تواصل حكومة الاحتلال في الأسابيع الأخيرة حملتها المنهجية للتحريض ضد الفلسطينيين في الداخل، وتصعيد الترويج للأكاذيب بكون المجتمع الفلسطيني في الداخل يشكل دولة داخل دولة لا ينصاع للقوانين الرسمية، ويكثر فيه السلاح غير المرخص والبناء غير القانوني، وهما الركيزتان الأساسيتان للخط الدعائي الجديد لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، منذ عملية تل أبيب التي نفذها الشهيد نشأت ملحم قبل أسبوعين.
وقد استغل نتنياهو العملية المذكورة، حتى قبل الوصول إلى منفذها وإعدامه برصاص القوات الخاصة الإسرائيلية، الجمعة الماضي، ليعلن أن حكومته تضع شروطا على تنفيذ خطة اقتصادية للمجتمع الفلسطيني في الداخل جاءت بالأساس بفعل اقتناع خبراء وزارتي المالية والاقتصاد الإسرائيليتين، في السنة الأخيرة، أن الاقتصاد الإسرائيلي قد يصل إلى الإفلاس خلال أقل من عقدين إذا لم يتم دمج الفلسطينيين في الداخل والحريديم (اليهود الأصوليين الأرثوذكس) بعجلة الاقتصاد الإسرائيلي، بفعل التغييرات الديمغرافية في المجتمع.
وأعلن نتنياهو أن الخطة الاقتصادية الجديدة التي تتحدث عن منح المجتمع الفلسطيني في الداخل خلال السنوات الخمس القادمة، نحو 10 مليارات شيكل (أي 2.5 مليار دولار)، لن تتم بدون ربط ذلك "بتطبيق القانون" وتشجيع الخدمة المدنية والوطنية حتى تكون هناك، بحسب معادلة الاحتلال الجديدة، "مساواة في الحقوق والواجبات" وبدون جمع السلاح غير المرخص من الداخل الفلسطيني، ووقف البناء غير المرخص.
وفي هذا السياق، نقل موقع "هآرتس" أن الحكومة الإسرائيلية تدرس في الفترة الأخيرة نقل وحدة تطبيق أوامر الهدم من وزارة المالية إلى وزارة الأمن الداخلي، وهو ما رحب به، بحسب الموقع، وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، المعروف هو الآخر بالترويج لمعادلة "الحقوق مقابل الواجبات"، على أن يتم فرض الخدمة الوطنية والمدنية على الشباب الفلسطيني بدلا من الخدمة العسكرية.
ويبدي أردان هو الآخر حماسة لإشهار سلاح الهدم ضد الفلسطينيين في الداخل بزعم أن المجتمع الفلسطيني في الداخل يبني بدون الحصول على تراخيص بناء، وعبر إخفاء والتنكر لحقيقة أن مؤسسات دولة الاحتلال تستعين بمنظومة قوانين إدارية شائكة ومعقدة، بشأن تشكيل لجان بناء، ترفض لغاية اليوم وضع خرائط مفصّلة للبناء في البلدات العربية في الداخل الفلسطيني، وترفض تحديد مسطحات بناء للبلدات العربية ولا حتى على الأراضي الخاصة، أو ما تبقى منها للفلسطينيين في الداخل.
وتأتي هذه الخطوة، في حال مضت الحكومة الإسرائيلية فيها، وأقرت نقل الوحدة المذكورة إلى وزارة الأمن الداخلي، لتشكل عمليا تصعيدا خطيرا في العلاقة مع المجتمع الفلسطيني، مع توفير شرعية مسبقة لعمليات الهدم التي تعتزم السلطات الإسرائيلية تنفيذها في عمق البلدات العربية.