قامت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر بتقديم الدعم للضحايا القطريين المتضررين في قضية التجسس من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة الذين رفعوا دعاوى قضائية ضد شركة "إن إس أو" (التي تعتبر من أكبر وأشهر الشركات في استحداث برامج التجسس على الهواتف الذكية)، وكذلك ضد السلطات الإماراتية التي اعتدت بشكل صارخ على الحق في الخصوصية وقامت بالتضييق على النشطاء الحقوقيين والاعتداء على الصحافيين، ما يمثّل جريمة يحاسب عليها القانون.
وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إنه وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني المسربة التي تم تقديمها أمس الخميس في الدعاوى ضد شركة التجسس "إن إس أو"، فإن المسؤولين الإماراتيين حاولوا التأكد من إمكانية تسجيل المكالمات على هواتف رموز سياسية وإعلاميين وناشطين حقوقيين في دولة قطر.
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن تعاقد أجهزة الأمن الإماراتية مع شركات أمنية إسرائيلية لاختراق أجهزة الهواتف الذكية، بهدف التجسس على مسؤولين قطريين، في مقدّمتهم أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إضافة إلى التنصّت على عدد من السياسيين والصحافيين وشخصيات معارضة ومثقفة.
وعلى الرغم من أن الإمارات لا تقيم علاقات دبلوماسية علنية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الطرفين تربطهما علاقة تعاون أمني وثيقة، كما كشفت الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة الأميركية. فبرنامج التجسّس على الهواتف المحمولة الذي طورته شركة "إن إس أو" الأمنية الإسرائيلية يستخدم كسلاح من قبل إسرائيل، وعليه لا يمكن للشركة أن تبيعه للإمارات من دون موافقة وزير الدفاع الإسرائيلي.
وبحسب الصحيفة، فقد استخدم حكام الإمارات برنامج التجسس الإسرائيلي، محوّلين بشكل سرّي الهواتف الذكية للمعارضين في الداخل والخصوم في الخارج إلى آلات مراقبة.
واعتبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر أن هذه الممارسات تمثّل انتهاكاً صارخاً للحق في الخصوصية واستهدافاً واضحاً للإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان، كما أنها جزء من إجراءات الحصار والاعتداء على حقوق الإنسان التي تمارسها دول الحصار (الإمارات والسعودية، والبحرين، ومصر) على دولة قطر، منذ أكثر من عام.
واستقبلت اللجنة الوطنية في شهر مارس/ آذار الماضي شكاوى من المتضررين في هذه القضية وقامت بتوفير الدعم القانوني لرفع قضايا لدى الجهات المختصة في جمهورية قبرص.
وأكدت اللجنة في الوقت نفسه استمرارها في ملاحقة مرتكبي هذه الانتهاكات بالتنسيق مع المحامين والمنظمات والآليات الدولية، ومن بينها المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان والمقرر الخاص المعني بحرية التعبير وغيرهما.
واستنكرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان اعتداءات دولة الإمارات وانتهاكاتها المستمرة للحق في الخصوصية، وذلك باستخدامها برامج التجسس الإسرائيلية منذ أكثر من عام.
وأكدت رفضها جملة وتفصيلاً هذه الممارسات والخروقات، واعتبرتها انحداراً آخر في منظومة القيم، لتعارضها مع مفاهيم الأخوة وحسن الجوار.
ونشاط مجموعة التجسس الإسرائيلية "إن إس أو" هو اليوم في صلب دعويين قضائيتين تتهمان الشركة بممارسة التجسس غير القانوني، وذلك في إطار مجهود عالمي لمحاربة سباق التسلّح في عالم برامج التجسس.
ورفعت الدعويان في الأراضي المحتلة وقبرص؛ إحداهما من قبل مواطن قطري، وأخرى من قبل صحافيين مكسيكيين وناشطين، كانوا جميعهم أهدافاً لنشاط برنامج التجسس الإسرائيلي.
وتعمل تكنولوجيا برنامج التجسس هذا من خلال إرسال رسائل قصيرة للهاتف المستهدف، على أمل اصطياد صاحب الهاتف إذا قام بالنقر على الرسالة، فإذا فعل ذلك، يجرى تحميل البرنامج، المعروف باسم "بيغاسوس"، بطريقة سرية، ما يسمح للحكومات بمراقبة الاتصالات الهاتفية، والبريد الإلكتروني، ولائحة الأسماء الموجودة على الهاتف، وحتى المحادثات المباشرة (وجهاً لوجه) التي تتم في مكان قريب من الهاتف.
وبالنسبة إلى حالة الإمارات، تُظهر الوثائق المسربة أن شركة التجسس اقترحت رسائل معينة لـ"اصطياد" المستهدفين، وذلك "على مقاس" منطقة الخليج، كمثل "رمضان اقترب – تخفيضات هائلة"، أو "احم إطارات سيارتك من الحر".