رؤى قاسم (25 عاماً) واحدة من اللواتي يعملن بمصنع "روسيتا" تقول إن الفكرة في بدايتها كانت بعيدة عن قبولها كونها تخرجت بتخصص سكرتارية دولية ورأت نفسها قد تعمل في مجال مختلف تماما عن تطلعاتها.
وتبين قاسم لـ"العربي الجديد"، أنها بدأت تعتاد على هذا العمل وتراه مناسباً لها في ظل البطالة المتفشية بغزة، وتقول إنها منذ بدأته قبل 7 أشهر وجدت أنه قد يسد احتياجاتها إلى حد بعيد ويساعدها على توفير مصروفٍ خاص، بدلاً من مرور سنوات على وقوعها في فخ البطالة منذ تخرجها في الجامعة عام 2013.
الأمر لم يختلف كثيراً عن طموحات عبير العثامنة (40 عاماً) والتي أنهت مرحلة الثانوية العامة، لكنها كانت تبحث عن فرصة عملٍ تساعد بها زوجها على إعالة أبنائهما الـ8.
تقول لـ"العربي الجديد"، إن لديها 3 من الأبناء يدرسون في الجامعة و3 آخرين قد تخرجوا، وهي بحاجة إلى توفير المال لإعالتهم خصوصاً أن زوجها موظفٌ تابع للسلطة الفلسطينية ويتقاضى راتباً محسوماً بنسبة 50 بالمائة في ظل العقوبات التي يفرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس على الموظفين منذ إبريل/نيسان 2017.
وبدأت فكرة المصنع من منطلقين: الأول، محاولة تقنين فائض إنتاج البطاطس في غزة عبر مصنع يعمل على تصنيع البطاطس الجاهزة وتوريدها داخل غزة. والثاني كان توجهاً نحو توفير فرص عمل لخريجات لم ينجحن في النجاة من طابور البطالة المتفشية بالقطاع وتوظيفهن في عملٍ قد يناسب إمكانياتهن.
مهندسة الصناعات الغذائية والقائمة على المصنع، ريهام المدهون، تقول لـ"العربي الجديد"، إن هناك توجهاً أيضاً لمحاولة تقليل استيراد الكميات الكبيرة من البطاطس الجاهزة من الأراضي المحتلة إلى غزة وتعويضها بكميات منتجة محلياً وداعمة للاقتصاد المحلي، باستغلال فائض الإنتاج بهذا المحصول بالقطاع.
فكرة مصنع "روسيتا" – نوع من أصناف البطاطا- تولدت أوائل عام 2018 فيما بدأ الإنتاج فعلياً بشهر يونيو/حزيران الماضي، معتمدين على 3 أصناف تتم زراعتها والتي تستخدم للتصنيع الغذائي وهي "تشالنجر" و"انيفيتر" و"ديزيريه"، وفق ما أوضحته المدهون.
ويعتمد المصنع على تصنيع صنفين من البطاطس؛ الصنف الأول هو "فريش" -الجاهزة- والتي يتم تقطيعها وتحضيرها قبيل توريدها لمطاعم عاملة في غزة، أما الصنف الثاني فهو البطاطس المجمدة التي تكون فترة صلاحيتها أكبر من ذلك وقد تصل إلى سنة، والتي يتم تخزينها داخل ثلاجات خاصة لغاية تسويق هذه المنتجات.
ويتعامل المصنع، وفق المدهون، مع نحو 20 مطعماً عاملاً في غزة حتى اللحظة. وتقول إن هناك إقبالاً على ما يتم إنتاجه كونه وفّر ضعف السعر الذي كانت تلك المطاعم تتكبد دفعه نظير الحصول على البطاطس المستوردة من الخارج، ناهيك بتأثر المنتج بعمل المعابر وتأخرها أحياناً، ما يقلل جودة البطاطس المصنّعة.
ويعد نقص ساعات وصل الكهرباء أبرز مشكلة يعاني منها المصنع. وتبين المدهون الاضطرار للعمل وفق ساعات وصلها سواءً أكانت في الصباح أو المساء، فالأمر مرتبط بتحسن جدول وصل الكهرباء وهي أزمة تتصدر أزمات غزة منذ 12 عاماً من فرض الاحتلال حصاره على القطاع.
داخل المصنع تعمل سيدات وشابات خريجات فقط، هنّ من يتابعن مراحل تصنيع البطاطس الجاهزة والتي تمر بمراحل عدة تبدأ بحوض استلام البطاطس ثم مرورها عبر ماكينة التقشير آلياً ثم مرحلة فرزها من الشوائب، مروراً بعملية التقطيع آلياً ثم فرزها للحصول على أفضل جودة ونهايةً بمرحلة الغسيل قبل تعبئتها.
فيما تشمل مراحل البطاطس المجمدة، الفرز ثم الغسيل قبل أن تبدأ مرحلة مختلفة وهي وضعها في حوض لسلقها نصف سلقة ثم تبريدها، مروراً بقليها وصولاً إلى تجميدها قبيل وضعها في ثلاجات التجميد الخاصة بها، وفق ما أوضحته المدهون.
إلى ذلك، يؤكد مدير عام التسويق والمعابر بوزارة الزراعة في غزة، تحسين السقا لـ"العربي الجديد" أن غزة تشهد اكتفاءً ذاتياً في إنتاج البطاطس بموسميها، حيث ينتجان ما يقارب 55 ألف طن يتم تصدير 3 آلاف طن منها إلى الخارج، وهو المحصول الذي يتوفر من مساحة 13 ألف دونم مزروعة من البطاطس في القطاع.