حقل البطيخ

24 يونيو 2015
مروان قصّاب باشي / سورية
+ الخط -

ثمَّة شارعٌ في هافانا يُسمَّى شارع المرارة، لا أحد في هذا الشارع فوجئ بمذاق الجنة البغيض.

* بابلو مدينا


الريحُ بين الجبال
الكلابُ مربوطة
الأرضُ تُمسك بالأشجار جيِّداً
الأسوارُ تحبس الحدائقَ خلفها
الشعلةُ أسيرةُ الشمعة
الآنيةُ في خزائن المطبخ
الماءُ في المواسير
الزمنُ داخلَ الساعات
البلدانُ نائمةٌ في الخريطة
المجانينُ في عنابرهم
النملُ في ثقوبه
الكواكبُ في مداراتها
الكتبُ في خزائنها
السفنُ في المرافئ
الدمعُ في العيون
القهوةُ في دلالها
الملاكان مقيَّدان على الكتف
الأُظفرُ في الأصبع
الجواربُ في الأدراج
القطاراتُ على السكك
الكحلُ على العيون
أقلامُ الشفاه في مكامنها
الملابسُ على الحبال
الجنودُ في ثكناتهم
البشرُ في حظائرهم
المرضى في أسرتهم
القملُ في فروةِ الرأس
المفاتيحُ في الأقفال
قطعُ القرميدِ على السقفِ متشابكةٌ
النهودُ في حمَّالاتِ الصدر
الفيلةُ في موطنها
قرنُ وحيدِ القرنِ مثبَّتٌ بشكلٍ جيِّدٍ على الجبهة
الضفادع في بُحيرتها
البطيخ في حقله
الأقلامُ في المبراة
الحبرُ في الأقلام
القلبُ في الصدر
الأمواتُ تحت التراب
الوترُ في القوس
الديكتاتورُ على كرسيه
السجائرُ في المنفضدة
اللهُ على عرشه
الكونُ في قبضة الله
الرصاصةُ في ماسورة البندقية
كلُّ شيءٍ مقيَّدٍ
أنا الوحيدُ الطليقُ وذلك يرعبني.

***

أُطفئ شمعتك
ضع مخدَّة الريح تحت رأسك ونم
لن يعثرَ عليكَ أحدٌ
لا تُمسك قلماً، هذا سلاحٌ خطيرٌ
وأنت متعبٌ.

***

في طفولتي كانت تستفزِّني ثلاثةُ أشياء:
بيتُ الحلزون الفارغ
نباتُ الفطر
الأنوفُ الكبيرة.

***

نحن نتقزَّم
ظلالنا تتعملَق.

***

مجدٌ متكرِّرٌ
أعوي وأبولُ على ظلِّي.

***

ضدَّ الهواء
ضدَّ الماء
ضدَّ التراب
أنحازُ للنار .

***

أنا يدُ مطرقةٍ عمياءَ تدمِّرُ ما في طريقها
لا أتقنُ غير الاهتزاز.

***

كلُّ ما يخيفنا يَصلح أن يكون إلهاً.

***

في تلك النقطةِ
يموت الزمنُ
تهرمُ الفيلةُ
تتحطَّمُ المجرَّاتُ
تتوقَّف القلوبُ عن النبضِ
العذابات تتجمد
المشاعرُ تبردُ
البراكينُ تخمدُ
المدنُ تختفي
يخفتُ صوتُ العالم
ينامُ البحر
لا تُبحرُ الفقمات
في تلك النقطة التي أعرفها جيِّداً

***

ـ إنَّك تُسرع نحو نهايتك

ـ وهذا ما أردتَه تماماً.

***

على قمَّةِ جبلٍ، الآلافُ يتحلَّقون حول تمثال إلهٍ مذهولين
يدخِّنون معاً الماريغوانا.

***

شرطُ دخولِ ملكوتِ الصمتِ أن تقطعَ لسانكَ بشفرةٍ
وتُلقيهِ في صحنٍ أمامَ آلهةِ الصمتِ

***

ليسَ عبثاً أن يخترعَ البشرُ آلهةً للحربِ والتدمير
إنَّهم غاضبون ويائسون .

***

نسهر طوال الليل
نما الشيبُ بسرعةٍ
لا بدَّ لشيءٍ ما أن يضيءُ الظلام.

***

أحتاجُ الخمسمائة حاسَّةٍ لوصفِ حَلمةِ نهدٍ مُتأهِّبةٍ.

***

أريدُ أن أكونَ رجلاً بوجهٍ محدَّدٍ
لستُ الوحيدَ الذي يُقاتل من أجل استرداد تفاصيل وجههِ.

***

أُشير بيديَّ إلى قمرٍ مُكتمل ٍكي أُسكتَ الطفل الباكيَ
حقّاً إنَّه جميلٌ

كيف لم أنتبه له من قبلُ.

***

سنعودُ للديار
جميلٌ أن تصدِّق أكاذيبكَ ونظرات كلبٍ مشرَّدٍ.

***

باعةٌ جوَّالون يبيعون قلوباً قديمةً عليها الصدأُ وختمُ إبليس
لا أحدَ يُريد شراءَ قلبٍ عليه ختمٌ إلهيٌّ
تذكَّرتُ تعليق أحدهم: نوحٌ جمع حوله في تسعمائة سنة أربعة عشر رجلاً
هيفاء وهبي تجمعُ الآلاف في ليلةٍ.

***

ملك يتغوَّط
كلُّنا يعرفُ صعوبةَ هذه الخطوةِ.

***

لستُ الكائن الذي توقَّف حُلُمه عن النمو
أنا كائنٌ أوقفني حلمي عن النمو.

***

الشعر لا يوقف آلاماً
إنه يؤجِّجُها
انتهى شهر العسل مع هذا العالم
الفيلةُ تطلق النار من خراطيمها على قمرٍ لم يعد يثير الدهشة.

***

صورةُ فرعون تتصدَّر الصفحةَ الأولى للجريدةِ اليوميَّةِ منذ ثلاثة آلاف سنة
أنا لا أقرأ الصحف

***

أُجرجر نفسي بعيداً عن أضواء المدن
يحتشدُ الليلُ خلف النافذةِ
من غليوني تتدَّفق الأشباحُ البيضاءُ
أحبُّ هذا المكان.

***

باحَ لي ملاكٌ جائعٌ بكلمةِ السر للصعودِ
أعطاني سُترتَهُ
مقابلَ شطائر نقانق التهمَها وهو يُهمهم:
(على هذه الأرض ما يستحق الحياة).

***

أتشظَّى إلى قطعٍ صغيرةٍ ليسهل عليَّ الضياعُ في هذا العالم.

***

بفضل طفل أطلق طائرة ورقية تمكنت السماء من النهوض مرة أخرى.

***

أسيرُ في جنازةِ زرافةٍ اصطدمَ رأسُها بجسرٍ أثناء نقلِها في شاحنةٍ
لا ترفع رأسكَ كثيراً في هذا العالم.

***

كنوعٍ من العلاجِ:
تشمَّم رائحةَ ورقِ كتابٍ قديم
ضع قدميك في ماء البحر
اجلب زجاجةً من ماء البحرِ وضعها أسفل مخدَّتك
لا تقترب من الشعراءِ
لا تصعد هذا السلَّم، هناك وحشٌ في الأعالي
قدِّم الطعامَ للبغلِ الأعورِ الذي يجرُّ السماءَ ليُسرعَ في عمله
لامِسِ الأرضَ وسر حافياً، الترابُ يحنُّ للترابِ
أخرجِ الفيلَ الأسودَ من دارِ الأيتامِ وخذه في نزهةٍ
ابتعد عن الجمال الكامل
كن فردةَ حذاءِ الريح المسافرةِ
حُلَّ سلسلةَ الجبالِ الميِّتةِ وأنزلها عن ظهرك
تتبَّع رائحةَ النساءِ وأنت تُغمض العينين
أنت لست طبيباً، لا تلمس جراحَ الكونِ
اشترِ ماكينةً لتحويلِ الكلماتِ إلى نقانق
ارسُمْ خرائطَ سريَّة للهروبِ من هذا العالم
عانقْ شجرةَ سروٍ واربتْ على ساقِها خمسَ مراتٍ في اليوم
عاملِ العالمَ على أنَّه أعمى ولا تكُن عصاه،  اتركه يتخبَّط
ادعَك حَلَمة نملةٍ
ساعدِ العالمَ في التوازن على قضيبِ برغوثٍ
ضعْ أحمرَ الشفاهِ على فمِ أُنثى صرصورٍ
أُقنعُ بعوضةً بأنَّ مؤخِّرتها أجملُ في بنطال الجينز
غازل ردف ذبابةٍ سوداءَ
تحسَّس بمتعةٍ فخذ عثَّةٍ
لا تذهب لأسواق النخاسة وحفلات الشعراء
الورودُ لا تتعاملْ معها
القبور لا تزرْها
افرض حظراً على مخترعات البشر
غَطِّ الوجودَ بلاصقٍ أسودَ
حطِّم حباتِ الدواءِ تحت قدمكِ
مزّق الخارطةَ في جيبكَ
انزع إبرةَ البوصلةِ
أعطِ حذاءكَ للإسكافيِّ
شحِّم وزيِّت قلبكَ
اهجرْ مدنَ البشرِ
اندسَّ في حقلِ عبَّادِ الشمسِ وتعلَّم منه كيفَ ترسمُ اتِّجاهَ حياتك هازئاً بالريح
اربط عينيك بعصبةٍ
لا تكن محطَّةً لأيِّ شيءٍ
عشْ دائماً على الحافَّةِ
لا تتناول شيئاً من طحين السماء
في المزهريَّاتِ لا تضعْ وروداً، اتركها فارغةً
احرِقْ مكتبتكَ
تناولِ الكثيرَ من الجبنِ
تمترس في العتمةِ
حين ترى الشمسَ، أطلِقْ ساقيكَ للريح
ستشفى سريعاً.

***

الأوجاعُ
غيرُ المبرَّرةِ
تبدأُ صغيرةً وتتحوَّلُ إلى كابوسٍ
لا يفهمُها أحدٌ
يحركُها الهواء
لا تنامُ
خرساءُ
هي أخطرُ أنواعِ الأوجاعِ
وستكونُ أنت قشرةٌ رقيقةٌ تغطِّي أشياءَ فظيعةً تنمو وتتحوَّر في الداخل .

***

في السأمِ الكبيرِ
تقتُل وحشاً كبيراً وتربِّي بدلاً منه عشرةَ وحوشٍ صغيرةٍ
يكفي أن تكون حيّاً
هذا يستدعي وحوشَ الندمِ من أماكن قصيَّةٍ.

***

الشعر هو الملجأُ الوحيدُ الذي يُقتل من فيه
ويظلُّ من في الخارجِ بكاملِ سلامهم.

***

أعقِدْ هدنةً مع الموت
يتركُني أكتبُ وأتركُه يقرأُ
إن لم يُعجبهُ ما أكتبه سيُلغي الهدنةَ
كتبتُ مرَّةً عن زرافةٍ عنقها ملِّمتران
رمقني بغضبٍ:
لا تقلق، جيِّدٌ أنَّك جعلتَها ملِّمترين ستتَّسِعُ لأصابعي.

***

الجدرانُ أعظمُ اختراعٍ، السقوفُ أسوأُ اختراعٍ .

***

ماذا تعرفينَ:
عن الحبِّ الصامتِ؟
عن العيشِ الصامتِ؟
عن الموتِ الصامتِ؟
عن الولادةِ في عشِّ نسرٍ؟
عن الوجوهِ التي تختفي للأبدِ؟
عن شمسٍ تخرجُ على محكومٍ بالإعدامِ للمرَّةِ الأخيرةِ؟
عن الحياةِ الرماديَّةِ؟
عن معنى أن يبوحَ البحرُ بأسماءِ جميع غرقاهُ؟
عن القفصِ الذي انتصرَ على جميعِ العصافيرِ الحمقاءِ؟
عن التقهقرِ للخلفِ والحياةُ تتقدَّمُ؟
عن الأشجارِ واغتيالِ مرزوق؟
عن مقرَّاتِ المخابراتِ؟
عن هنري ميلر وربيعهُ الأسودَ؟
عن الكلماتِ المسمَّمةِ الطليقةِ؟
عن كيفيَّةِ أن تكون إنساناً وتعيشَ بأحلامِ بغلٍ؟
عن الحياةِ المتبدِّدةِ على سفوح الأشياءِ؟
عن العيشِ في حقلِ القنابلِ الموقوتةِ؟
عن الشمسِ التي تبزغُ من فمِ تنِّين غاضبٍ؟
عن اصطدامِ أحلامِنا بالمجرَّات المحطَّمةِ؟
عن صوتِ مجرفةٍ تُهيلُ الليلَ علينا
أتعرفين أيَّ أوجاعٍ عظيمةٍ تنهضُ عندما تسقطُ الزرقةُ الداكنةُ على تخومِ هذا العالمِ؟
في صحراءِ الروح ِكنتِ نبتةَ الصبَّار الوحيدةَ

***

انظروا إلى وجه هذه النملةِ ملطَّخٌ بالأصباغِ
يا لرمشها الجميلِ.

***

ماتوا
يموتون
سيموتون
أين هم الأحياء؟

***

في عينيك سربُ نملٍ يُطلُّ على العالم
يُخيفهُ الصقيعُ
يتدافعُ للوراء
ما في الروح حبة قمح
يبدأُ النمل في قضمِ حدقتكَ الميِّتة.

***

كوكبةُ أمراءٍ يبولون
يشربون بولهم لشدَّة القداسة.

***

يتوسَّلُ للمارَّةِ
هل رأيتم مسمارَ القنبلةِ؟
لقد أضعتُهُ
يُريهم ثُقب أُذُنهِ
هنا مكانُ المسمارِ.

***

الغربانُ العمياءُ تضربُ بأجنحتها الحادَّةِ جدرانَ القلبِ
تريدُ الخروجَ
هذا هو المؤشِّرُ الوحيدُ على أنَّك حيٌّ.

***

نورُك يخطفُ الأبصارَ
يُضيعُ الطرقاتِ وتفاصيلَ وجهكَ
خفِّف أنواركَ لأراكَ.

***

آهٍ، النومُ!
كيفَ يستطيعُ الجفنُ المجروحُ أن يُطبِقَ على هذا العالمِ المالحِ؟

***

رائحةُ وردةٍ واحدةٍ تعذِّبُ بستانا ً كاملاً
لا تستهن بنفسك.

***

أنت عمودُ رمادٍ يختبئُ تحت رأسٍ مشتعلٍ
النارُ ليست دائماً تحت الرماد.

***

في الفخاخِ المنصوبةِ في غابةِ الليلِ
كنتُ الحيوانُ الوحيدُ الذي عُلِّق.

***

أنا مفتاحٌ صدئٌ فاشلٌ في فتحِ قفلٍ واحدٍ
اليدُ العمياءُ تديرني دائماً في القفلِ الخطأِ.

***

بين اليدِ التي تديرهُ والمفتاحِ والثقبِ والقفلِ والبابِ
سأختارُ أن أكون نقطةَ الزيتِ التي تعطي المعنى لهذه العمليَّة.

***

لتكُن مشيئتُكَ أيُّها المحشورُ بين المفتاحِ وثقبِ القفلِ
سينفتحُ البابُ
لكنَّك تظلُّ عالقاً ترقبُ الخارجينَ والداخلين وتتحاشى رأسَ المفتاحِ المدبَّبِ
غيرُ مأخوذٍ بما تطلُّ عليه الأبوابُ المفتوحةُ.

***

كما يتدخَّلُ جيتارٌ فجأةً لإصلاحِ نغمٍ بدأَ ينفرطُ
تجيءُ عيناكِ لتسند سمائي.

***

أفتح علبةَ كوكا كولا
يخرجُ لي ماردٌ يبدأُ بالعطسِ وشتمي
يحدث هذا حين أبتعد كثيراً عن الشعر.

***

صرصارُ الليلِ يخبِّئُ الكون داخل جبَّتة البنِّيَّة .

***

أن تخترعَ مساحةً متخيَّلةً شفَّافةً
وتعيشَ فيها كشبحٍ زائدٍ
ذلك يعني أنَّك بدأتَ بتعقيدِ الأمورِ
أنتَ خطرٌ على العالم .

***

في الردهةِ المعتمةِ أطفأَ شمعته واختفى .

***

أنت يا من يُحاصرني أرني وجهك لمرَّةٍ واحدةٍ
تُخيفني ظلالكَ المتقافزةُ في العتمة تحت أسواري.

***

أنا جدارٌ أحمقُ
مقابلي مصباحٌ حقيرٌ ماكرٌ
كلُّ ما يمرُّ أمام المصباح يُثير هلعي
حتى النملةُ أحياناً لا يكفي جداري لاستيعاب ظلِّها كاملاً
يكفي أن يكون الجدارُ في المنتصف بين المصباح والكائنات الحقيرة
حركةٌ صغيرةٌ يا الله.

***

أنت صدى كائنٌ آخرُ
هذا العالم صدى عالمٍ آخرَ
الكائنات والعوالم صدى بعضها
لا شيءَ حقيقيَّ.

***

سربُ طيورٍ مهاجرةٍ
عَبَر سماء المدينة
لم ينتبه له أحد.

***

قِطٌّ شبعانُ يتشمَّسُ على سورٍ
هكذا أردتُ أن تكون حياتي.

***

نزَعَ عقارب الساعة
جلسَ يرقُبها فرحاً وهي تتخبَّطُ وتموتُ
الأمرُ أسهلُ ممَّا كان يعتقد.

***

هذا الليل طويلٌ ويتعبني
أنا جدجدٌ أضاع نايه.

***

منذ أربعين سنة أتبع جرس الكبش
وما قادني إلَّا إلى أقذر الحظائر وأصدأ السكاكين
وما ليَ إلَّا أن أتبعه
قد صرتُ هرماً نزقاً تائهاً أكره المغامرات
وبدأتُ أحبُّ رائحة الحظائر.

***

ثملٌ يُجري حواراً عدميّاً بين بيضتيه
اتَّفقت المدارس الأدبيَّةُ على هذا التعريف للشعر.

***

يافطاتٌ تملأُ عواصم بلادي
تعلنُ عن تنزيلاتٍ في أسعارِ القبور
خذ قبراً واحصل على الآخر مجّاناً.

***

لا يملُّ من وضع ورودٌ على القبور المنسيَّة
يخطِّط لمستقبله
يعرف أنَّه وحيدٌ.

***

عصفورٌ ليس به رغبة بالطيران
في السوق يبحث عمَّن  يشتري جناحيه مقابل كرسيٍّ متحرِّكٍ،

***

الغصنُ الجافُّ المقيَّدُ بالأسلاكِ الشائكةِ المبريّ الرأس الذي طُرقَ بقوَّةٍ
ظلَّ يرنو إلى الأشجار حوله
القوَّةُ السريَّةُ والإرادةُ الخضراءُ ونظرتُه الواثقةُ
صنع بنفسه جذوراً
ليس سهلاً أن تعرف من بين الأشجار أيُّها كان غصناً جافّاً طرق بقوَّةٍ وقيَّد بأسلاكَ شائكةٍ
نعم يا مولانا الرومي
(هناك مائة طريقةٍ للسجود ولثم التراب).

***

لسنواتٍ طويلةٍ ظلَّ جارُنا على عتبةِ بيتهِ
في الصيفِ يشربُ الكوكا كولا
في الربيع يأكلُ حبَّاتِ الحمُّصِ الخضراءِ
في الخريف ينامُ
في الشتاء يسعلُ
فقط كان يحدِّق في المارَّة وينتظر الموت
وصلَ التسعين
نبتَ لهُ شعرٌ أسودُ وبدأت أسنانٌ لبنيَّةٌ تؤلمُ لثَّتهُ
افعل له شيئاً يا الله.

***

إلهي
امنحني زهوَ صنوبرةٍ في خريفٍ شرسٍ.

***

منذ أربعين سنة وأنا أحاول تسلُّق نفسي.




(ماناغوا، 2014)


* شاعر فلسطيني مقيم في نيكاراغوا


دلالات
المساهمون