أصدر حازم حسني، المتحدث باسم الحملة الانتخابية لرئيس أركان الجيش المصري الأسبق، سامي عنان، بياناً، اليوم الأحد، نفى فيه معرفته بمجريات التحقيقات مع عنان، منذ اعتقاله في السجن الحربي، مؤكداً أنه "لم يرتكب مخالفات كتلك التي ارتكبها الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، حين تحدث - في تسريبات أحلامه الشهيرة - عن طموحاته السياسية، وشغفه بالوصول إلى منصب رئيس الجمهورية".
وقال حسني "إن السيسي حرض على تجييش المثقفين للدعاية لترشحه للرئاسة، حين كان وزيراً للدفاع، فضلاً عن تسجيلات أخرى له، وهو في موقعه العسكري، وبلباسه العسكري، يتحدث فيها في شؤون سياسية، مخاطباً الشعب المصري، وهو نفسه الشعب الذي خاطبه عنان، باعتباره الشعب السيد في الوطن السيد".
وأضاف أن البيان الإعلامي الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة، وجه للفريق عنان اتهامات خطيرة تفقده الاعتبار، وتمنعه عملياً من استكمال طريقه نحو الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، مشيراً الى أن البيان صدم - بلهجته العسكرية الآمرة - كل الحريصين على جيش مصر وتماسكه، وعلى رموزه التي تولت أعلى المناصب القيادية بالجيش المصري.
وأضاف "كما صدم البيان كل الحريصين على مستقبل وتماسك الدولة المصرية، التي طالما بشرنا رئيسها المنتهية ولايته، بأنه يسعى لتمكينها من أن تكون دولة مدنية ديمقراطية حديثة"! مديناً "التشهير المجاني برجل كان رئيساً لأركان الجيش المصري لنحو سبع سنوات، وخاض حرب الاستنزاف، وحرب تحرير سيناء في أكتوبر/ تشرين الأول 1973.
وتابع "كنت حريصاً منذ اعتقال الفريق عنان على عدم التعليق على ما وجه إليه من اتهامات، آملاً في أن يبقى الأمر بيد القيادات العليا بالقوات المسلحة، التي لا أشك في أنه يسوؤها بقدر ما يسوؤني، بل وأكثر مما يسوؤني، خاصة وقد صدر قرار من النيابة العسكرية بحظر النشر فيما يخص القضية رقم 1 لسنة 2018".
واعتبر حسني في بيانه أن "الإعلام المصري لم يلتزم بقرار حظر النشر، بحجة أنه لا يتناول مجريات القضية، وإنما فقط إبداء الرأي في الرجل، وفي ملابسات إعلانه اعتزام الترشح للانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يمنحني نفس الحق الذي وافقت عليه السلطات المختصة بصمتها على كل هذه الاتهامات، والإهانات، والبذاءات الإعلامية، من دون رد".
وأفاد بأن بيانه يتعرض لما جاء بالبيان الإعلامي – لا القضائي – الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، وهو البيان الذي استند إليه "كل السفهاء الذين بادروا بالإهانات والبذاءات في حق عنان، وفي حق معاونيه، في وسائل الإعلام المختلفة، بما يسيء لكل الحالمين بمستقبل أفضل لمصر، وشعبها، وجيشها".
وقال "من المدهش أن يبدأ البيان الإعلامي المنسوب لقيادة القوات المسلحة بديباجة تتحدث عن تحديات غير مسبوقة تواجهها مصر، فهذه التحديات تحديداً هي ما كان قد بدأ بها عنان بيانه الذي وجهه للشعب بشأن عزمه الترشح، وما كان قد دفعه أصلاً لاتخاذ قراره باعتزام الترشح إلا ما رآه من تآكل قدرة الدولة على مواجهة هذه التحديات، بسبب إخفاق سياسات مسؤول عنها الرئيس المنتهية ولايته".
وأضاف "لم يتعرض الفريق عنان في كلمته - لا من قريب ولا من بعيد - إلى مسؤولية الجيش - الذي كان له شرف أن يتولى رئاسة أركانه لنحو سبع سنوات كاملة - عن هذه الإخفاقات! فقد حرص بيانه على أن ينأى بجيش مصر عن هذه السياسات الخاطئة، ولم ينكر في أي موضع ببيانه تضحياته في مواجهة التحديات الوجودية التي تتعرض لها الدولة، بل إنه أنهى بيانه بعبارة: عاش جيش مصر مجسداً لمعاني الشرف والتضحية والفداء".
واستدرك قائلاً: بيد أن بيان القوات المسلحة الصادم قد وجه للفريق عنان، بعد اعتقاله، وبعد مثوله أمام النيابة العسكرية، جملة اتهامات "إعلامية" صادرة عن قراءة غير دقيقة للبيان الذي كان قد وجهه للشعب المصري.
وعما قيل عن إعلانه الترشح لانتخابات الرئاسة دون الحصول على موافقة القوات المسلحة، أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له، قال حسني "إن إعلان الفريق عنان لم يكن إعلان ترشح، وإنما كان إعلان اعتزامه الترشح؛ وقد جاء عزمه الترشح هذا مشروطاً بموافقة القوات المسلحة على وقف استدعائه.
وأوضح أن ما ورد في نص بيان عنان "إنني قد عقدت العزم على تقديم أوراق ترشحي لمنصب رئيس الجمهورية إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، وفق ما هو معلن من قواعد ومواعيد تنظيمية، فور استيفائي إجراءات ﻻ بد لي كرئيس أسبق ﻷركان حرب القوات المسلحة المصرية من استيفائها وفقاً للقوانين والنظم العسكرية".
واستطرد حسني "ويتضح من هذا أن عنان لم يعلن ترشحه، وإنما فقط عزمه المشروط بالموافقات الضرورية وفق القوانين العسكرية التي التزم باحترامها باعتباره قائداً عسكرياً مرموقاً يعرف معنى الانضباط ويحرص عليه، بل إن سبب تأخره في تقديم الطلب لحرصه على تقديم طلبه هذا بنفسه لقيادات وزارة الدفاع، وقتما يسمح وقتهم بهذا، تقديراً منه لهذه القيادات التي يربطه بها قسم عسكر، واحترام للترتيبات العسكرية".
وعما قيل عن تضمين بيان عنان ما يمثل تحريضاً صريحاً ضد القوات المسلحة، بغرض إحداث الوقيعة بينها وبين الشعب المصري، قال: "لا أدرى من أين جاء من صاغ بيان القيادة العامة للقوات المسلحة بهذه الوقائع التي صدرها للإعلام بعبارات تهيئ لمن يستمع إليها أن الفريق عنان قد ارتكب جريمة العمل ضد الجيش الذي تشرف بقيادته والانتماء إليه"؟!
وشدد حسني على أن بيان عنان كان حريصاً كل الحرص على الإعلاء من شأن القوات المسلحة، لا الحط منها، وتأكيد مسؤولية رئيس الدولة المنتهية ولايته، وهو منصب مدني لا عسكري، عن الإخفاق في مواجهة التحديات التي تواجهها مصر، والتأكيد أنه كان على الرئيس المنتهية ولايته عدم تحميل القوات المسلحة وحدها مسؤولية مواجهة الإرهاب دون تفعيل أداء كثير من قطاعات الدولة المدنية.
وتساءل: لماذا اعتبر البيان الإعلامي المنسوب لقيادة الجيش أن تحريض الشعب المصري على رفض سياسات الرئيس المنتهية ولايته هو تحريض على القوات المسلحة، وعلى دورها الذي لا ينكره أحد في مواجهة هذه التحديات؟! فالرئيس المنتهية ولايته ليس هو الجيش، ولا الجيش هو شخص الرئيس المنتهية ولايته، فضلاً عن أن منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يلازم دستورياً منصب رئيس الجمهورية، هو بدوره منصب مدني، لا علاقة له بالتراتب داخل صفوف القوات المسلحة، وليس من الضروري – من حيث المبدأ – أن يكون القائد الأعلى للقوات المسلحة قد حمل في أي يوم من الأيام أي رتبة عسكرية أصلاً !!
وأخيراً، أوضح المتحدث أن بيان الفريق عنان إنما يتحدث بشكل واضح وصريح عن افتقار إدارة رئيس الدولة المدني المنتهية ولايته لـ"سياسات رشيدة تمَكِّن القطاع المدني بالدولة من القيام بدوره متكاملاً مع دور القوات المسلحة لاستئصال هذه الأمراض الخبيثة من جسد الدولة المصرية"، ولا أدري كيف يمكن تفسير حديث الفريق عنان عن "التكامل" بين ما هو مدني وما هو عسكري بأنه يحدث وقيعة بين القوات المسلحة وبين شعب مصر العظيم؟!
أما إذا كان الأمر يتعلق بما ورد في بيان الفريق عنان من ضرورة التزام مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية بالحياد بين المرشحين في الانتخابات الرئاسية، وما رددته وسائل الإعلام المصرية على لسان من وصفوا أنفسهم بالخبراء من أن ذلك يوحي ضمناً بانحياز القوات المسلحة لمرشح ضد آخر، فإن ذلك يكون تفسيراً لغوياً خاطئاً تماماً، ولا يمت للفقه اللغوي بصلة، فليس معنى الأمر بالمعروف أننا نأتي المنكر، ولا معنى النهي عن المنكر أننا لا نعمل بالمعروف!
وأشار حسني إلى أن ما ذكره البيان الإعلامي الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة من ارتكاب الفريق عنان لجريمة التزوير في المحررات الرسمية، وبما يفيد إنهاء خدمته في القوات المسلحة على غير الحقيقة، الأمر الذى أدى إلى إدراجه في قاعدة بيانات الناخبين دون وجه حق … فالفريق عنان لم يحرر أية أوراق رسمية بهذا الشأن، ولا هو تقدم بعد بأوراق ترشحه للهيئة الوطنية للانتخابات؛ وإنما تم تسجيل أسماء جميع أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمعرفة وزارة الدفاع نفسها سنة 2012 بما مكنهم جميعاً من الإدلاء بأصواتهم في ذلك الحين في الاستحقاقات الانتخابية!
واختتم حسني، قائلاً "أكرر عدم علمي بأية أمور تتعلق بالقضية التي يخضع الفريق سامى عنان للتحقيق بشأنها أمام النيابة العسكرية، وأن ما سبق هو مجرد مقارنة بين بيانين إعلاميين صدر أحدهما عن الفريق سامى عنان وصدر الآخر منسوباً للقيادة العامة للقوات المسلحة؛ كما أنني لم أتعرض لسفه اتهام الفريق عنان بأنه يعمل لحساب تنظيمات هنا أو هناك، فمثل هذه الاتهامات السفيهة لم ترد في البيان الإعلامي المنسوب للقيادة العامة للقوات المسلحة، وهي في كل الأحوال اتهامات مستهلكة سئمها المصريون ولم يعودوا يعيرونها قيمة تذكر".