يفتح "العربي الجديد" من خلال عدة تقارير تُنشر تباعاً ملف النفوذ الإيراني في المشرق العربي، يتناول تعداد المليشيات التي تعتمد عليها إيران لاختراق الدول العربية والسيطرة عليها وخارطة انتشارها، كما يتناول الاستراتيجيات السياسية والإعلامية والأدوات اللوجستية التي تستخدمها حكومة إيران لصناعة المليشيات.
أكد المسؤولون السياسيون والعسكريون الإيرانيون مراراً أن مشاركة قوات البلاد في الحرب بسورية تقتصر على إرسال مستشارين عسكريين وليس مقاتلين، لتقديم المساعدة للجيش النظامي السوري ولمن يقف إلى جانب "محور المقاومة" في حربه "ضد الإرهاب"، على حد وصفهم.
لكن وجود عسكريين إيرانيين يقاتلون فعليا على جبهات القتال وبأعداد كبيرة مع آخرين من الأفغان والباكستانيين، الذين تم حشدهم في ألوية مقاتلة تشرف عليها وتمولها الحكومة الإيرانية، بات أمراً واضحاً ومعروفاً بحكم ظهور صور وأسماء العشرات منهم ممن سقطوا قتلى في سورية، أو تم أسرهم لدى قوات المعارضة السورية، وبات كل هؤلاء يسمون اصطلاحا في الأوساط الإيرانية بـ"مدافعي الحرم"، أي "المدافعين عن المراقد الدينية المقدسة التي يهددها الإرهاب"، وفق زعم رواية الحكومة الإيرانية.
من الممكن تقسيم التواجد العسكري الإيراني في سورية إلى تشكيلات عسكرية تنضوي تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني، بالإضافة إلى قوات التعبئة المعروفة باسم "الباسيج"، وأخيرا الجيش الإيراني، وفي ما يلي أهم التشكيلات التابعة للحرس الثوري والتي تقاتل في سورية.
فيلق القدس
أحد أهم الفرق العسكرية التابعة للحرس الثوري الإيراني. يقود عادة العمليات العسكرية خارج الحدود الإيرانية. تم تأسيسه في زمن الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، للإشراف على العمليات خارج الشريط الحدودي للبلاد داخل الأراضي العراقية، ومن غير المعروف بدقة عدد العسكريين الذين ينتمون إلى هذا الفيلق. وتقول ترجيحات إنهم يزيدون عن ثلاثة آلاف، فيما تقدر مصادر أخرى عددهم بعشرين ألفا.
يقود فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، الذي يبدو أنه بات يدير كل العمليات الميدانية في سورية والعراق، سواء تلك التي يحركها الحرس أو الجيش الإيراني، وحتى قوات "الباسيج".
يتواجد العسكريون التابعون لفيلق القدس في المواقع، التي تشهد عمليات حساسة ونوعية في سورية. وفي مايو/أيار الفائت، وبالتزامن مع العمليات العسكرية في منطقة خان طومان جنوب حلب، نقلت المواقع الإيرانية خبر مقتل أحد قادة هذا الفيلق، وهو شفيع شفيعي، وهو من منطقة رودبار الواقعة في محافظة غلستان شمالي إيران. وفي شهر يونيو/حزيران الماضي أفادت المعلومات بأن كلاًّ من محمد زلقي وجهانغير جعفري نيا لقيا حتفهما في سورية كذلك. ويعد جعفري نيا أحد قادة كتيبة "العمليات الخاصة 16" التابعة لفيلق القدس.
لواء "محمد رسول الله"
يمثل هذا اللواء الحرس الثوري الإيراني في محافظة طهران، ويقوده العميد محسن كاظميني، والذي اعتبر في تصريحات سابقة أن "ما يجري في سورية يهدد مبادئ الثورة الإسلامية".
وكان قائد هذا اللواء، الجنرال حسين همداني، وقد قتل في سورية بعد أن كان من أبرز قيادات ومؤسسي تشكيلات الحرس بالأساس. ورجحت بعض المصادر أن همداني كان مسؤول العمليات الميدانية في سورية، وقد تولى مهمة الحفاظ على مراكز النظام في العاصمة دمشق، بل وساهم بتشكيل مجموعات قتالية على غرار قوات التعبئة الإيرانية في سورية، فتميز بقيادة العمليات العسكرية باستخدام وتجهيز قوات مدنية.
تشرف على هذا اللواء القيادة الكلية للحرس مباشرة، وقد أرسل عددا من عسكرييه إلى سورية منذ سنوات. وقال كاظميني قبل عدة أشهر إن عدد قتلاه بلغ 28 شخصا حتى ذاك التاريخ بحسب موقع جهان نيوز الإيراني، الذي نقل عنه أيضا أن "الراغبين في الذهاب إلى سورية لتقديم الاستشارات العسكرية من هذا اللواء يتقدمون بطلباتهم في المكاتب الموزعة في طهران"، مؤكدا أن "المتدربين، أو من ما زالوا يخضعون لدورات، عددهم أقل بكثير من الخبراء".
لواء سيد الشهداء
هو الفرقة الثانية التابعة للحرس في محافظة طهران. يقوده حاليا العميد علي نصيري، ومقره الرئيسي في منطقة شهر ري جنوبي العاصمة. ويغطي كل المناطق التابعة لهذه المحافظة باستثناء مدينة طهران نفسها، والتي يشرف عليها لواء محمد رسول الله.
في ديسمبر/كانون الأول 2015، نقلت المواقع الإيرانية أن حبيب روحي تشوكامي، وهو أحد المستشارين العسكريين التابعين لهذا اللواء، قتل في سورية. وكان تشوكامي تابعا للقوات البرية في الحرس الثوري ومن ثم انتقل إلى البحرية، ليصبح سادس قتلى محافظة غيلان الواقعة شمالي البلاد.
لواء أنصار المهدي
هو من ألوية الحراسة والمرافقة التابعة لتشكيلات الحرس الثوري الإيراني. تشكل مباشرة بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، بعد تكرار محاولات اغتيال عدد من الشخصيات والرموز الدينية والسياسية. بالتالي تعد وظيفته الأصلية تقديم كوادر الحراسة الشخصية، والتي يقدر عددها بتسعين ألفاً حسب مصادر إيرانية.
وقد تم إرسال عدد من العسكريين الإيرانيين المنتمين إلى هذا اللواء إلى سورية للمساهمة في العمليات العسكرية هناك، وقد أكد قائد هذا اللواء في فرعه في مدينة زنجان الإيرانية، داوود سودي، في شهر مارس/آذار الماضي مقتل عسكريين اثنين من ذات المنطقة في سورية، وهما رحمان بهرامي وداوود مرادخاني، والاثنان في عقدهما الرابع من العمر.
لواء علي بن أبي طالب
هو لواء تابع للحرس الثوري الإيراني في مدينة قم. واعتبر قائده، مهدي مهدوي نجاد، في تصريحات رسمية صدرت عنه في عام 2013 أن "ما يجري في سورية عبارة عن حرب بالنيابة، أشعلتها بعض الأطراف لمحاصرة النظام هناك كونه داعماً لمحور المقاومة".
وقد ذكرت المواقع الإيرانية، في شهر فبراير/شباط الماضي، أن أربعة من المستشارين العسكريين التابعين لهذا اللواء لقوا حتفهم خلال اشتباكات مسلحة في سورية.
لواء صابرين
هذا اللواء تابع للقوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، ويوصف بالقوات الخاصة فيها، وهو من أقوى فرق الحرس، ويتولى مسؤولية بعض العمليات الحساسة. تأسس بشكل رئيسي لملاحقة ورصد تحركات المنتمين إلى حزب "الحياة الحرة" الكردستاني، غربي إيران، وتلقى أعضاؤه تدريباتهم على يد القوات الخاصة التابعة للجيش الإيراني، ليصبحوا بعد ذلك القوات الخاصة في الحرس.
في فبراير/شباط العام الماضي، أكد قائد القوات البرية التابعة للحرس، محمد باكبور، أن "عسكريين من هذا اللواء متواجدون في سورية بالفعل"، قائلا إن "مهمات قواته تنحصر في تقديم استشارات عسكرية".
أبرز قادة هذا اللواء ممن لقوا حتفهم في سورية كان الملازم الثاني في قوات المغاوير التابعة للواء صابرين في منطقة الأهواز، محمد ظهيري، حيث قتل خلال العام الفائت.