حكواتي الجليل عبد عسقول: عمري 200 سنة

11 اغسطس 2014
عبد عسقول على المسرح الفلسطيني (العربي الجديد)
+ الخط -

ورث عبد عسقول ذخيرة من الحكايات عن والده محمود عسقول، الذي ولد في فلسطين العام 1906، وكان مناضلاً ضدّ الاحتلال البريطاني. لُقِّب بالـ"السلك" لأنّ مهمته كانت قطع أسلاك الهاتف والتلغراف، في النضال ضدّ الاحتلال، ما جعله يتنقّل بين بلدات وقرى كثيرة.

يحمل لقب "حكواتي الجليل"، هو اللاجئ الفلسطيني في لبنان، الذي وُلِدَ في مخيم الرشيدية للاجئين جنوب لبنان: "يوم ولادتي ارتفعت أمواج البحر، وكان بيتنا على شاطئ المخيم، فدخلت المياه إلى البيت ما أدّى إلى غرق جزء منه، فحملني أهلي متجوّلين من مخيم إلى آخر، من مخيم برج الشمالي إلى البصّ حتى وصلنا إلى طرابلس، ثم عدنا إلى مخيم عين الحلوة"، يروي لـ"العربي الجديد".

ويضيف: "عندما كنت في عامي السادس وجدتُ أنّه لديّ فكرة عن المخيمات في لبنان. إذ كانت حياتنا عبارة عن تنقّل بسبب صعوبة الظروف الاقتصادية والاجتماعية، لكن لم أكن أعلم من أيّ قرية في فلسطين جاء أهلي. وفي أحد الأيام كنتُ أراقب صيّاد سمك يرمي الشباك في البحر قبالة شاطئ المخيم، فسألني: من أيّ بلد أنتَ في فلسطين. وطبعا لم أجبه لأنّني لا أعرف الجواب، فقال لي: أنا من قرية الزيب التي تقع خلف تلك المرتفعات. وراح يشير إلى منطقة الناقورة.

وعندما عدتُ إلى المنزل سألتُ والدي فأجابني: نحن من قرية سحماتة في شمال فلسطين".

لكن كيف ورث "مهنة" الحكواتي؟ يجيب: "كان والدي صاحب حكايات مميّزة لبراعته في سرد الوقائع، وكان يجتمع الجيران والأقارب في سهرات رمضان ليبدأ والدي بحكايات كنت أحفظها منذ صغري، والآن في جعبتي أكثر من 1700 حكاية فلسطينية أحفظها، وكلّها غير متداولة".

جمع الكثير من الحكايات التي حصلت ما قبل وخلال فترة النكبة، ومن الحكايات المميزة التي يعتزّ بها لأنّها تدلّ على إصرار اللاجئ الفلسطيني على الحياة، أنّ أحد الفتية الرعيان كان يرعى الماشية بجوار مخيم القاسمية جنوب لبنان، وكان كلّ يوم يمرّ شقيقان أمامه، في طريقهما إلى المدرسة، ولم يكن يعلم حينها ما هي المدرسة، فتعرّف إليهما وأعجبته فكرة المدرسة. ثم طلب من والده السماح له بالذهاب إلى المدرسة. لكنّ والده رفض كي يداوم على رعي الماشية. فاتّفق مع أصدقائه أن يعلّموه الدروس يومياً مقابل أن يعطيهم دلوا (سطلا) من الحليب، وبقي على هذه الحال حتّى حصل على الشهادة الابتدائية".

كتب عسقول "المرثية الفلسطينية"، وهي، على ما يقول، اختصار 5000 سنة، ووضعها على المسرح وجال بها بين المخيمات وقرى جنوب لبنان. وفي جعبته حكايات كثيرة تربط بين لبنانيين وفلسطينيين، يدلّل بها إلى قوّة الرباط الثقافي بين جبل عامل في لبنان والجليل في فلسطين: "اكتشفتُ من خلال الحكايات القديمة سبب بُعد المدن الرئيسة في الهلال الخصيب بعضها بعضا ما يقارب 40 كلم، ذلك أنّ الإبل كانت تستريح كلّ 40 كلم، لذلك كانت تُبنى محطة للاستراحة ثم تكبر لتتحوّل إلى بلدات ومدن".

يختم عبد حديثه بالقول إنّ "الحكواتي هو الذي أتى إليّ ولم أقرّر أن أكون حكواتيا. فلباسي ورثته عن والدي الذي ورثه عن والده، جدّي، وأنا أشعر بأنّ عمري 200 سنة لأنّني أعيش كل تلك الحكايات من تاريخ فلسطين".

المساهمون