وكشف مسؤولون في وزارة الداخلية العراقية، اليوم الخميس، عن بدء تفعيل خطة جديدة تقوم على وضع دوريات للشرطة في الأماكن العامة والجامعات والمعاهد والأسواق لرصد المتحرشين واعتقالهم، بعد تزايد الشكاوى حول ذلك.
ووفقا لمسؤول بوزارة الداخلية العراقية، فإن القرار يقضي باعتقال المتحرش وإحالته للقضاء، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "التوجيهات الجديدة تمنع إطلاق سراح أي من المتورطين بجرائم التحرش أو إخراجهم بكفالة".
وينصّ القانون العراقي على عقوبة السجن لعام واحد أو غرامة مالية يحددها القاضي لكل من ارتكب جريمة التحرش، وتشير المادة 111 من قانون العقوبات العراقي إلى أن ذلك يحدده نوع الضرر وعزل هذا النوع من الجرم (التحرش) عن جريمة الاعتداء الجنسي (الاغتصاب) التي تتراوح عقوبتها بين الإعدام والسجن مدى الحياة.
وتعدّ المناطق الشعبية والأسواق والمدارس وحتى الجامعات، من أكثر الأماكن التي تستهوي الشباب الذين يتحركون تجمعات وفرادى للتحرش وملاحقة الفتيات.
وتقول أم أحمد، لـ"العربي الجديد"، إنها "تضطر إلى مرافقة ابنتها ذهابا وإيابا يومياً إلى مدرستها الثانوية، بسبب ما تتعرّض له من تحرش من قبل الشباب في طريقها"، مبينة أنّ "تجمعات من الشباب يقفون كل يوم قرب المدارس يضايقون الطالبات وقت دخولهن وخروجهن ويتعرضون لهن بوسائل مختلفة".
وأضافت أنّ "هذه الظاهرة تنامت بشكل خطير، وقد أبلغنا إدارة المدرسة، التي لم يكن لديها أي حل، وعجزت عن تقديم أي شيء لنا"، مبينة أنّ "أجهزة الدولة غير مكلفة بحماية المدارس، ولا توجد أي جهة رقابية تدافع عن الفتيات من هؤلاء المتحرشين".
وتابعت: "أترك أعمالي المنزلية كل يوم، لأرافق ابنتي في طريقها إلى المدرسة، بصعوبة نشق طريقنا من بين الشباب المتحرشين".
ولم تقتصر هذه الظاهرة على المدارس، بل شملت الأسواق التجارية وحتى الجامعات، الأمر الذي أصبح مقلقا جدا بالنسبة للأهالي.
ويعزو كثير من المراقبين والمختصين في علم الاجتماع بالعراق، انتشار الظاهرة إلى البطالة والفقر وانتشار الأمية بين الشباب وضعف ثقافتهم، فيما يؤكد آخرون أن الموضوع مرتبط بتطبيق القانون الخاص بالتحرش أو الاعتداء على حريات المواطنين.
ويقول الخبير في الشؤون الاجتماعية، غسان العزاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا السلوك غير الأخلاقي يدلّ على انحدار في ثقافة المجتمع العراقي، بسبب عوامل مختلفة تراكمت عليه، كانت الظروف الأمنية والسياسية جزءا منها"، مبينا أنّ "الشباب غير المتعلمين وغير الواعين ثقافيا واجتماعيا هم من يقومون بالتحرش بالفتيات".
ويضيف أنّ "هذه الظاهرة تقلق الأهالي بشكل خطير جدا، في وقت لم تبد فيه الجهات الحكومية والتشريعية أي تحرك إزاءها"، مبينا أنّ "أغلب أسواق بغداد لا تستطيع فتاة دخولها من دون وجود أحد معها لحمايتها، كما أنّ الجماعات لا تخلو من هذه الظاهرة".
ويشير إلى أنّ "هذه الظاهرة هي انتهاك لكرامة المرأة، وعجز عن حمايتها من قبل الجهات المسؤولة"، مبينا أنّ "المجتمع العراقي كان يحافظ على التقاليد العربية الأصيلة، التي تنكر مثل هذه التصرفات وترفضها، لكنّ غياب العقوبة القانونية، تسبب باستشرائها في المجتمع".
وتدعو جهات رقابية إلى ضرورة تحمل الحكومة والبرلمان مسؤوليتهما إزاء هذه الظاهرة، وتشريع قانون لحماية النساء منها.
وقالت رئيسة منظمة المرأة العراقية، منال عبد الجبار، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه الظاهرة تحتاج إلى تدخل حكومي برلماني، وإلى تشريع قانون يحمي الفتاة وينزل عقوبات رادعة بحق المتحرشين"، مبينة أنّ منظمتها "تسجل بشكل يومي تصاعد هذه الظاهرة بشكل كبير، ولم تسجل أي موقف حكومي أو من قبل الأجهزة الرقابية والأمنية لحماية الفتيات".
ودعت إلى "محاربة هذه الظاهرة من كل الجوانب، من خلال نشر الوعي الثقافي أولا، فضلا عن تشريع القوانين الكفيلة بحماية الفتيات".