وينتمي الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 11 و16 عاماً، إلى فريق Wild Boar لكرة القدم، واختفوا بتاريخ 23 يونيو/ حزيران بعد دخولهم منطقة كهوف ثام لوانغ، ومحاصرتهم بالمياه في الأنفاق المظلمة، جراء الفيضانات التي سببتها الأمطار الغزيرة والمستمرة، وفقاً لموقع "ديلي ميل".
واستطاعت فرق الإنقاذ الوصول إلى الفتية، وتزويدهم بإمدادات الغذاء والدواء، كما وافق اثنان من الأطباء على البقاء برفقتهم حتى إيصالهم إلى بر الأمان، في حين كان الخبراء في العالم يتجادلون بشأن كيفية إخراجهم على قيد الحياة، وكانت الخيارات تنفد شيئاً فشيئاً، لأن الانتظار حتى انحسار مياه الفيضان، كان يعني احتمال انخفاض مستويات الأوكسجين في المكان، وارتفاع معدل غاز ثنائي أوكسيد الكربون القاتل، بالإضافة إلى احتمال هطول الأمطار مجددًا، ومنع فرق الإنقاذ من إمكانية الدخول والخروج للكهف مرة أخرى.
واضطر المسؤولون في النهاية لاختيار طريقة إنقاذ خطرة، وهي إخراج الأطفال من الكهف عبر الممرات المغمورة المظلمة، على الرغم من أن ذلك قد يعرضهم لخطر الغرق، بسبب جهلهم بالغوص واحتمالية إصابتهم بالهلع، إلا أنّ أحد الخبراء الذين يتولون عملية الإنقاذ قال بوضوح: "إذا نفذنا العملية الآن، قد نخاطر بموت بعضهم، إلا أن الانتظار قد يعني إخراج 13 جثة لاحقًا".
وأخبر المسؤولون عن عملية الإنقاذ آباء الأطفال، أن الغواصين يعلمونهم كيفية الغوص، وأن كل واحد منهم سيحصل على أنبوب هواء ثم يسبح خارجاً مع غواص أمامه وآخر خلفه، إلا أن هذا الأمر لم يكن صحيحاً في الحقيقة، وكان مجرد ادعاء هدفه تهدئة العائلات الخائفة، لأن المنقذين عرفوا أن احتمال نجاة الأطفال الذين لم يغوصوا سابقاً في حياتهم، ضئيل للغاية بهذه الطريقة، ولم يكن أمامهم سوى تخديرهم، ووضع أقنعة أوكسجين على وجوههم، ثم تثبيتها بإحكام بأختام من السيليكون.
وكان تثبيت أقنعة الأوكسجين أمراً مهماً للغاية، لأن أغلب الأقنعة المتوافرة كان مخصصاً للكبار، وأثيرت شكوك حول عدم صلاحيتها لإيصال الأطفال إلى بر الأمان، من دون المخاطرة باختناقهم أثناء ذلك، كما احتاج تخدير اللاعبين لأخصائيين، وكلف بهذه المهمة طبيب التخدير والغواص ريتشارد هاريس، وصديقه الطبيب البيطري والغواص كريغ تشالين، حيث تولى الأول تخدير الأطفال، وتولى الثاني مراقبتهم أثناء إخراجهم، إلا أنهما طالبا مسبقاً بالحصانة الدبلوماسية، لعلمهما باحتمال لومهما في حال تعرض أحد الأطفال للخطر.
وأجرى الغواصون مهمات تدريبية على شبان ضئيلي البنية، قبل تنفيذ المهمة الحقيقية، مما ساهم في رفع معنوياتهم، إلا أن السؤال المقلق الذي شغل بال الطبيب هاريس، هو نوع الأدوية التي يجب استخدامها للحفاظ على الأطفال فاقدي الوعي لمدة ثلاث ساعات، من دون تعرض أجسامهم للضرر، ولم يكن هذا الأمر مذكوراً في أي كتاب للقواعد الطبية، لعدم وجود عمليات إنقاذ مشابهة في التاريخ.
وقرر الطبيب هاريس في النهاية، استخدام مزيج من ثلاثة أدوية، إذ أعطى كلًا منهم قرصًا من دواء Xanax المضاد للقلق، لجعلهم يتغلبون على خوفهم، ثم حقن الكيتامين المخدر في عضلة الساق، والأتروبين للحد من اللعاب في أفواههم، وتجنيبهم الاختناق، وطلب من الغواصين حقنهم بالكيتامين مرة أخرى كل ساعة، بسبب قصر مدة فعاليته، كما ربطت يدي وقدمي كل فرد، لضمان عدم نزعه لقناع الأوكسجين عن وجهه، وتعريض حياته للخطر في حال استيقظ فجأة من السبات.
ولم يكن الطبيب هاريس واثقاً من أن الأدوية التي استخدمها ستعطي التأثير المطلوب، وكان يشك في أن احتمال النجاح ضئيل للغاية، في حين كان المنقذون الأكثر تفاؤلا، يعتقدون أن خمسة من الأطفال قد يموتون، إلا أن هذا لم يحدث، فقد أخرج الأطفال جميعهم سالمين إلى بر الأمان على دفعات، ابتداء من 8 يوليو/ تموز، بمساعدة أكثر من 100 شخص ساهموا في تجاوز العديد من الصعوبات، وتنفيذ عملية الإنقاذ التي لمست قلوب الكثيرين حول العالم.