في الوقت الذي هلّلت فيه غالبية وسائل الإعلام المحليّة، بالقمة المصرية القبرصية اليونانية التي عقدت في العاصمة القاهرة، أمس السبت، وبالغت في وصفها بـ"الصفعة لتركيا"، معدّدةً نتائجها الإيجابية، قلّل خبراء سياسيون من نتائج القمة على أرض الواقع، خاصة في ظل الوزن الاقتصادي والسياسي البارز لتركيا حالياً، والدور المحدود للدول الثلاث التي عقدت القمة.
وكان بيان قد صدر للأطراف الثلاثة، أكّد دعم كل من اليونان وقبرص لمصر، في حربها على الإرهاب، ودعم موقف قبرص في مطالبتها لتركيا، بسحب سفينة الأبحاث الجيولوجية من البحر المتوسط، واحترام الحقوق السيادية لقبرص على منطقتها الاقتصادية، والعزم على إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص.
واعتبر الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور صلاح لبيب، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "بيان القاهرة الصادر عقب اجتماع قادة الدول الثلاث، يهدف في الأساس إلى تدعيم موقف النظام المصري في الاتحاد الأوروبي عبر اليونان، وذلك من أجل تسويق النظام الحاكم، ونقل وجهة النظر التي يريدها، خصوصاً الرؤية الأمنية التي تغلب ما يسمى بمحاربة الإرهاب على الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وأشار إلى أنّ النظام المصري الجديد، يسعى إلى جلب حلفاء له في الساحة الأوروبية في ظلّ تردي الحريات، والتوسّع في الإجراءات الاستثنائية، ويظهر أنّ مواجهة التحالف للإرهاب خيار منقذ، بالإضافة إلى إعطاء صورة يجري الترويج لها داخلياً، بأنّ مصر تحاصر تركيا عبر دول تشهد خلافات تاريخية معها".
إلى ذلك، رأى لبيب أنّ "تأثير هذا التحالف سيظلّ محدوداً على تركيا، لأنّه يرتكز إلى موقف النظام المصري من النزاع بين قبرص وتركيا، والخلافات حول حقوق الغاز في شرق المتوسط"، موضحاً أنّ "وضع الدولة المصرية في الوقت الحالي، لا يسمح لها بمزيد من الضغط على تركيا، في ظل المؤشرات الاقتصادية المرتفعة للأخيرة، وتحالفاتها الكبرى عالميا".
وفي حين لفت إلى أنّ بيان القاهرة، ذكر أنه لم يتمّ الانتهاء من ترسيم الحدود، أكّد أن أي اتفاقات سيجري التوصل إليها بين الدول الثلاث، ستخسر تركيا بموجبها بشكل جزئي، إلا أنّ تقدير حجم مكاسب مصر من اتفاقية الغاز، وفق ترسيم الحدود مع اليونان وقبرص، أمر لا يمكن تحديده بدقة حالياً".
بدوره، قلّل نقيب الصحافيين السابق، والخبير الاقتصادي ممدوح الولي، من أهمية القمة، مؤكداً أنّ لغة الأرقام تكشف حجم دولة مثل قبرص، هلل الإعلام المصري للتعاون معها، في حين أنّ مساحتها تبلغ 5896 كيلو مترا (أي أقل من أي محافظة مصرية)، ويبلغ تعداد سكانها مليونا و172 ألف نسمة، وعدد العاملين بها 444 ألف نسمة.
كما أشار إلى أنّ قبرص تعاني من ارتفاع مشكلة البطالة، التي وصلت نسبتها في العام الماضي إلى 17.3 في المائة، وبين الشباب إلى 28 في المائة، وتعاني من عدد من الصعوبات الاقتصادية، أبرزها وجود نمو سالب للناتج المحلي خلال العامين الماضيين، بلغت نسبته العام الماضي 8.7 في المائة؛ فيما تحتلّ المركز 137 بين دول العالم في قيمة الصادرات.