وخلال لقاء حضره مع عدد من الجامعيين، أضاف خامنئي، اليوم الأربعاء، أنه لطالما أكد على أن "مشكلة واشنطن مع طهران لا ترتبط بالملف النووي"، واصفا ذلك بـ"الذريعة الواهية".
وقال إنه "مع ذلك قبلت إيران الاتفاق، لكن العداء لها لم يتوقف وبدأت الأطراف الأخرى بطرح مسألة الصواريخ ودور إيران الإقليمي"، معتبرا أنه إذا ما وافقت إيران على الحوار حول هاتين المسألتين فلن تتوقف المطالب عند هذا الحد.
وجدد المرشد الأعلى تأكيده على مسألة ضرورة عدم الثقة بأميركا التي طرحها أكثر من مرة في الداخل، "فرغم جهود المفاوضين الذين توصلوا للاتفاق لكنهم لم يستطيعوا ضمان الطرف الأميركي".
وفي ما يتعلق بالحوار الذي أعلن الرئيس حسن روحاني أن مفاوضيه سيبدأون به مع الأطراف الغربية في الاتفاق للحصول على ضمانات، وهو ما سيرسم شكل القرار الإيراني بشأن البقاء في الاتفاق من عدمه، أوضح خامنئي أنه "من غير المنطقي الاستمرار بالاتفاق دون أخذ ضمانات كافية من الدول الأوروبية الثلاث"، مشيرا لعدم ثقته كذلك بهذه الأطراف، واشترط الحصول على الضمانات والحفاظ على عزة الإيرانيين، إذ اعتبر أن أمام مسؤولي إيران اختبار صعب، لمعرفة ما إن كانوا سيصونوا حقوق الإيرانيين.
ولم يتردد خامنئي في توجيه انتقاد لاذع لترامب الذي رأى أن سلوكه "السخيف" ليس حديث العهد، "فلطالما تصرف رؤساء أميركا بعداء تجاه إيران باختلاف أساليبهم"، قائلا إن "ترامب سيدفن في النهاية وستلتهم الديدان جثته، بينما ستبقى الجمهورية الإسلامية حية صامدة".
وفي شق آخر من حديثه، أشار خامنئي لحصول إيران على نسخة من رسالة وجهها ترامب لدول خليجية، إذ ذكر لهم أنه دفع سبعة مليارات دولار، وبالمقابل عليهم تنفيذ بعض الأمور، فخاطبه المرشد بالقول "أنفقت الأموال في سورية والعراق لتسيطر عليهما، ولم تستطع الوصول لنتيجة، اذهب إلى الجحيم".
من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، لوكالة فارس، إن طهران سترحب باستمرار الاتفاق بحال أمنت الأطراف الأوروبية مصالحها، معتبرا أن واشنطن ستندم على ما فعلته.
وقال قاسمي إن "في موقف ترامب إهانة للأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي أثبتت التزام إيران بتعهداتها، كما لم يحترم رغبة الاتحاد الأوروبي"، ورأى أن طهران ساهمت في الحرب على التنظيمات الإرهابية ومنعت تمدده نحو أوروبا، رافضا الاتهامات الموجهة إليها بدعم الإرهاب.
مشروع طارئ في البرلمان للرد
في سياق متصل، أعلن رئيس اللجنة النووية في البرلمان الإيراني مجتبى ذو النور، أن النواب حضّروا نسخة لمشروع طارئ لبحثه في البرلمان، يلزم الحكومة بالتصرف والرد بالشكل المناسب على انسحاب أميركا من الاتفاق النووي، وذكر أنه تم التأكيد في إحدى المواد الملحقة به على ضرورة ألا يستمر الحوار مع الغرب لأكثر من شهر واحد.
وبعد أن عقد النواب جلسة، اليوم، ورددوا خلالها شعار "الموت لأميركا"، أصدروا بيانا مشتركا شجبوا خلاله قرار ترامب وردود فعل بعض الأطراف المؤيدة له، ولا سيما بعض الدول العربية المحسوبة على الجبهة المضادة لإيران، قائلين إن طهران لا تثق بأميركا، لكنها ما زالت تصر على سياسة التفاهم مع باقي دول العالم.
واعتبر النواب أن أمام الأطراف الباقية في الاتفاق اختبار حقيقي لتثبت أنها ستقف بوجه الإملاءات الأميركية، قائلين إنهم سيرصدون التطورات عن كثب، وسيأخذون قرارهم بناء على القانون الذي صوتوا عليه في وقت سابق ويرتبط بصيانة الحقوق والمصالح القومية في الاتفاق.
وأفاد النواب بأن أعداء إيران لم ينجحوا بعزلها، داعين للانسجام والوحدة الداخلية، لكنهم اعتبروا أن واشنطن غير قادرة على ارتكاب أي حماقة، مطالبين الحكومة بتجهيز برامجها لتقدمها أمام البرلمان وللرد على الانتهاك الأميركي، وأن تطبق القانون الذي تم التصويت عليه سابقا بما يصون المصالح.
من جانبها، نقلت وكالة فارس الإيرانية أن كلا من وزير الخارجية محمد جواد ظريف، ورئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، سيحضران جلسة أمام لجنة الأمن القومي البرلمانية ليقدما توضيحات حول مستقبل الاتفاق والاحتمالات الواردة.
كما أوضح وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي، أن مسألة خروج ترامب من الاتفاق كانت مطروحة على طاولة المسؤولين منذ فترة، فاتخذت إيران عدة قرارات تشمل عدة مستويات، منها ما هو أمني واقتصادي وتجاري.
وأكد فضلي أن طهران التزمت وما زالت ملتزمة بتعهداتها، مقابل أن واشنطن أثبتت للكل أنها غير أهل للثقة ولا تستحق فرصة التفاوض أو توقيع اتفاقيات معها.
أما وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، فاعتبر أن إيران ليست بلدا تهدده الأطراف الخارجية، وأن أعداءها على دراية بما تمتلكه من منظومة عسكرية، لذا لا يتحدثون عن الخيار العسكري ضدها.
حرق العلم الأميركي
في الشارع، شارك عدد من طلاب الجامعات الإيرانية في مراسم اعتراضية على قرار ترامب، فأحرقوا العلم الأميركي مرددين شعارات مناوئة له.
وبعدما أحرق برلمانيون إيرانيون العلم الأميركي كذلك، علق نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي مطهري، على الأمر قائلا إنه لم يكن مناسبا فعل ذلك في البرلمان، فهناك أميركيون يقفون ضد ترامب، وإحراق علمهم قد ينقل صورة سيئة.
وأيد مطهري قرار الحكومة بالحوار مع الأطراف الأوروبية لمعرفة ما طبيعة الضمانات التي قد تقدمها للحفاظ على الاتفاق، ورأى أنه من الضروري الحفاظ على وحدة الصف في إيران، ولا سيما أن هناك تيارات متشددة تحاول مصادرة جهد الحكومة المعتدلة وفتح النار عليها بعد قرار ترامب.