اتهم مصريون حكومة بلادهم بالتهوين من آثار غرق ناقلة نيلية تابعة لإحدى شركات القوات المسلحة، محمّلة بـ500 طن من الفوسفات في نهر النيل بصعيد مصر، أمس الثلاثاء، بعد إعادة تشغيل محطات المياه وإعلان الحكومة أن مياه النيل "آمنة".
وطالب الخبير البيئي، الدكتور حمدي هاشم، الحكومة بسرعة إنقاذ الموقف قبل إصابة الآلاف من جموع الشعب بالأمراض المختلفة.
وأكد هاشم أن ما حدث في النيل يعدّ كارثة بيئية من الدرجة الأولى، وأن إغلاق محطات مياه الشرب غير كافٍ لإنقاذ الموقف، مشيراً إلى أن الدفع بكميات من المياه من السد العالي هو الوحيد القادر على تطهير النيل، إلا أن أزمة المياه التي تمر بها البلاد حالياً، خاصة مع أزمة سد النهضة الإثيوبي، تحول دون ذلك، منوهاً بأن الفوسفات يحمل عناصر مثل "اليورانيوم المشع والنيكل والكروم والرصاص واليورانيوم"، وأن تلك العناصر ترتفع فيها درجات السموم، وبالتالي تهدد كل من يقترب منها، لكونها تحمل مواداً سامة ذات خطورة عالية.
وطالب الخبير البيئي الحكومة بالتحرك لإنقاذ الموقف، وعدم التعامل بشكل عادي لخطورة الأمر، وعدم نقل مثل تلك المواد في المستقبل عن طريق النيل، ونقلها في وسائل أكثر أمناً تُراعى فيها عناصر السلامة والأمان، مشيراً إلى أن ما حدث كفيل بإبادة أجيال وإصابة المواطنين بالأمراض وتشوهات الأجنّة.
وعدّد الدكتور أشرف الشناوي، رئيس قسم الأمراض المشتركة بالمركز القومي للبحوث، أخطار وجود تلك الكميات من الفوسفات في مياه النيل حال تناول تلك المياه الملوثة، والتي تؤدي إلى الإصابة بأمراض السرطان والفشل الكلوي والكبدي ومشاكل في التنفس والقلب وإصابة الجلد بـ"التقشف" وأمراض الدم، بالإضافة إلى مشاكل في البصر وليونة العظام، موضحاً أن ما حدث ينم عن استهتار، مطالباً بمحاسبة كافة المسؤولين المتسببين في الحادث وإحالتهم الى المحاكمة بتهمة قتل المصريين.
وعبّر الشناوي عن قلقه من إصابة الأسماك والزراعة التي تقوم على مياه النيل بالتسمم، خاصة في المستقبل، بسبب تشبّعها بالسموم والتي تنتقل بالتبعية إلى بطون المصريين، وأيضاً الماشية، ما قد يسبب الكثير من الأمراض في المستقبل.
مشيراً إلى أن طن الفوسفات يحتوي على 200 جرام يورانيوم، وبالتالي فإن 500 طن تحتوي على 10 كلج يورانيوم في النيل، وهذا خطير جداً، مطالباً وزارة البيئة والري والمحليات وكافة الأجهزة المعنية بنهر النيل، بضرورة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإخراج أي كميات من الفوسفات من قاع النيل كي نقلل الآثار البيئية الناتجة، وحتى لا تصل تلك الكميات إلى القاهرة ومحافظات الوجه البحري خلال الـ48 ساعة المقبلة.
ونوّه رئيس قسم الأمراض المشتركة بالمركز بأن فلاتر معالجة محطات المياه لا تستطيع تخليص المياه من تلك السموم الضارة، وأنه يجب على الحكومة إطلاع الشعب على حقيقة
الموقف، وقال إن الأثرياء وكبار المسؤولين سيلجأون إلى تناول المياه المعدنية وشراء المنتجات الزراعية المستوردة الخالية من الملوثات، أما "الغلابة" فسوف يكونون ضحايا، موضحاً أن المياه الطبيعية فيها نسبة من الفوسفات، إلا أن هذه النسبة قليلة جداً.
يذكر أن وزارة الدولة لشؤون البيئة في مصر قالت، في بيان على صفحتها على فيسبوك، اليوم، إن نتائج العيّنات التي استخرجت من مياه النيل، كانت "مطابقة للحدود المسموح بها، ولا يوجد أي تغيّر في نوعية المياه"، وأن "الفوسفات الخام مادة قليلة الذوبان في الماء".
اقرأ أيضاً:
مصر تطلب مساعدة دولية لمحاصرة "الفوسفات" وتعيد تشغيل محطات المياه
مخاوف من تلوث مياه النيل بعد غرق مركب فوسفات