قال خبراء في النفط والطاقة إن مساعي الجزائر لإقناع عدد من دول أوبك بخفض إنتاجها لدعم الأسعار، التي تراجعت بحدة على مدى الـ 6 شهور الماضية ستفشل، في ظل تمسك خليجي بمواجهة طفرة النفط الصخري، سعيا للحفاظ على الحصة السوقية للمنتجين التقليديين في السوق العالمي.
وقال عبد المجيد عطار، خبير الطاقة والرئيس السابق لمجموعة "سوناطراك" الجزائرية، إن المساعي الجزائرية الرامية إلى إقناع دول منتجة للنفط من داخل منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك ومن خارجها، بخفض إنتاجها للحد من تراجع أسعار النفط لن تنجح.
وقررت الدول الأعضاء في أوبك في اجتماعها أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تثبيت سقف الإنتاج عند 30 مليون برميل يوميا، رغم تخمة المعروض العالمي، مما أدى إلى المزيد من التراجع في أسعار النفط، وتفجر خلافات بين الدول الأعضاء التى انقسمت ما بين مؤيد ومعارض لقرار تثبيت الإنتاج.
وقام الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، في يناير/كانون الثاني الماضي، بإيفاد مبعوثين إلى رؤساء عدد من الدول المنتجة للنفط في الخليج العربي، وإيران، وروسيا، والمكسيك، لإقناعهم بالتحرك الموحد لخفض الإنتاج من أجل الحد من تهاوي الأسعار.
وتضم أوبك حاليا العراق، وإيران، والسعودية، والإمارات، وأنجولا، والكويت، وقطر، وفنزويلا، والإكوادور، وليبيا، والجزائر، ونيجيريا.
وقال عطار، في مداخلة له على هامش معرض دولي للنفط بالعاصمة الجزائر، مساء أمس الأربعاء، إن مساعي الجزائر لن تكلل بالنجاح، لأن هناك دولا من داخل أوبك ترغب في الحفاظ على الأسعار منخفضة، في ظل الحرب التي أعلنتها الدول الخليجية على الشركات المنتجة للنفط الصخري الأميركي.
وتنظر الجزائر إلى مسألة انخفاض أسعار البترول بحساسية عالية، بسبب اعتمادها الكلي على إيرادات النفط.
وتعد الجزائر موازنتها السنوية على أساس 37 دولارا لبرميل النفط منذ عام 2008، ويذهب الفارق بين هذا السعر والسعر الحقيقي إلى صندوق ضبط إيرادات الموازنة؛ المستحدث منذ العام 2001.
وتراجع فائض الميزان التجاري للجزائر في يناير/كانون الثاني الماضي بنسبة 43% إلى 483 مليون دولار، مقابل 843 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، وفق إدارة الجمارك الجزائرية.
ورأى عطار أنه إذا كانت الجزائر قد نجحت في مسعى مشابه لما تحاول تحقيقه الآن في عام 1999، فإن المعطيات الجيوستراتيجيّة تغيرت اليوم كثيرا، وهي في غير صالحها، مشيرا إلى أن الحرب المعلنة من دول الخليج على منتجي الغاز الصخري، فضلا عن الرفض الكبير من طرف روسيا لخفض إنتاجها بسبب حاجاتها الماسة إلى تصدير النفط في المرحلة الراهنة يعطلان أي مساعٍ لخفض الإنتاج.
وفى الفترة بين عامي 1997 و1998، تراجعت أسعار النفط بحدة بسبب أزمة الاقتصاديات الآسيوية، فضلا عن ارتفاع إنتاج أوبك من النفط، مما دعا دول أوبك، وعلى رأسها الجزائر في ذلك الحين، إلى خفض الإنتاج بالتنسيق مع عدد من الدول خارج المنظمة مثل المكسيك والنرويج، لتنتعش أسعار الذهب الأسود عامي 1999 و2000.
اقرأ أيضا: أزمة النفط تجبر بوتفليقة على التراجع عن وعوده الانتخابية
واستبعد خبير الطاقة الفرنسي، فرانسيس بيران، أن تقبل السعودية وحلفاؤها داخل أوبك خفض الإنتاج، قبل انتهاء معركة تكسير العظام مع الشركات المنتجة للنفط الصخري في كل من أميركا وكندا.
وقال محللون إن قرار أوبك في اجتماعها الأخير بتثبيت سقف الإنتاج، يأتي في ظل سعي غير معلن من الدول الأعضاء وخاصة الخليجيين، لمواجهة طفرة إنتاج النفط الصخري مرتفع التكلفة في الولايات المتحدة، والضغط على الأسعار لتقليل ربحية المنتجين.
وأضاف فرانسيس بيران، في مداخلته خلال المعرض الدولي للنفط، الذي بدأت فعالياته في الجزائر يوم الثلاثاء الماضي وتنتهي غدا الجمعة، أن حرب الحصص بين المنتجين داخل وخارج الأوبك بلغت مداها، ولا يمكن تصور نجاح مسعى من قبيل الخطوة التي أطلقها بوتفليقة لدعم الأسعار.
ورأى الخبير الفرنسي أن الحل يكمن في مشاركة الجميع من داخل وخارج المنظمة للتوصل إلى توافق بهذا الشأن، مع انتظار اجتماع أوبك في يونيو/حزيران المقبل.
وأشار بيران إلى أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام يسجل ارتفاعا إيجابيا منذ عام 2008، بفضل النتائج الجيدة في مجال اكتشافات واستخراج النفط الصخري.