى مع اتحاد شركات عربية؛ لإقامة مدينة سياحية في
السادس من أكتوبر على مساحة 557 فدانا وباستثمارات أربعة مليارات دولار، وستضم
المدينة ثلاثة فنادق عالمية.
وأوضح الوزير أن كل المشروعات التي جرى توقيع مذكرات تفاهم لها أمس، تشارك الحكومة فيها بالأرض مقابل نسبة من العائد الذي قال إنه لن يقل عن 24%.
وقال وزير الإسكان إن شركة أنشئت خصيصا ستكون المطور الرئيسي لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي تم توقيع عقده أول أمس مع شركة ايجل هيلز التي يقع مقرها في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، بتكلفة 45 مليار دولار للمرحلة الأولي.
وأضاف الوزير لرويترز على هامش المؤتمر شرم الشيخ أن تلك الشركة ستتولى تمويل المشروع بشكل رئيسي، بينما ستشارك الحكومة المصرية بجزء من التمويل.
وامتنع مدبولي عن الكشف عن مؤسسي الشركة الجديدة أو أي تفاصيل أخرى عن المشروع.
لكن محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية أبلغ وسائل إعلام مصرية أنه أسس الشركة مع مستثمرين آخرين "من المنطقة العربية، ونحن أصحاب رأس المال". وقال العبار إن إجمالي تكلفة المشروع المصري تبلغ نحو 90 مليار دولار.
وفي مجال الطاقة، أكد وزير البترول المصري شريف إسماعيل، أول أمس، أن مصر وقعت اتفاقية مع شركة "بي.بي" البريطانية للنفط بقيمة 12 مليار دولار، وكانت الحكومة أعلنت العام الماضي عن نفس الاتفاق.
كما وقعت شركة ماجد الفطيم الإماراتية مذكرة تفاهم مع مصر لضخ خمسة مليارات جنيه (حوالي 655.3 مليون دولار) في ثمانية مشروعات خلال خمس سنوات.
وحسب خبراء، تعكس ضخامة مذكرات التفاهم، وعدم إبرام معظم المستثمرين عقود اتفاقات نهائية إلى حالة الترقب حتى استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في مصر.
وتعاني مصر من تحديات اقتصادية على إثر الاضطرابات السياسية والأمنية منذ انقلاب الجيش
في 3 يوليو/تموز عام 2013، الذي أطاح بمحمد مرسي أول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير عام 2011، وتصاعدت حدة الفوضى الأمنية والتفجيرات في العاصمة والعديد من المحافظات خلال الفترة الأخيرة؛ والتي سبقت أيام انعقاد المؤتمر أيضاً.
وقد أثرت الاضطرابات على الاقتصاد المصري، بعد تراجع إيرادات معظم القطاعات، ومنها السياحة وتحويلات العاملين بالخارج، ما أدى إلى زيادة عجز الموازنة في العام المالي الماضي إلى نحو 253 مليار جنيه، واضطرار البلاد إلى الاقتراض حيث أدى ذلك إلى زيادة إجمالي الديون المحلية والخارجية إلى نحو 2.3 تريليون جنيه.
وفي هذا الإطار قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته بختام مؤتمر مصر الاقتصادي إننا نحتاج من 200 إلى 300 مليار دولار لكي نبني مصر بشكل جيد.
اقرأ أيضاً: مصر تخفض حصيلة اتفاقات مؤتمرها الاقتصادي لـ38.2 مليار دولار