حملة حصار قطر تعطل الاستحقاقات الخليجية المقبلة

05 سبتمبر 2017
أميرا قطر والكويت في قمة سابقة لمجلس التعاون(فرانس برس)
+ الخط -
طاولت نيران الأزمة الخليجية التي أشعلتها دول محور الرياض - أبوظبي ضد قطر، على خلفية السياسات الداخلية والخارجية المستقلة للدوحة ومحاولة إخضاعها لصالح القرار الإماراتي السعودي، الاستحقاقات الخليجية المقبلة على الأصعدة السياسية والاقتصادية كافة، والتي تخص العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي والقوى الدولية، أو الاستحقاقات التي تتعلق بالعلاقات بين الدول الخليجية نفسها.

وفرضت دول الخليج العام الماضي، في إطار تحولها نحو سياسات السوق المفتوح، ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية. ووقعت مذكرات موحدة تلزم جميع دول "مجلس التعاون" بالعمل بها، في إطار الوحدة الاقتصادية. لكن أزمة حصار الدوحة جعلت الدول الخليجية تشكك في استمرار القرارات الاقتصادية، خصوصاً في ظل قيام السعودية بمحاولة فرض حصار اقتصادي على قطر وحظر التعامل مع الشركات والبنوك القطرية والإضرار بالمصالح التجارية التابعة لها وعلى رأسها قرصنة مجموعة قنوات Bein Sports.

وكانت الحكومة القطرية قد وافقت، مطلع شهر مايو/ أيار 2017، على قانون فرض ضريبة القيمة المضافة. لكن قرار حصارها الاقتصادي ومخالفة دول الحصار للوائح مجلس التعاون الخليجي، وهو الراعي للاتفاقية الاقتصادية، قد يجعل الحكومة القطرية في موضع يسمح لها بالتراجع عنها، ما يؤثر على الاتفاقية بشكل كامل، فيما لا يزال موقف الكويت من الاتفاقية مجهولاً، خصوصاً أن قرار الموافقة يجب أن يمر عبر البرلمان الذي اشتهر بقراراته الشعبوية الرافضة لأي ضريبة اقتصادية على المواطنين. وهذا عذر قد تلوّح به الكويت في وجه الدول الخليجية حال قرارها الانسحاب من الاتفاقية.

وأقرت الدول الخليجية نهاية العام الماضي، جدول اجتماعات دورية مع بريطانيا عقب انفصالها عن الاتحاد الأوروبي، تنتهي بقمة خليجية بريطانية في شهر ديسمبر/ كانون الأول من هذا العام. والهدف من ذلك يتمثل في بحث اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين في إطار سعي بريطانيا لإيجاد سوق جديدة بعيداً عن الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الأمني والسياسي. لكن صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، ذكرت أن القمة الخليجية البريطانية قد تعطلت، بحسب مصادرها الخليجية، بسبب حصار قطر، ما يضع لندن في موقف حرج نظراً لتبدد آمالها في تعويض خسارتها بأسرع وقت ممكن.



من جهة أخرى، قرر أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، التريث في إعلان موعد القمة الخليجية المقبلة، والمقرر عقدها في الكويت، لحين حل أزمة الحصار أو الوصول إلى صيغة اتفاق مؤقتة شبيهة باتفاق الرياض التكميلي عام 2014. لكن هذا التريث لن يطول، خصوصاً أنه سيسبب مزيداً من الانقسام والانهيار داخل منظومة مجلس التعاون الخليجي. وترفض القيادة الكويتية استغلال دول الحصار لمنظومة دول "مجلس التعاون" واتخاذ قرار ضد قطر عن طريقها، إذ إن دول الحصار تمتلك ثلاثة أصوات داخلها، فيما تملك قطر صوتها، وهناك موقف الكويت وعمان المحايد والرافض للأزمة ومسبباتها.

وترفض القيادة الكويتية عقد أي قمة من دون وجود طرف من أطراف "مجلس التعاون"، الذي تسعى جاهدة للحفاظ على وحدته، علماً أن هذه الوحدة لا تبدو ممكنة في المستقبل القريب، في ظل هذه الأزمة. وكان أمير الكويت توجه إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأعضاء الإدارة الأميركية، وذلك في محاولة لحلحلة أزمة حصار قطر قبل نهاية هذا العام والتوصل لصيغة اتفاق مشتركة بين البلدان الخليجية. وسبق لأمير الكويت أن صرّح لصحيفة "الجريدة" الكويتية الواسعة الانتشار، أنه يشعر بخيبة أمل بعد مشاهدته لمنظومة "مجلس التعاون" التي ساهمت الكويت في تأسيسها وهي تتداعى وتقترب من الانهيار.

ومع اشتداد وطأة الأزمة وعدم وجود مخرج لها حتى الآن، في ظل إصرار الأطراف كافة على موقفها، وهو ما يعطل القمة الخليجية الثامنة والثلاثين، لا يزال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، البحريني عبداللطيف الزياني، والمحسوب على الطرف السعودي، صامتاً في أكبر أزمة يمر بها المجلس منذ نشأته عام 1981. ولم يصرح الأمين العام حول إمكانية عقد القمة الخليجية - البريطانية أو القمة الخليجية نفسها أو حتى بشأن قرارات الوحدة الاقتصادية المفترض توقيعها بين الدول خلال هذه القمة. واكتفى بإرسال برقيات التهنئة والتعزية لقادة الدول الخليجية فقط. وكان وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قد صرّح قبل عدة أيام خلال مؤتمر صحافي في مقر البرلمان الأوروبي الثاني في بروكسل، بأن دول الحصار خاطرت بمجلس التعاون الخليجي. وقال "نحن توافقنا في مجلس التعاون الخليجي على سياسة عامة، ولكن لكل دولة سيادتها، ودول الحصار خاطرت بمجلس التعاون الخليجي عبر انتهاك مبادئه".

ورأى الباحث السياسي الكويتي، عبدالرحمن العجمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لم تحدث فعالية سياسية كبرى لمجلس التعاون الخليجي خلال أزمة حصار قطر حتى الآن، بسبب الإجازة الصيفية، لكن المنظومة ككل ستدخل في حرج كبير مع عودة دوام العمل الدبلوماسي وبدء الاجتماعات الاقتصادية والسياسية والأمنية، خصوصاً أن هناك مؤتمرات شبابية لدول مجلس التعاون في الرياض والخبر، ما يعني حرجاً جديداً على دول الحصار في حال منعها دخول المواطنين القطريين الممثلين لدولتهم، أو في حال تأجيل هذه القمة". وأضاف أن "صمت عبداللطيف الزياني، وهو صاحب أعلى منصب في منظومة مجلس التعاون الخليجي، غير مستغرب، فهو صمت أولاً عن قرار بعض دول منظومته الالتفاف على مواثيقها وحصار قطر". وخلص إلى أنه "بالطبع سيصمت عن تحديد موعد نهائي للقمة الخليجية، لأن القرار الأخير ليس بيده بل بيد من يسيطر عليه ويتحكم فيه"، وفق قول العجمي.