وجاءت الدعوة الرسمية من قبل الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية مولاي ولد محمد الأغظف في رسالة إلى قادة الأحزاب السياسية الرئيسية في المنتدى للقاء تمهيدي في السابع من شهر سبتمبر/أيلول المقبل.
وحددت رسالة الأغظف التي اطلعت عليها "العربي الجديد" الهدف من الاجتماع بأنه "برمجة فعاليات الحوار وتحديد جدول أعماله". ووصفت الحوار بأنه سيكون "شاملاً وجاداً وصادقاً ومسؤولاً، خدمة لتعزيز وحدتنا الوطنية وانسجامنا الاجتماعي وترسيخاً للديمقراطية وتكريساً لثقافة المواطنة وسعياً إلى عصرنة مؤسساتنا الوطنية".
اقرأ أيضاً موريتانيا: خلافات المعارضة تعرقل الحوار
وأكد الرئيس الدوري للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض محفوظ ولد بتاح أن المنتدى يجتمع قريباً لمناقشة الدعوة التي وجهها الأمين إلى الرئاسة، وقال في تصريح صحافي إنه "شخصياً يعتبر الدعوة عبثية، نظراً لإصرار السلطات على نهجها الأحادي".
وانتقد ولد بتاح توجيه الدعوة إلى الأحزاب السياسية فى المنتدى دون غيرها من الأطراف المشكلة للمنتدى، معتبراً أن من وجه الدعوة "كأنه اتخذ قراراً بحل منتدى المعارضة".
ويأتي الحراك الحكومي الساعي لاستئناف الحوار مع المعارضة بعد أيام من تبادل الاتهامات بين الغالبية والمعارضة بشأن المسؤولية عن فشل الحوار، والذي أُطلقت جلساته التحضيرية في شهر أبريل/نيسان الماضي قبل أن تتوقف بعد رفض الغالبية التوقيع على تفاهمات شفهية تم التوصل إليها بشأن وثيقة شروط طرحتها المعارضة، بحسب قادة في المنتدى. غير أنّ الغالبية تقول إن المنتدى غير جدي في الحوار، وإن بعض الأطراف غير الحزبية داخله تتصرف بشكل سلبي لإفشال الحوار.
وقال القيادي المعارض أحمد ولد صمب لـ"العربي الجديد"، إن "النظام هو المسؤول الأول لأنه ليس جاداً في الحوار، فهو يسعى إلى تفتيت شمل المعارضة وبث الفرقة في صفوفها، وهذا ليس مشجعاً. إن انعدام ثقة المعارضة في النظام تفرض عليه أن يقوم بخطوات من شأنها طمأنة الطرف الآخر بدل مواصلة التهجم عليه ومحاولة تقزيمه".
ورأى ولد صمب أن "المعارضة جادة في الحوار، لأنه لا سبيل لها إلا في الحوار؛ فمن خلاله فقط يمكنها أن تحقق المكاسب التي تطمح لها. أما النظام فهو يستخدمه لأجندة سياسية ظرفية محضة". غير أنه أشار إلى أن "الحوار لا مناص منه؛ فلا يمكن تنظيم أي انتخابات مستقبلية من دونه، إذ لا يمكن تعيين لجنة مستغلة للانتخابات إلا من خلال تشاور عام، كما ينص على ذلك قانونها. كما أن الوضع السياسي الذي يلوح في الأفق بانتهاء مأمورية ولد عبد العزيز الثانية وتقادم سنين زعماء المعارضة، وكذلك الوضع الاقتصادي والاجتماعي، كل ذلك يفرض انطلاق حوار جاد يمهد للمرحلة المقبلة".
وبحسب مصدر في الغالبية، فإن الحكومة الموريتانية تسعى لإطلاق حوار سياسي قريباً "حتى لو لم تحضر كل أحزاب المعارضة"، وأنها "ترغب في استغلال خلافات المعارضة حول الحوار" بهدف تمهيد الطريق لاتفاق سياسي يقود إلى انتخابات جديدة، ويمكن أن تبحث مسألة تعديل الدستور. واستبعد المصدر الذي فضّل عدم نشر اسمه في حديث لـ"العربي الجديد"، قبول المعارضة بتعديل الدستور إلا عبر "مقايضة سياسية أو صفقة وهو ما يصعب التكهن بشأنه".
وكان رئيس الحزب الحاكم سيد محمد ولد محم قد نفى عزم الرئيس ولد عبد العزيز تعديل الدستور أو الترشح مرة ثانية بعد انتهاء ولايته الحالية والأخيرة له، بحسب الدستور الموريتاني.
لكن نشطت في الآونة الأخيرة دعوات تطالب بتعديل الدستور بما يسمح للرئيس بالترشح من جديد. وتزعمت شخصيات مقربة من الحزب الحاكم وبعض العسكريين المتقاعدين هذه المبادرات، وهو ما دفع مراقبين إلى الربط بين الحوار السياسي الذي تسعى الحكومة لاستئنافه مع المعارضة وبين تعديل الدستور.
اقرأ أيضاً: موريتانيا: بند تمديد ولاية الرئيس يتصدّر وثيقة الحوار