حذر "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي من التداعيات السلبية التي يمكن أن تنجم عن احتدام المواجهة والتنافس بين تركيا والمحور الذي يضم اليونان وقبرص ومصر على مصالح إسرائيل الاقتصادية والاستراتيجية.
وفي تقرير أعده الباحثان ليندا شتراوس وعوفر فنتور، لفت المركز إلى أنه على الرغم من وقوف إسرائيل إلى جانب اليونان ومصر في المواجهة الدائرة في شرق المتوسط، إلا أن مصلحتها تكمن في خفض التوتر بين الأطراف، وضمان الاستقرار في المنطقة، وذلك بهدف تمكين تل أبيب من استنفاد الفرص الكامنة في التعاون الاقتصادي مع جيرانها، والحيلولة دون تفجر سباقات التسلح في المنطقة في غير صالح المصلحة الإسرائيلية.
ويرى معدا التقرير أن تورط إسرائيل في إسناد المحور المصري اليوناني في حوض المتوسط أو ليبيا سيكون مكلفا لها، علاوة على أن ذلك سيفرض على تل أبيب إبداء اهتمام بهاتين الساحتين في وقت تتعاظم فيه التحديات التي تواجهها، وضمنها التحديات الداخلية الناجمة عن تفشي وباء كورونا، إلى جانب التحديات الخارجية التي ساهم الوباء في تأجيل التعامل معها، مع أن تل أبيب تقف إلى جانب المحور المعادي لتركيا.
ولفت المركز إلى أن تبلور محاور متصارعة في شرق حوض المتوسط سيفضي إلى زيادة مستوى الخصومة والتنافس بين إسرائيل وتركيا، محذرا من أنه مما يزيد الأمور تعقيدا حقيقة أن التوتر بين المعسكرات المتنافسة في المنطقة سيدفع إلى سباق تنافس بين الأسلحة البحرية والجوية للدول المنضوية في إطار هذه المعسكرات، ما سيؤثر على موازين القوى في المنطقة بشكل لا يخدم المصلحة الإسرائيلية.
وشدد التقرير على أنه على الرغم من أن إسرائيل ترى في معظم الأنشطة التركية في المنطقة أنشطة غير إيجابية، إلا أن جزءاً من هذه الأنشطة يمثل تهديدا مباشرا عليها، ويتطلب ردا.
وحسب معدي التقرير، فإن إسرائيل مطالبة بالاستعداد لمواجهة تبعات طيف واسع من السيناريوهات في أعقاب التصعيد بين تركيا وكل من اليونان ومصر، بدءا من إمكانية حدوث مواجهة عسكرية بين تركيا وخصومها، مرورا بمواصلة المواجهة الدبلوماسية، وما يمكن أن تسفر عنه من تفاهمات واقعية.
ولفت المركز إلى أن منطقة شرق حوض المتوسط تكتسب أهمية كبيرة في نظر إسرائيل، بفعل مصادر الغاز وثقلها الاستراتيجي على كل الصعد، وهذا يجعلها صاحبة مصلحة في منع انفجار أزمات إقليمية، ومحاولة ضمان أن تكون هذه المنطقة آمنة.
وأوضح المركز أنه على الرغم من أن دور الوساطة الألمانية في محاولة حل الصراع في ليبيا والصراع التركي اليوناني في حوض المتوسط يخدم بشكل جيد المصلحة الإسرائيلية، إلا أن لتل أبيب مصلحة أيضا في انضمام أطراف أخرى لجهود الوساطة، ولا سيما الولايات المتحدة.
واعتبر المركز أن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا خطوة إيجابية وتدل على إدراك جميع اللاعبين لأهمية التوصل لتسويات.
وتوقع معدا التقرير أن يساهم إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن اكتشافات الغاز في البحر الأسود في إضفاء مرونة على الموقف التركي، لكنهما في المقابل لم يستبعدا أن يكون هذا التطور غير كاف لإحداث تحول في مواقف الأطراف المتنافسة.
ولفت التقرير إلى أن الاتفاق المصري اليوناني جاء ردا على اتفاق ترسيم الحدود بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية، الذي تم توقيعه في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وعد المركز الاتفاق المصري اليوناني مرحلة جديدة في إطار بلورة محور معاد لتركيا في الشرق الأوسط، وهو المحور الذي يشمل كلا من قبرص واليونان ومصر وإسرائيل، وهو المحور المدعوم من فرنسا ودولة الإمارات.