على الصعيد الشخصي، وفي خضم ما يحدث من حولنا في هذا الكوكب، أستطيع القول، إنّني، على المدى القريب والمتوسط، قد لا أعرف ما الذي أريده من هذه الحياة البائسة، لكنني وبكل تأكيد أستطيع أن أعدد الأشياء التي لا أريدها. كما أنّني أستطيع القول، وحتى الجزم، إنّ الآلاف من الأشخاص حول العالم، الآلاف من أقراني في العمر على الأقل، يشاركونني الأشياء التي لا يريدونها من هذه الحياة.
لا أريد مثلاً، أن أُصنَّف في أي إطار، أقصد أنّني لا أريد أن أُعامل على أساس دين والديّ أو على أساس قوميتيهما. لا أريد أن أكون عبداً لأحد، لبشار الأسد مثلاً؛ لا أريد أن أعيش في كنف نظام أحمق.
لا أريد أن يُغيّب أبناء جيلي عن القصيدة، عن الحياة. لا أريد أن نُبعَد عن أحلامنا، وأن نرسم لأنفسنا أوطاناً في الفراغ. لا أريد من هذا العالم أن لا يأبه بترهاتنا. لا أريد أن تُبنى جدران عالية، ولا أحبّ الأبواب المقفلة. لا أريد أن نصمت، ولا أريد لليلِ أن يقتَل صوتنا.
لا أريد أن يتحكم بقراري أحد، لا حزب، لا جبهة، لا فرد، لا منظَّمة ولا حكومة، لا أريد أن أفقد صوتي بين هذه الأصوات الكثيرة. لا أريد أن أنسى الذلّ الذي عشته مثل الملايين غيري في سوريا الأسد. لا أريد أن أنسى الفساد والظلم. لا أريد أن أنسى لم قامت ثورة الكرامة. لا أريد أن أنسى من قتلونا. لا أريد أن أنسى المجازر: كرم الزيتون، داريا، دوما… إلخ. لا أريد أن أنسى القهر الذي سيأكل هذا العالم الدنيء يوماً ما.
لا أريد أن آكل الآن بيتزا ساخنة، إذ إنّني أفضلها باردة. لا أريد أن يستلم الإخوان المسلمون أو المؤسَّسة العسكرية أيّ سلطة في العالم، حتى لو كانت سلطة فريق كرة قدم في إحدى الحارات الشعبية. لا أريد أن أنسى أن كرة القدم هي من أجمل الأشياء فوق هذه اليابسة. لا أريد أن أقلي البطاطا في بيتي كي لا تبقى رائحة الزيت معشعشةً بين جدران المنزل يوماً أو يومين.
لا أريد أن أسمع فيروز في الصباح، ولا أريد أن آكل المخلل مع الفلافل، كذلك لا أريد أن أتناول مكدوساً محشواً بجوز على الفطور. كما أنّني، بالتأكيد، لا أريد أن أستمع إلى خطب المؤمنين ودعواتهم لي بالتقوى والصلاح. لا أريد أن يبشرني أحدهم بجنة أو بنار، ولا أريد أن أعرف تفاصيل الماسونيّة السريّة.
لا أريد تقييمات العالم ونصائحه. لا أريد وصفات جاهزة للعيش. لا أريد نقوداً، فأنا أعلم أنّ المال مُفسد غرّار وأنّ الإنسان يتأوّل لنفسه ليصوغ ذلته. لا أريد أن أكون في صف الأقوياء، فهؤلاء طغاة يقدّرهم الناس أكثر مما يشفقون على الضعفاء المساكين. لا أريد أن يقتلني أحد عناصر داعش في إحدى المدن التركية، ولا أريد أن يختطفني أحد الملثمين بالسواد. لا أريد أن يكون قلبي مقبرة جماعية كبيرة؛ ربما هذه اللا أريد لن تتحقق لأنّ القلب أُتخم بالجثث.
لا أريد أن أتعثر بالقتلى وبالمنازل المهدمة. لا أريد أن أنتظر قطاراً سنوات طويلة، وأنا ممددٌ على حديد السكة البارد. لا أريد أن أسرق ظلال البشر. لا أريد أن أتابع مباحثات جنيف الفاشلة. لا أريد أن أكتب هذا النص، ولا أريد أن يقرأه أحد أو أن يعلّق عليه أحد. لا أريد أن أستيقظ كلّ صباح منتظراً شمساً لا تشرق في هذا الجزء من الكوكب. لا أريد لهذه الكآبة أن تستمر. لا أريد أن يحكمني عسكريّ عفن. لا أريد لهذا العالم أن يتذكرني حين أموت.
أستطيع أن أعدد الـ "لا أريدات" حتى الصباح، لكن ما الفائدة من كلّ هذه الكلمات؟ ما فائدة كل الكلمات التي نكتبها؟ هل حقاً نساهم في التغيير؟ أودّ أن أصدق هذا. ما "أريده" هنا الآن هو أنّني "لا أريد" أن تطفو هذه الكلمات والمقالات والنصوص في الهواء، وتمّر دون أن تُقرأ أو أن تترك أثراً أو أن تساهم في تغيير عفن هذا الكوكب.
اقرأ أيضاً: حكواتي: عن خوفنا الدائم من الفرح
لا أريد مثلاً، أن أُصنَّف في أي إطار، أقصد أنّني لا أريد أن أُعامل على أساس دين والديّ أو على أساس قوميتيهما. لا أريد أن أكون عبداً لأحد، لبشار الأسد مثلاً؛ لا أريد أن أعيش في كنف نظام أحمق.
لا أريد أن يُغيّب أبناء جيلي عن القصيدة، عن الحياة. لا أريد أن نُبعَد عن أحلامنا، وأن نرسم لأنفسنا أوطاناً في الفراغ. لا أريد من هذا العالم أن لا يأبه بترهاتنا. لا أريد أن تُبنى جدران عالية، ولا أحبّ الأبواب المقفلة. لا أريد أن نصمت، ولا أريد لليلِ أن يقتَل صوتنا.
لا أريد أن يتحكم بقراري أحد، لا حزب، لا جبهة، لا فرد، لا منظَّمة ولا حكومة، لا أريد أن أفقد صوتي بين هذه الأصوات الكثيرة. لا أريد أن أنسى الذلّ الذي عشته مثل الملايين غيري في سوريا الأسد. لا أريد أن أنسى الفساد والظلم. لا أريد أن أنسى لم قامت ثورة الكرامة. لا أريد أن أنسى من قتلونا. لا أريد أن أنسى المجازر: كرم الزيتون، داريا، دوما… إلخ. لا أريد أن أنسى القهر الذي سيأكل هذا العالم الدنيء يوماً ما.
لا أريد أن آكل الآن بيتزا ساخنة، إذ إنّني أفضلها باردة. لا أريد أن يستلم الإخوان المسلمون أو المؤسَّسة العسكرية أيّ سلطة في العالم، حتى لو كانت سلطة فريق كرة قدم في إحدى الحارات الشعبية. لا أريد أن أنسى أن كرة القدم هي من أجمل الأشياء فوق هذه اليابسة. لا أريد أن أقلي البطاطا في بيتي كي لا تبقى رائحة الزيت معشعشةً بين جدران المنزل يوماً أو يومين.
لا أريد أن أسمع فيروز في الصباح، ولا أريد أن آكل المخلل مع الفلافل، كذلك لا أريد أن أتناول مكدوساً محشواً بجوز على الفطور. كما أنّني، بالتأكيد، لا أريد أن أستمع إلى خطب المؤمنين ودعواتهم لي بالتقوى والصلاح. لا أريد أن يبشرني أحدهم بجنة أو بنار، ولا أريد أن أعرف تفاصيل الماسونيّة السريّة.
لا أريد تقييمات العالم ونصائحه. لا أريد وصفات جاهزة للعيش. لا أريد نقوداً، فأنا أعلم أنّ المال مُفسد غرّار وأنّ الإنسان يتأوّل لنفسه ليصوغ ذلته. لا أريد أن أكون في صف الأقوياء، فهؤلاء طغاة يقدّرهم الناس أكثر مما يشفقون على الضعفاء المساكين. لا أريد أن يقتلني أحد عناصر داعش في إحدى المدن التركية، ولا أريد أن يختطفني أحد الملثمين بالسواد. لا أريد أن يكون قلبي مقبرة جماعية كبيرة؛ ربما هذه اللا أريد لن تتحقق لأنّ القلب أُتخم بالجثث.
لا أريد أن أتعثر بالقتلى وبالمنازل المهدمة. لا أريد أن أنتظر قطاراً سنوات طويلة، وأنا ممددٌ على حديد السكة البارد. لا أريد أن أسرق ظلال البشر. لا أريد أن أتابع مباحثات جنيف الفاشلة. لا أريد أن أكتب هذا النص، ولا أريد أن يقرأه أحد أو أن يعلّق عليه أحد. لا أريد أن أستيقظ كلّ صباح منتظراً شمساً لا تشرق في هذا الجزء من الكوكب. لا أريد لهذه الكآبة أن تستمر. لا أريد أن يحكمني عسكريّ عفن. لا أريد لهذا العالم أن يتذكرني حين أموت.
أستطيع أن أعدد الـ "لا أريدات" حتى الصباح، لكن ما الفائدة من كلّ هذه الكلمات؟ ما فائدة كل الكلمات التي نكتبها؟ هل حقاً نساهم في التغيير؟ أودّ أن أصدق هذا. ما "أريده" هنا الآن هو أنّني "لا أريد" أن تطفو هذه الكلمات والمقالات والنصوص في الهواء، وتمّر دون أن تُقرأ أو أن تترك أثراً أو أن تساهم في تغيير عفن هذا الكوكب.
اقرأ أيضاً: حكواتي: عن خوفنا الدائم من الفرح