وسيشهد، اليوم، عودة أردوغان بشكل رسمي لعضوية الحزب، وذلك بعدما سمحت التعديلات الدستورية للرئيس بالتخلي عن حياديته الحزبية بمجرد تمرير التعديلات.
وعلى الرغم من أن أردوغان استمر في إدارة الحزب عبر القنوات الخلفية سواء في عهد قيادته من قبل رئيس الوزراء السابق، أحمد داود أوغلو، أو في عهد رئيس الوزراء الحالي، بن علي يلدرم، تشير التسريبات إلى أن عودة أردوغان لزعامة الحزب بشكل رسمي بعد المؤتمر الاستثنائي الثالث الذي سيعقد في 21 من مايو/أيار الحالي، ستفتتح الحقبة الثانية لأردوغان، والتي من المنتظر أن تترافق مع تغييرات واسعة في بنية الإدارة التنظيمية سواء على مستوى البلديات أو على مستوى الحزب، تمهيداً للانتخابات البرلمانية المقررة في بداية عام 2019 أو الانتخابات الرئاسية في نهاية العام ذاته، والتي سيليها الانتقال الرسمي نحو النظام الرئاسي.
ومع أن الإصلاحات الحزبية السابقة في "العدالة والتنمية" لطالما أصابت الكوادر في الولايات بـ"خيبة أمل"، إلا أن الآمال انتعشت هذه المرة أيضاً، بإمكانية كون الإصلاحات الجديدة أكثر شمولاً، وأكثر محاولة لتلبية تطلعات الكوادر، لناحية نوعية القيادات الجديدة للأفرع أو في البلديات وحتى على مستوى طريقة اختيار النواب، والتي كانت غالباً تتم بطريقة مركزية من أنقرة، وإن كانت تأخذ بعين الاعتبار ما يطلق عليه في العدالة والتنمية "التمايل" أي "رغبة غالبية الكوادر" لكنها لم تكن تتم عبر الانتخابات، كما هو الحال في السنتين الأخيرتين في صفوف الشعب الجمهوري.
على خطٍ موازٍ، يبدو أن تبعات التعديلات الدستورية بدأت تأخذ مفاعيلها على الثقافة السياسية الداخلية، ورغم أن سياسات الكتل البرلمانية المتجاوزة للأحزاب لم تنجح بعد الانتخابات العامة في يونيو/حزيران 2015، عندما حاول زعيم "الشعب الجمهوري"، كمال كلجدار أوغلو، تشكيل كتلة برلمانية معارضة تتولى تشكيل الحكومة، بسبب رفض "الحركة القومة" التعاون مع "الشعوب الديمقراطي"(الجناح السياسي للعمال الكردستاني).
لكن الكثير من المراقبين يرون بإمكانية تحويل السياسة الداخلية من سياسة الأحزاب إلى سياسة الكتل البرلمانية التي تتوافق وتختلف ويعاد تشكيلها بحسب الموضوع المطروح للتداول، إلا أن ذلك يصطدم، ربما، باستحالة ضم قواعد "الشعوب الديمقراطي" مع "الحركة القومية".
وفيما بدا دفعاً نحو تكوين سياسة الكتل السياسية، في سبيل الحفاظ على الأصوات الرافضة للتعديلات الدستورية بقيادة الشعب الجمهوري، خرج الزعيم السابق للأخير، دينيز بايكال، يوم أمس الإثنين، على إحدى القنوات التركية الخاصة، مطالباً كلجدار أوغلو، إما بالترشح لمنصب الرئاسة والعمل على خطاب سياسي يحافظ على هذه الكتلة، تمهيداً للانتخابات الرئاسية، أو إفساح المجال لشخصية أخرى من الحزب، تقوم بعمل ذلك، على أن تستقيل هذه الشخصية من زعامة الحزب في حال فشلت في الوصول إلى سدة الرئاسة، الأمر الذي يعتبر سابقة في تاريخ الثقافة السياسة الداخلية، فاستقالة أو إقالة زعماء الأحزاب تعتبر أمراً نادراً في الحياة السياسة التركية.
وقال بايكال: "إلى جانب السياسة المحلية، يكون للسياسة على المستوى القومي هدف واحد وهو رئاسة الجمهورية، وهذا يتطلب طرازاً سياسياً يقوم على فهم يستهدف تكبير كتلة 49 بالمئة الرافضة للتعديلات الدستورية، علينا أن نفهم أن الحزب (الشعب الجمهوري) غير قادر على تجاوز نفسه".
واقترح بايكال البدء بالعمل على حملة انتخابية لرئاسة الجمهورية، منذ الآن، تستهدف الحفاظ على الكتلة الرافضة للتعديلات، بوضع برنامج انتخابي يقوم على تلبية مطالب هذه الكتلة لناحية تخفيض صلاحيات الرئيس في التعديلات الدستورية، بالقول: "الآن سيكون النضال لأجل استخدام الصلاحيات التي منحتها التعديلات الدستورية للرئيس، لكن هذا الهدف سيكون لتحقيق هدف آخر، وليس لاستخدام هذه الصلاحيات، وباعتبار أن الدستور الحالي غير مقبول ويحتاج إلى تغيير، فإن المرشح سيأتي بوعود تؤكد أنه لن يكون من يستخدم صلاحيات الرجل الواحد، بل لإنشاء دستور جديد لا يكون فيه نظام حكم الرجل الواحد".
وخيّر بايكال زعيم الشعب الجمهوري، كلجدار أوغلو، بين أن يعلن نفسه مرشحاً لمنصب الرئاسة أو أن يترك منصبه في زعامة الحزب للمرشح الرئاسي المقبل، قائلاً: "إن قال رئيس الحزب إنه مرشح لرئاسة الجمهورية، فإنه بطبيعة الحال سيكون المرشح، ولكن بطبيعة الحال هذا غير كافٍ، لابد من تطوير العلاقات مع الشركاء في ائتلاف رافض للتعديلات الدستورية، والقرار الأول المهم هو ذاك الذي سيتخذه رئيس الحزب، إن قال، إنه المرشح لمنصب الرئاسة، فإن عملية البحث عن مرشح ستنتهي، وسيبدأ العمل على جعل المرشح مقبولاً للمجتمع، وعلينا أن نبذل هذه الجهود لمدة عامين، إن 49 بالمئة ستذهب، وإن طريقة الحفاظ على هذ الكتلة تتم بهذا الشكل".
وتابع الزعيم السابق، إن "رفض رئيس الحزب الترشح لمنصب الرئاسة، فلابد من الدعوة لعقد مؤتمر استثنائي لاختيار المرشح الذي سيكون رئيس الحزب".