ويتمتّع السفير المصري الجديد بخبرة في التعامل مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وكان هذا من العوامل المرجحة لاختياره لمنصبه الجديد. فعزمي، البالغ من العمر 50 عاماً، عمل في القنصلية المصرية في تل أبيب لسنوات عدة، برفقة السفير المصري الأسبق ياسر رضا، ما أكسبه تواصلاً مع دوائر سياسية وحكومية وإعلامية إسرائيلية.
لكنّ العامل الرئيس لاختيار عزمي كان اقترابه الاستثنائي خلال السنوات الثلاث الماضية من جهاز الاستخبارات العامة، إذ يتمتع بعلاقة جيّدة باللواء عباس كامل، مدير الجهاز، والمدير السابق لمكتب رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي. وتؤكّد مصادر دبلوماسية أنّه تمّ اختيار خالد عزمي لمنصبه الجديد بسبب ولائه المطلق للنظام وعلاقاته الجيدة بالأجهزة السيادية والأمنية، إذ تمّ تفضيله على سفراء أكبر سناً وأوسع خبرة منه في مجال التواصل مع الدوائر الغربية والعربية وحتى الإسرائيلية.
وكان خالد عزمي قد اختير عام 2016 ليكون مديراً لوحدة كانت تؤسّس للمرة الأولى في ديوان وزارة الخارجية باسم "وحدة مكافحة الإرهاب"، التي ضمّت في عضويتها ممثلين عن الاستخبارات العامة والأمن القومي وجهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية. وكان مستغرباً أن يتم اختياره لتأسيس هذه الوحدة التي تنامى دورها الدبلوماسي بوضوح، إذ مثّل بنفسه مصر، ورئيس الوزراء، ووزير الخارجية، في العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية لبحث مكافحة الإرهاب وسبل التعاون الأمني بين مصر ودول عدة.
وبحسب المصادر، فإنّ خالد عزمي حضر العديد من اللقاءات التنسيقية في مجال مكافحة الإرهاب، برفقة ممثلين عن الاستخبارات العامة، للتنسيق مع دول بحجم الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وكذلك مع الاحتلال الإسرائيلي والسعودية والسودان، الأمر الذي أكسبه حضوراً وزخماً، وكذلك ثقة القيادة الاستخباراتية والسياسية، أخذاً في الاعتبار أنّ عباس كامل ما زال ثاني أقوى رجل في هيكل النظام المصري بعد السيسي. فرغم انتقاله لقيادة الاستخبارات العامة، إلّا أن كامل ما زال رفيق السيسي الدائم في جميع رحلاته الخارجية وجولاته الداخلية، والمنسق الأول لفعالياته المختلفة.
وربما يعبّر اختيار خالد عزمي، بما له من امتدادات ودعم استخباراتي، عن طبيعة المهمة الموكلة للسفير المصري لدى الاحتلال الإسرائيلي حالياً، وهي المشاركة في تدعيم التنسيق الاستخباراتي على مختلف الأصعدة، من ملف سيناء ومحاربة الجماعات المسلحة، مروراً بالملف الفلسطيني والوساطة بين المقاومة والإسرائيليين، وصولاً إلى المفاوضات الاقتصادية حول تصدير الغاز واستيراده وإسالته، وإنشاء المنتدى الجديد لدول شرق المتوسط المتعاملة في سوق الغاز.
ويتولّى جهاز الاستخبارات العامة حالياً ملف تصدير الغاز واستيراده بشكل أساسي، وبمساعدة مقتصرة على الجانب الفني من وزارة البترول. وبموجب الاتفاق على شراء تحالف شركتي "نوبل إينرجي" الأميركية، و"ديليك" الإسرائيلية، 39 في المائة من أسهم شركة "غاز شرق البحر المتوسط" والاستحواذ مع رجال أعمال آخرين على الشركة بالكامل، امتلك التحالف شبكة الأنابيب الواصلة بين عسقلان في الأراضي المحتلة، والعريش في مصر، والتي كانت تستخدم في تصدير الغاز المصري للاحتلال الإسرائيلي حتى عام 2011. أما الآن، فسيتم تصدير الغاز لمصر عبر شركة "دولفينوس" المملوكة لمستثمرين مصريين. و"دولفينوس" متفقة بدورها مع شركة "غاز الشرق البترولية" المصرية المملوكة حالياً للدولة، ممثلة في جهاز الاستخبارات العامة وهيئة البترول، لتوجيه الغاز المستورد إلى مصنع الإسالة الموجود بميناء دمياط، والمملوك بدوره لتحالف بين شركتي "يونيون فينوسا" الإسبانية و"إيني" الإيطالية، فضلاً عن توجيه كميات أخرى لأماكن أخرى في مصر.
وتؤكّد المصادر أنّ هناك ملفات تعمل الاستخبارات المصرية مع نظيرتها الإسرائيلية، وبمساعدة من السفارتين حالياً، على تسويتها، أبرزها الحكم الدولي في عام 2015 الذي قضى بتغريم مصر 1.76 مليار دولار لصالح شركة كهرباء إسرائيل تعويضاً لها عن وقف إمدادات الغاز من الجانب المصري. ويجري الطرفان مفاوضات لتخفيض هذه الغرامة من 1.76 مليار دولار إلى 470 مليون دولار. وكانت المفاوضات قد وصلت إلى مقترح أن يتم دفع هذه الغرامة على 15 عاماً، بضمان مصرف إقليمي أو دولي له فروع لدى الطرفين. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الاستخبارات المصرية والإسرائيلية على معالجة دعوى التحكيم المرفوعة من شركة "أمبال أميركان" أمام المركز الدولي لمنازعات الاستثمار "إكسيد" بسبب وقف تصدير الغاز المصري للاحتلال الإسرائيلي أيضاً.
وسبق أن مثّل مصر في تل أبيب 6 سفراء؛ كان أولهم سعد مرتضى بين عامي 1980 و1982، وثانيهم وأشهرهم وأكثرهم بقاءً في المنصب، محمد بسيوني، من عام 1986 إلى عام 2000، ثمّ محمد عاصم إبراهيم من 2005 إلى 2008، والذي خلفه ياسر رضا من 2008 إلى 2012، ثم عاطف سيد الأهل من 2012 إلى 2015، وأخيراً حازم خيرت من عام 2015 إلى 2018.
وشهدت فترة السفير حازم خيرت مشاركته في التحضير لزيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى القدس للقاء رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في يوليو/ تموز 2016، وتمثيله السيسي في احتفال الكنيست لمناسبة مرور 40 عاماً على زيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس المحتلة، كما كان خيرت دائم الحضور في المؤتمرات السياسية الأمنية الإسرائيلية.