كشف صندوق النقد الدولي، اليوم الخميس، عن تعهد الحكومة المصرية للصندوق بالوصول بأسعار الوقود إلى سعر التكلفة بحلول 15 يونيو/حزيران 2019، مع استثناء أسعار الغاز الطبيعي، والمازوت المستخدم في توليد الكهرباء، باعتبار أن أسعار منتجات الوقود في مصر من بين أدنى المعدلات في العالم، على الرغم من الزيادات الكبيرة في أسعار المحروقات منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
ووقعت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي اتفاقاً مع الصندوق قبل نحو عامين للحصول على قرض بالغ إجماليه 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، في ضوء النقص الحاد في احتياطي العملات الأجنبية، من جراء تراجع عائدات الاستثمار الأجنبي والسياحة، وفق برنامج إصلاح اقتصادي يشترط تحرير دعم الوقود والكهرباء، وتعزيز الإيرادات العامة للدولة من خلال فرض مزيد من الضرائب، وخفض أعداد العاملين في جهاز الدولة.
وأفاد تقرير للصندوق، بشأن مراجعته الثالثة للبرنامج الاقتصادي المصري، بأن دعم الوقود يفيد الأثرياء بشكل أكبر من الفقراء، في حين يلعب إصلاح دعم الطاقة دوراً رئيساً في ضبط المالية العامة، مشيراً إلى انخفاض فاتورة دعم الوقود من 3.3% إلى 2.7% من إجمالي الناتج المحلي في العالم المالي 2016/2017، مقارنة بالعام المالي الماضي، وانخفاضها إلى 1.8% في العام المالي الجاري.
ورفعت الحكومة المصرية أسعار المحروقات في يونيو الماضي بنسب تصل إلى 67%، للمرة الرابعة بعهد السيسي، بعد زيادتها في يونيو2017 بنسب تصل إلى 55%، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 بنسب تراوحت ما بين 30 و47%، وفي يوليو/ تموز 2014 بنسب اقتربت من الضعف، لتتراوح الزيادة الإجمالية ما بين 400% و500%، علاوة على قفز سعر أنبوبة البوتاغاز المنزلي من 8 جنيهات إلى 50 جنيهاً.
وقال الصندوق إن سعر بيع الوقود للمستهلكين أصبح يمثل نحو 73% من التكلفة الفعلية قبل الضريبة، وذلك بالنسبة للبنزين، والديزل، والكروسين، والمازوت، فيما عدا المازوت المستخدم في توليد الطاقة والمخابز، في ضوء الزيادة الكبيرة في أسعار النفط العالمية خلال العام الماضي، مشيراً إلى تعهد حكومة السيسي بالاستمرار في إصلاحات دعم الطاقة، بعد رفع أسعار الكهرباء بنسب تصل إلى 70% أخيراً.
ورفعت الحكومة المصرية أسعار الكهرباء للاستخدام المنزلي والتجاري بمتوسط 30% في يوليو 2016، تبعتها زيادة أخرى بمتوسط 40% في يوليو 2017، على أن تستمر في الارتفاع للوصول سعر التكلفة بحلول العام المالي 2020/2021، بحسب تعهدات الحكومة لصندوق النقد، وهو ما يضاعف من معاناة المصريين في ظل الزيادات المتوالية في أسعار كافة الخدمات والسلع الأساسية.
وبحسب تقرير المراجعة الثالثة للصندوق، فإن رئيس الوزراء المصري السابق، شريف إسماعيل، وافق في يونيو الماضي، على إقرار آلية لتسعير الوقود بشكل تلقائي، بحيث تستهدف الحفاظ على نسب استرداد سعر التكلفة، وحماية الميزانية من التقلبات في سعر الصرف، وأسعار البترول العالمية، على أن تطبق هذه الآلية بحلول ديسمبر/كانون الأول 2018، وهو الموعد المنتظر للزيادة المقبلة على أسعار الوقود.
وفي هذا الصدد، يقول مصدر نيابي بارز في لجنة الطاقة بالبرلمان المصري، إن هناك صعوبة في إقرار زيادة واحدة على أسعار المحروقات بحيث تصل إلى سعر تحريره بنهاية العام المالي الجاري، متوقعاً إقرار زيادة بنهاية العام الجاري بمتوسط يتراوح ما بين 30% و40%، تمهيداً لإقرار الزيادة الأخيرة على الوقود في برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع إدارة الصندوق في يونيو 2019.
ويضيف المصدر في حديث خاص، أنه من المرجح أن تطاول الزيادة جميع أسعار المواد البترولية، وذلك برفع سعر السولار وبنزين (أوكتان 80) إلى 7.5 جنيهات بدلاً من 5.5 جنيهات للتر، وبنزين (أوكتان 92) إلى 9 جنيهات بدلاً من 6.75 جنيهات للتر، وبنزين (أوكتان 95) إلى 10 جنيهات بدلاً من 7.75 جنيهات للتر، مع رفع سعر أنبوية البوتاغاز المنزلي إلى 80 جنيهاً، وإلى 150 جنيهاً للاستهلاك التجاري.
ونقل تقرير الصندوق عن الحكومة المصرية، قولها إنها "قد تبدأ في تطبيق الآلية الجديدة على بنزين (أوكتان 95) مبكراً، على أن يرتبط تاريخ البدء بالتطورات في سوق النفط الدولي"، مع تعهدها بالاستمرار في نشر المعلومات ربع سنوية عن تكلفة دعم الوقود، وتأثير فاتورة الدعم في الموازنة العامة، مع إطلاق حملة مجتمعية لتعريف الشعب بآلية الوقود الجديدة، وطريقة عملها.
وأضافت حكومة السيسي، بحسب الصندوق، أن الآلية ستضمن صيغة لمنع حدوث تقلبات حادة في أسعار الوقود في حال حدوث تغييرات كبيرة في سعر النفط العالمي أو سعر الصرف، مستدركة "ربما يسبب ذلك إعادة ظهور الدعم بشكل مؤقت، ونحن على استعداد لاتخاذ التدابير المالية اللازمة لتحقيق أهدافنا، ونحن على المسار الصحيح لإلغاء الدعم غير المستهدف تدريجياً، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في هذه الأهداف".
وقالت الحكومة كذلك إن التسعير الحالي في مجالات النفط والكهرباء والغاز، باستثناء الغاز الطبيعي، غير فعال من الناحية الاقتصادية، وغير مستهدف بشكل جيد، كما أنه يشجع على الاستهلاك المفرط للطاقة، وإنها تفضل الأنشطة التي تتطلب كثافة في رأس المال بدلاً من الأنشطة كثيفة العمالة، الأمر الذي يعرقل الاستثمار الخاص في هذا القطاع، وينتج منه عبء مالي ثقيلاً.
ووفقا للصندوق، فإن آلية تعديل أسعار الوقود مصممة للوصول لسعر التكلفة، وحماية الميزانية من التغييرات غير المتوقعة في سعر الصرف والنفط العالمي، لافتاً إلى أنه رفع من توقعاته لفاتورة دعم الطاقة خلال العام الجاري من 65.6 مليار جنيه إلى 115.1 مليار جنيه، بينما تستهدف الحكومة أن تبلغ نحو 89 مليار جنيه، وتوقعه بانخفاض فاتورة دعم الطاقة إلى 52.8 مليار جنيه بحلول العام المالي 2019/2020.