07 ابريل 2022
حين تغرق إسرائيل الفلسطينيين بالمخدرات
يمر المجتمع الفلسطيني، منذ أسابيع، بصدمة كبيرة، بعد اكتشاف الأجهزة الأمنية والشرطية الفلسطينية مشاتل ضخمة للمخدرات والحشيش، في عدة محافظات في الضفة الغربية، وفي محافظة الخليل خصوصا، بحكم محاذاتها من الجهة الجنوبية للخط الأخضر، وخصوصا مدينة بئر السبع، إضافة إلى وجود عدة مستوطنات يهودية في المحافظة. وبات المجتمع الفلسطيني يشعر بالقلق والخوف الحقيقي على مستقبله، ومستقبل شبابه، بسبب انتشار آفة المخدرات الفتاكة في أوساطه، لا سيما الشبابية منهم، والتي شكلت وتشكل العمود الفقري للشعب الفلسطيني، سواء في مسيرة مقاومة الاحتلال، أو في عمليات التنمية والبناء، لبناء مجتمع قوي متماسك، خصوصا أن ظاهرة انتشار المخدرات في المجتمع الفلسطيني لا تعتبر مشكلة أمنية فقط، لا بل إنها أكثر، وأبعد من ذلك، حيث إنها تمثل تهديدا جديا وحقيقيا على المجتمع الفلسطيني برمته، إذ إنها قضية دينية، وطنية، سياسية، ثقافية، اجتماعية، اقتصادية، وصحية، بعد أن أفادت تقارير ودراسات كثيرة صادرة عن المؤسسات ذات الصلة بقضية المخدرات بأن أعداد متعاطي المخدرات قد تجاوزت ثمانين ألف فلسطيني، فيما تجاوز عدد المدمنين عشرين ألفاً آخرين، ربعهم من مدينة القدس المحتلة، ما يؤكد مدى استهدافها من الاحتلال الاسرائيلي ومؤسساته الأمنية، وخصوصا أن أغلبيتهم من الفئة العمرية القادرة على البناء والتنمية والمقاومة.
منذ سنوات الاحتلال الأولى، عملت إسرائيل وأجهزة مخابراتها على استهداف الشباب الفلسطيني، بشتى الأساليب والوسائل، لزرع الإحباط والهزيمة واليأس في نفوسهم، وإسقاطهم أخلاقيا وأمنيا، وإبعادهم عن الاهتمام بالقضية الوطنية الفلسطينية، وبالقضايا السياسية عموما، مستغلة بذلك الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والذي تجلى بوضوح في مغادرة عشرات ألوف الشبان الفلسطينيين مقاعد الدراسة، والتوجه إلى العمل داخل إسرائيل، ما سهل من إمكانية الاحتكاك والتواصل مع تجار المخدرات ومتعاطيها الإسرائيليين، الأمر الذي أدى إلى وقوعهم في مستنقع المخدرات والجريمة، والذي كان له الدور البارز في انتقال المخدرات إلى الأراضي الفلسطينية، وتوزيعها وانتشارها بين الشبان الفلسطينيين، في ظل انعدام مراقبة (ومتابعة) دخول المواطنين الفلسطينيين اسرائيل وخروجهم منها، بسبب السيطرة الأمنية والشرطية الإسرائيلية الكاملة على المعابر والحواجز التي تربط الضفة الغربية مع إسرائيل، وانعدام أي وجود فلسطيني على تلك المعابر والحواجز.
تمارس المستوطنات اليهودية المقامة على أراضي الضفة الغربية دورا بارزا في ترويج
المخدّرات والحشيش في المجتمع الفلسطيني، وإدخالها إليه. وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية والقناة الإسرائيلية العاشرة قد نشرتا تقارير، أشارت فيها إلى تحول مستوطنات الضفة الغربية أوكار ومراتع للمخدرات والحشيش. وبحكم وجود عشرات ألوف العمال الفلسطينيين في المستوطنات، أصبح نقل تلك المخدرات والحشيش إلى المناطق الفلسطينية أكثر يسرا، في وقتٍ حقق فيه تجار جشعون أرباحا مالية طائلة، في ظل شعورها بالأمن والأمان، لعدم قدرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على مراقبة سلوكهم وانعدام الوسائل التقنية اللازمة، كما النقص في الإمكانات والموازنات الكفيلة بملاحقة هذه المجموعة ومحاربتها، على الرغم من أن تقارير كثيرة أشارت إلى الحواجز العسكرية، المقامة على مداخل تلك المستوطنات، شكلت هي أيضا محطات الالتقاء ونقاطه بين مروجي المخدّرات الاسرائيليين وزبائنهم الفلسطينيين.
على الرغم من إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة مكافحة المخدرات، منذ أكثر من عشرين عاما، إلا أنها واجهت مطبات وعراقيل كثيرة، سواء العراقيل التي وضعتها إسرائيل، والمتمثلة بمنع أجهزة السلطة من العمل خارج المناطق الفلسطينية المصنفة أ، وعدم قدرة السلطة على ملاحقة أو اعتقال حملة بطاقات الهوية الإسرائيلية الذين يقومون بإدخال المخدرات إلى المناطق الفلسطينية، كما أن إدارة مكافحة المخدرات تنقصها موازنات وإمكانات تقنية وقدرات فنية كثيرة، ما أدى إلى عدم قدرة السلطة الفلسطينية ودوائرها من محاربة ظاهرة انتشار المخدرات، وقد ازدادت العراقيل الإسرائيلية أمام الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بعد اجتياح الجيش الإسرائيلي مناطق أ، في العام 2002، حيث فرضت سلطات الاحتلال على الأجهزة الأمنية الفلسطينية الحصول على تصريح وموافقة قبل قيامها بأي نشاط أمني في جميع أنحاء الضفة الغربية، باستثناء النشاطات الأمنية الفلسطينية الاعتيادية داخل مباني المقاطعة ومقراتها التي تضم قيادة السلطة في كل محافظة، ما أدى إلى انتقال المخدرات، وإقامة مشاتل ومستنبتات كبيرة، تضم آلاف الأشتال الزراعية حتى داخل مناطق أ، كما تم الكشف عنه في الأسابيع القليلة الماضية، عندما ضبطت الأجهزة الأمنية الفلسطينية عددا من تلك المشاتل الكبيرة والضخمة، والتي تؤكد أن إنجازها استغرق سنوات، وبمشاركة جماعية ترتقي إلى العصابات الكبرى، وبإمكانات مالية وفنية وتكنولوجية ضخمة، لا يمكن أن تتم بدون المشاركة والمساعدة الإسرائيليتين، أو أضعف الإيمان غض البصر الأمني الإسرائيلي عنها.
على الرغم من العراقيل الإسرائيلية، ونقص الإمكانات والخبرات الفلسطينية، إلا أنه لا يجوز
إغفال البعد السياسي الفلسطيني، والناتج عن الانقسام بين حركتي فتح وحماس، والذي أدى إلى حدوث تغيرات في الأولويات والأجندة الوطنية، وإن محاربة العملاء، والخارجين عن الصف الوطني، والمجرمين، لم تعد تتقدم أولويات السلطة والفصائل المنشغلة في المناكفات والخلافات الداخلية، تاركة الساحة لمروجي المخدرات الإسرائيليين، وعملائهم من الفلسطينيين، لإغراق المناطق الفلسطينية بالمخدرات والحشيش، في بيئة فلسطينية سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية شكلت تربة خصبة لانتشار هذه الآفة في أوساط الشبان الفلسطينيين، مع العلم أن الفصائل الوطنية، في الانتفاضة الفلسطينية الأولى في أواخر الثمانينات لعبت دورا مهما في مواجهة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي عمدت إلى إغراء شبان فلسطينيين بالمخدرات، لإسقاطهم أمنيا، حيث استطاعت الفصائل أن تسجل إنجازاتٍ كثيرة في محاربة المخدرات وغيرها من الجرائم الأخرى، كالرذيلة والسرقاتـ ونشر الخوف والقلاقل والفتن في المجتمع الفلسطيني، على الرغم من أن معظم نشاطاتها وأعمالها وفعالياتها كانت تتم سراً، وقد حققت إنجازات كثيرة، في ظل غياب أية سلطة وطنية فلسطينية، ولا أجهزة أمنية، حيث كانت المنطقة برمتها خاضعة لسيطرة الأجهزة الأمنية والمخابراتية الإسرائيلية وتحكّمها.
يؤكد ذلك كله أن رأس المال الاجتماعي الفلسطيني أصبح في خطر حقيقي، في وقتٍ يتكشف فيه مزيد من الأخبار عن زيادة انتشار آفة المخدرات والحشيش، واكتشاف مزيد من المشاتل والمعامل، إضافة إلى زيادة حالة الإحباط، وعدم الرضى المجتمعي عن الأداء السياسي، والاقتصادي، والإداري، والخدماتي، وانتشار الفساد والمحسوبية، وزيادة هيمنة رجال الأعمال والمال، وتراجع دور القوى الوطنية والفصائل، في ظل انعدام الأمل بالأفق السياسي والاقتصادي في المدى المنظور، ما يفرض على الكل الفلسطيني وضع استراتيجية وطنية فلسطينية شاملة، تشارك فيها مؤسسات السلطة الأمنية والخدماتية والفصائل كافة، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الشبابية الأخرى، والمدارس، والجامعات، والمساجد والمؤسسات الإعلامية المختلفة، ومراكز التأهيل والإصلاح، وإعلان الحرب على العملاء، وتجار المخدرات ومروجيها، لاجتثاث هذه الآفة التي تهدد المجتمع الفلسطيني، وباتت خطرا جدّيا على تماسكه ومناعته وصموده.
منذ سنوات الاحتلال الأولى، عملت إسرائيل وأجهزة مخابراتها على استهداف الشباب الفلسطيني، بشتى الأساليب والوسائل، لزرع الإحباط والهزيمة واليأس في نفوسهم، وإسقاطهم أخلاقيا وأمنيا، وإبعادهم عن الاهتمام بالقضية الوطنية الفلسطينية، وبالقضايا السياسية عموما، مستغلة بذلك الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والذي تجلى بوضوح في مغادرة عشرات ألوف الشبان الفلسطينيين مقاعد الدراسة، والتوجه إلى العمل داخل إسرائيل، ما سهل من إمكانية الاحتكاك والتواصل مع تجار المخدرات ومتعاطيها الإسرائيليين، الأمر الذي أدى إلى وقوعهم في مستنقع المخدرات والجريمة، والذي كان له الدور البارز في انتقال المخدرات إلى الأراضي الفلسطينية، وتوزيعها وانتشارها بين الشبان الفلسطينيين، في ظل انعدام مراقبة (ومتابعة) دخول المواطنين الفلسطينيين اسرائيل وخروجهم منها، بسبب السيطرة الأمنية والشرطية الإسرائيلية الكاملة على المعابر والحواجز التي تربط الضفة الغربية مع إسرائيل، وانعدام أي وجود فلسطيني على تلك المعابر والحواجز.
تمارس المستوطنات اليهودية المقامة على أراضي الضفة الغربية دورا بارزا في ترويج
على الرغم من إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية إدارة مكافحة المخدرات، منذ أكثر من عشرين عاما، إلا أنها واجهت مطبات وعراقيل كثيرة، سواء العراقيل التي وضعتها إسرائيل، والمتمثلة بمنع أجهزة السلطة من العمل خارج المناطق الفلسطينية المصنفة أ، وعدم قدرة السلطة على ملاحقة أو اعتقال حملة بطاقات الهوية الإسرائيلية الذين يقومون بإدخال المخدرات إلى المناطق الفلسطينية، كما أن إدارة مكافحة المخدرات تنقصها موازنات وإمكانات تقنية وقدرات فنية كثيرة، ما أدى إلى عدم قدرة السلطة الفلسطينية ودوائرها من محاربة ظاهرة انتشار المخدرات، وقد ازدادت العراقيل الإسرائيلية أمام الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بعد اجتياح الجيش الإسرائيلي مناطق أ، في العام 2002، حيث فرضت سلطات الاحتلال على الأجهزة الأمنية الفلسطينية الحصول على تصريح وموافقة قبل قيامها بأي نشاط أمني في جميع أنحاء الضفة الغربية، باستثناء النشاطات الأمنية الفلسطينية الاعتيادية داخل مباني المقاطعة ومقراتها التي تضم قيادة السلطة في كل محافظة، ما أدى إلى انتقال المخدرات، وإقامة مشاتل ومستنبتات كبيرة، تضم آلاف الأشتال الزراعية حتى داخل مناطق أ، كما تم الكشف عنه في الأسابيع القليلة الماضية، عندما ضبطت الأجهزة الأمنية الفلسطينية عددا من تلك المشاتل الكبيرة والضخمة، والتي تؤكد أن إنجازها استغرق سنوات، وبمشاركة جماعية ترتقي إلى العصابات الكبرى، وبإمكانات مالية وفنية وتكنولوجية ضخمة، لا يمكن أن تتم بدون المشاركة والمساعدة الإسرائيليتين، أو أضعف الإيمان غض البصر الأمني الإسرائيلي عنها.
على الرغم من العراقيل الإسرائيلية، ونقص الإمكانات والخبرات الفلسطينية، إلا أنه لا يجوز
يؤكد ذلك كله أن رأس المال الاجتماعي الفلسطيني أصبح في خطر حقيقي، في وقتٍ يتكشف فيه مزيد من الأخبار عن زيادة انتشار آفة المخدرات والحشيش، واكتشاف مزيد من المشاتل والمعامل، إضافة إلى زيادة حالة الإحباط، وعدم الرضى المجتمعي عن الأداء السياسي، والاقتصادي، والإداري، والخدماتي، وانتشار الفساد والمحسوبية، وزيادة هيمنة رجال الأعمال والمال، وتراجع دور القوى الوطنية والفصائل، في ظل انعدام الأمل بالأفق السياسي والاقتصادي في المدى المنظور، ما يفرض على الكل الفلسطيني وضع استراتيجية وطنية فلسطينية شاملة، تشارك فيها مؤسسات السلطة الأمنية والخدماتية والفصائل كافة، ومؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات الشبابية الأخرى، والمدارس، والجامعات، والمساجد والمؤسسات الإعلامية المختلفة، ومراكز التأهيل والإصلاح، وإعلان الحرب على العملاء، وتجار المخدرات ومروجيها، لاجتثاث هذه الآفة التي تهدد المجتمع الفلسطيني، وباتت خطرا جدّيا على تماسكه ومناعته وصموده.