تختلف الموائد الرمضانية لفلسطينيي 48، بين منطقة وأخرى. إذ تختلف الأطباق الرئيسية بين النقب والجليل والمثلث والمدن الساحلية، ولكّنها مهما تنوّعت يبقى هناك ما يجمعها ويعطيها طابعاً فلسطينياً موحّداً، يتميّز بأمرين: الحلويات واللحوم.
حلويات خاصّة برمضان
أشهر حلويات رمضان هي القطايف والعوّامة، التي يسمّيها بعضٌ الزلابية وآخرون يسمّونها لقمة القاضي. طريقة التحضير واحدة وإن اختلفت التسميّة، وهذا دليل غنى وتنوّع. اللافت أنّ هذه الحلويات لا تكاد تظهر في غير رمضان.
ويكثر العاملون على إعداد عجينة القطايف، ليس في متاجر الحلويات فقط وإنما، أيضاً، في البيوت والشوارع.
ويؤكد الحلواني، حسني عروق، أنّه يصنع القطايف والعوامة فقط في رمضان، وبانتهاء الشهر ينقطع الطلب عليها، مضيفاً: في مجتمعنا يكثر الأشخاص الذين يعملون في إعداد عجينة القطايف خلال هذا الشهر. هناك كثير من سيدات البيوت يجدّن في رمضان فرصة للصناعة والبيع، وهناك أشخاص لا يعملون في مجال الحلويات، ولكن في رمضان يقبلون على هذا العمل... كما يفضّل غالبية الناس شراء العجينة فقط، وهم يحشونها بالجبن أو الجوز في بيوتهم، لأن هذا أوفر اقتصادياً، إضافة إلى أنّه يضفي بعض الأجواء الرمضانية على البيت، وربما تكون القطايف البيتية ألذّ لأنّها تؤكل مباشرة من الفرن أو المقلاة، ولا تفقد مزاياها.
وبما أن للقطايف طقوساً خاصة، فإنّ كثيراً من متاجر الحلويات لا تصنعها في مطابخ مغلقة، بل تنصب خياماً خاصة خارجها، وذلك للفت أنظار المستهلك واستثارة حاسة الشمّ عنده أيضاً. ورغم وجود آلات صنع القطايف الحديثة إلا أنّ طريقة الصبّ اليدوية لا تزال قائمة.
اللحوم سيّدة المائدة
الامر اللافت الآخر، هو كثرة استخدام اللحوم في مختلف الأكلات، إذ يندر أن يُقدّم طبق من دون أن يدخل فيه اللحم. ولا يعدّ الأمر تبذيراً بقدر ما هو مظهر احتفاليّ، سواء بالشهر الفضيل أو باجتماع العائلات. فرمضان بالنسبة لفلسطينيي 48، فرصة لتأكيد صلة الرحم ولمّ شمل العائلة الكبيرة، أي ثلاثة أجيال أو أكثر. وإن كانت هذه الظاهرة قد تقلّصت أخيراً إلا أنّ بعضاً يتمسّك بإحيائها.
في منطقة النقب يُعتبر المنسف طبقاً مركزياً، لكنّ شأنه يقلّ كلما اتّجهنا شمالاً، نحو منطقة المثلّث، حيث لطبق المقلوبة مكانته، وكذلك بعض أنواع المحاشي.
وبالتوجه إلى الجليل، فإن ورق العنب (الدوالي) لا يقاوم، كذلك الكبّة النيئة والملوخية وأفخاذ ورقاب الخراف المحشية.
معظم هذه الأطباق غنيّة باللحوم، وحول هذا يقول الجزّار مصطفى محمود لـ"العربي الجديد"، إنّ الناس يبدأون في شراء اللحوم قبل رمضان بيوم استعداداً، ويضيف: في العادة، مع بداية رمضان، الناس يشترون لحوماً تكفيهم لأسبوع أو اثنين، لأكلات مختلفة، ويجدّدون الأمر مرتين أو ثلاثاً خلال الشهر الفضيل. النساء يفضّلن أن يكون مخزون اللحوم كافياً في البيت، أنا أتحدّث عن كمّيات مضاعفة عن تلك التي تشهدها الأيام العادية".