11 ابريل 2019
حُكم وطني راشد
جـمال بوزيان (الجزائر)
ما دامتْ حقوق النّاس مهضومة في بُلدان كثيرة، فإنّ الشّعوب لن تَسكتَ عن حقوقها؛ قدْ تَضعف إرادتها بسبب القهر بجميع أنواعه، إلّا أنّها تَنهض، اليومَ أو غدًا، كما استفاقت من سباتها ذات ربيع عربيّ؛ وثارت على حُكّام يَحكمون بالـحديد والنّار سنوات من دون حرّيّة وعدل وتنمية شاملة، على الرغم من شعارات جوفاء يُردِّدها إعلام مأجور، لا يُريد إرادة الشُّعوب بِقدر ما يُريد أطماعه؛ ويُرضِي مَن يَدفع له بالعُملة الوطنيّة، أوِ الأجنبيّة، حـماية لـِمصالحه الـخاصّة.
أليستْ هذه غابة وحوش، حينما تُقرَّر حياة النّاس هكذا؟ لِماذا يُنشَر لون واحد منَ الأفكار؛ أليستِ الأفكار بألوان كثيرة؟ لِماذا يُراد نَشْر الوهم بدل الـحقيقة بيْن النّاس؟ لِماذا هذا الخيار وَحده؟ وفي الـحقيقة يوجد أكثر من خيار لأنّه يوجد أكثر من رأي.
أيّ عجز للحكومات الـمُتعاقِبة في العالَم العربيّ هو خطوة لاستعمار قادِم، مُباشِرًا كان أَمْ غير مُباشِرٍ؛ وهي لعبة قديمة مُتجدِّدة بعناوين مُزخرَفة. والـحقيقة أنّ أطماع ما تسمَّى "الدّول العظمَى" لا تَزولَ، ما دامتِ الشّعوب لا تَستطيع اختيار حُكّامها؛ تلك "الدّول العظمَى" مَجازًا هي مَن تَختارُ أيّ مُوالٍ لسياساتها الّتي تَتمُّ فوق الطّاولة وتحت الطّاولة بِمشروعات خرافيّة في مجال الطّاقة والاستثمار؛ وضدّ إرادة الشّعوب؛ وتلك هي صناديق الانتخابات الّتي يُؤمن بها "أدعياء الدّيمقراطيّة" في "الغرب"... أمّا الشّعوب فقدْ سحقها ذاك "الـمُوالِي" الّذي يُغنِّي "مَـوّال الطّاقة"؛ ولا يَزال تابعًا جيبيًّا مِثل ما يَتبع القمر كوكب الأرض.. وتلك طامّة كُبرَى.
ولا حديث عن آراء واختيارات بـحرّيّة وعدل وأمانة، وهي إكراهاتٌ تُضاف إلى الإكراهات السّابقة الّتي تُسجِّل حضورها بعيدًا عنِ البِناء الوطنيّ الـحقيقيّ الّذي تَنشده الشّعوب، وهي تكريس مقولة "أنا وبعْدي الطُّوفان". وخيْر دليل على تلك الأنانية تقسيم السُّودان بِحجم قارّة إلى شطريْن؛ وهي وصمة عار تَظلُّ في جبين كُلِّ أفريقيّ وعربيّ لَم يُدافع عن وَحدة السُّودان؛ ودعم "بقاء الرّئيس" على حساب الشَّعب والبلد كُلِّه.
بعْد ما تآمرتْ دول على "ثورات الرّبيع العربيّ" بالـحديد والنّار أمس؛ بزغتِ اليومَ شمس الـحرّيّة على الشّعبيْن، السّودانيّ والـجزائريّ، والـمُطالَبة الواضحة الصّريحة برحيل "السُّلطة". ولتلك الـمَطالِب ما يُبرِّرها من احتجاجات فئويّة، ومُعارَضات سياسيّة هُدِّدتْ وقُمِعتْ وشُوِّهتْ بـ"الـخيانة" وغيرها من أراجيف عادة ما تَستخدمها "سُلطات غير دستوريّة وغير شعبيّة" في العالَم الثّالث تَحديدًا.
أثبتت الـمَسيرات الشّعبيّة السِّلميّة في الـجزائر والسُّودان أنّ مَسيرات شعوب البُلدان الشّقيقة واحتجاجاتها في سوريّة واليمن وليبيا ومصر والعراق والبحريْن كانت سِلميّة، ومُورِستْ عليها كُلّ أنواع الإقصاء والتّعذيب والقتل العمد؛ هذا مع "سُلطات بُلدانها"؛ وهو الأسلوب نفسه الّذي تَسلكه إسرائيل ضدّ الشَّعب الفلسطينيّ الـمُقاوِم.
تريد الشّعوب الـحُرَّة استكمال بِناء أوطانها بِسواعد أبنائها؛ وأن لا تَحتكر فئة ما "السُّلطة" لاعتبار تاريخيّ أو دِينيّ أو فكريّ أو عِرقيّ أو جغرافيّ.. ما يقوله مُحلِّلون سّياسيّون كثيرون أنّ "السُّلطات" في السّودان والـجزائر غير شرعيّة؛ وتَحكم الشَّعبيْن من دون رضاهما منذ سنين؛ وتَحمي مَصالِح دول أُخرى؛ ولا تَحمِي مَصالِح الشَّعبيْن؛ أي هناك غياب تامّ للـحُكم الوطنيّ الرّاشد في البلديْن.
تريد الشُّعوب الحُرَّة تَطهير بُلدانها مِن كُلِّ مُستعبِدٍ ومُستبِدٍّ ومُفسِدٍ، بداية مِن مَسيرات سِلميّة واحتجاجات هادئة نحو تغيير منشود، ومُقاوَمة أيّ خلل في شؤون الـمُجتمَع والدّولة بأمناء أوفياء قادرين على خدمة أوطانهم بكفاءاتٍ عالية الـمُستوَى؛ وتأسيس "حُكم وطنيّ راشد" بقيادات شابّة مِنَ "الـجيل الـجديد"، تُثبت "الولاء للشَّعب الـحُرِّ" الّذي يَنتخبها بِحرّيّة وأمانة وشفافية لِخدمته، وليس لاستعباده؛ ويَليق بالسّودان والـجزائر.
الـجزائر، بلد الأحرار ومَقصد الثّوّار؛ بلد الـمليون ونصف الـمليون شهيد؛ وهو عنوان كافٍ لقائد عبْر "دستور جديد"، يُجيدُ الـحُكم الـمُتوازِن في ظلّ تَحوُّلات فكريّة وثقافيّة وسياسيّة واقتصاديّة وطنيًّا وعالَميًّا. يُنشِئ حكومة كفاءات وطنيّة؛ تَسهر على خدمة "الشَّعب الـحُرِّ"؛ ويُطلق الـحرّيّات الفرديّة والـجماعيّة؛ ويَحفظ الـحقوق الـخاصّة والعامّة؛ ويُرسِي قواعد قضاء عادل؛ ويُؤسِّس لِمنظومة إعلام وصحافة أمينة، ويُحسن التّفاوض مع دول العالَم بِندّيّة واضحة الـمَعالِم مِن أجل "البِناء الوطنيّ"؛ ويَجتهد في "التّعاون الدّوليّ" بِما يَنفع الـجزائر مُجتمَعًا ودولةً في آنٍ.
خامس جُمعة للمَسيرات الشّعبيّة السِّلميّة في الـجزائر تَرفض أيّ تَمديد للعهدة الرّابعة؛ وتَرفض أيّ تعديل دستوريّ. هتافات تَتعالَى صباح مساء في كُلّ الـجزائر، وأيضًا الـمُقيمون خارجها يهتفون بصوت واحد ورسالة واحدة، بِلسان فصيح بليغ، "ارحلوا يعني ارحلوا"؛ وحينئذٍ يَختار الشَّعَب كُلُّ الشَّعب قيادة فرديّة أو جـماعيّة لتسيير مرحلة ما بعْد "تَنحِّي السُّلطة"؛ وبداية "حُكم وطنيّ راشد".
أليستْ هذه غابة وحوش، حينما تُقرَّر حياة النّاس هكذا؟ لِماذا يُنشَر لون واحد منَ الأفكار؛ أليستِ الأفكار بألوان كثيرة؟ لِماذا يُراد نَشْر الوهم بدل الـحقيقة بيْن النّاس؟ لِماذا هذا الخيار وَحده؟ وفي الـحقيقة يوجد أكثر من خيار لأنّه يوجد أكثر من رأي.
أيّ عجز للحكومات الـمُتعاقِبة في العالَم العربيّ هو خطوة لاستعمار قادِم، مُباشِرًا كان أَمْ غير مُباشِرٍ؛ وهي لعبة قديمة مُتجدِّدة بعناوين مُزخرَفة. والـحقيقة أنّ أطماع ما تسمَّى "الدّول العظمَى" لا تَزولَ، ما دامتِ الشّعوب لا تَستطيع اختيار حُكّامها؛ تلك "الدّول العظمَى" مَجازًا هي مَن تَختارُ أيّ مُوالٍ لسياساتها الّتي تَتمُّ فوق الطّاولة وتحت الطّاولة بِمشروعات خرافيّة في مجال الطّاقة والاستثمار؛ وضدّ إرادة الشّعوب؛ وتلك هي صناديق الانتخابات الّتي يُؤمن بها "أدعياء الدّيمقراطيّة" في "الغرب"... أمّا الشّعوب فقدْ سحقها ذاك "الـمُوالِي" الّذي يُغنِّي "مَـوّال الطّاقة"؛ ولا يَزال تابعًا جيبيًّا مِثل ما يَتبع القمر كوكب الأرض.. وتلك طامّة كُبرَى.
ولا حديث عن آراء واختيارات بـحرّيّة وعدل وأمانة، وهي إكراهاتٌ تُضاف إلى الإكراهات السّابقة الّتي تُسجِّل حضورها بعيدًا عنِ البِناء الوطنيّ الـحقيقيّ الّذي تَنشده الشّعوب، وهي تكريس مقولة "أنا وبعْدي الطُّوفان". وخيْر دليل على تلك الأنانية تقسيم السُّودان بِحجم قارّة إلى شطريْن؛ وهي وصمة عار تَظلُّ في جبين كُلِّ أفريقيّ وعربيّ لَم يُدافع عن وَحدة السُّودان؛ ودعم "بقاء الرّئيس" على حساب الشَّعب والبلد كُلِّه.
بعْد ما تآمرتْ دول على "ثورات الرّبيع العربيّ" بالـحديد والنّار أمس؛ بزغتِ اليومَ شمس الـحرّيّة على الشّعبيْن، السّودانيّ والـجزائريّ، والـمُطالَبة الواضحة الصّريحة برحيل "السُّلطة". ولتلك الـمَطالِب ما يُبرِّرها من احتجاجات فئويّة، ومُعارَضات سياسيّة هُدِّدتْ وقُمِعتْ وشُوِّهتْ بـ"الـخيانة" وغيرها من أراجيف عادة ما تَستخدمها "سُلطات غير دستوريّة وغير شعبيّة" في العالَم الثّالث تَحديدًا.
أثبتت الـمَسيرات الشّعبيّة السِّلميّة في الـجزائر والسُّودان أنّ مَسيرات شعوب البُلدان الشّقيقة واحتجاجاتها في سوريّة واليمن وليبيا ومصر والعراق والبحريْن كانت سِلميّة، ومُورِستْ عليها كُلّ أنواع الإقصاء والتّعذيب والقتل العمد؛ هذا مع "سُلطات بُلدانها"؛ وهو الأسلوب نفسه الّذي تَسلكه إسرائيل ضدّ الشَّعب الفلسطينيّ الـمُقاوِم.
تريد الشّعوب الـحُرَّة استكمال بِناء أوطانها بِسواعد أبنائها؛ وأن لا تَحتكر فئة ما "السُّلطة" لاعتبار تاريخيّ أو دِينيّ أو فكريّ أو عِرقيّ أو جغرافيّ.. ما يقوله مُحلِّلون سّياسيّون كثيرون أنّ "السُّلطات" في السّودان والـجزائر غير شرعيّة؛ وتَحكم الشَّعبيْن من دون رضاهما منذ سنين؛ وتَحمي مَصالِح دول أُخرى؛ ولا تَحمِي مَصالِح الشَّعبيْن؛ أي هناك غياب تامّ للـحُكم الوطنيّ الرّاشد في البلديْن.
تريد الشُّعوب الحُرَّة تَطهير بُلدانها مِن كُلِّ مُستعبِدٍ ومُستبِدٍّ ومُفسِدٍ، بداية مِن مَسيرات سِلميّة واحتجاجات هادئة نحو تغيير منشود، ومُقاوَمة أيّ خلل في شؤون الـمُجتمَع والدّولة بأمناء أوفياء قادرين على خدمة أوطانهم بكفاءاتٍ عالية الـمُستوَى؛ وتأسيس "حُكم وطنيّ راشد" بقيادات شابّة مِنَ "الـجيل الـجديد"، تُثبت "الولاء للشَّعب الـحُرِّ" الّذي يَنتخبها بِحرّيّة وأمانة وشفافية لِخدمته، وليس لاستعباده؛ ويَليق بالسّودان والـجزائر.
الـجزائر، بلد الأحرار ومَقصد الثّوّار؛ بلد الـمليون ونصف الـمليون شهيد؛ وهو عنوان كافٍ لقائد عبْر "دستور جديد"، يُجيدُ الـحُكم الـمُتوازِن في ظلّ تَحوُّلات فكريّة وثقافيّة وسياسيّة واقتصاديّة وطنيًّا وعالَميًّا. يُنشِئ حكومة كفاءات وطنيّة؛ تَسهر على خدمة "الشَّعب الـحُرِّ"؛ ويُطلق الـحرّيّات الفرديّة والـجماعيّة؛ ويَحفظ الـحقوق الـخاصّة والعامّة؛ ويُرسِي قواعد قضاء عادل؛ ويُؤسِّس لِمنظومة إعلام وصحافة أمينة، ويُحسن التّفاوض مع دول العالَم بِندّيّة واضحة الـمَعالِم مِن أجل "البِناء الوطنيّ"؛ ويَجتهد في "التّعاون الدّوليّ" بِما يَنفع الـجزائر مُجتمَعًا ودولةً في آنٍ.
خامس جُمعة للمَسيرات الشّعبيّة السِّلميّة في الـجزائر تَرفض أيّ تَمديد للعهدة الرّابعة؛ وتَرفض أيّ تعديل دستوريّ. هتافات تَتعالَى صباح مساء في كُلّ الـجزائر، وأيضًا الـمُقيمون خارجها يهتفون بصوت واحد ورسالة واحدة، بِلسان فصيح بليغ، "ارحلوا يعني ارحلوا"؛ وحينئذٍ يَختار الشَّعَب كُلُّ الشَّعب قيادة فرديّة أو جـماعيّة لتسيير مرحلة ما بعْد "تَنحِّي السُّلطة"؛ وبداية "حُكم وطنيّ راشد".
مقالات أخرى
31 مارس 2019
18 مارس 2019
13 مارس 2019