ما من شك بأن الدول ليست "جمعيات خيرية"، في علاقاتها الدولية، بل تسعى نحو مصالحها. لكن ادعاءاتها، وخصوصا الأوروبية منها، حتى ولو كانت من دون ماضٍ استعماري، بالاستناد إلى "مبادئ حقوقية وإنسانية"، في علاقتها بأنظمة استبداد "الجنوب"، تنقضها مكاسب شركاتها لزيادة المداخيل ورفع مستوى الرفاهية. وخلال العقود الأخيرة، ظهرت أسئلة غربية جدية من نخب فكرية وحقوقية، وبعض اليسار، عن شمولية حقوق الإنسان، حول حقيقة تلك "المبادئ"، فعلاً لا قولاً.
ففي العلاقة بأنظمة حكم ديكتاتورية حول العالم، ومنها عربية، يُستند أكثر على مبدأ "غضّ الطرف" عن انتهاكات تلطّخ شعارات المبادئ الحقوقية. ولم يختلف الواقع كثيراً عن فترة التأسيس بعد الاستعمار، سوى ببعض التفاصيل الصغيرة، سواء تعلق الأمر بعلاقة تلك الأنظمة باسكندنافيا أو أوروبا الغربية أو أميركا أو بروسيا. فحتى باريس، عاصمة "الثورة والتنوير والحرية والمساواة"، تبرّعت في عام 2010 بمحاولة مدّ سلطة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي بأدوات قمع الثورة التونسية.
ثمة فضائح متتالية عن توريد تقنيات تنصت وتعقب، لقمع أصحاب الرأي، ومنهم صحافيون. فالشركات الغربية، بموافقة حكوماتها، لا تبدي كثير اهتمام بأحاديث دولها عن "دعم المجتمع المدني"، هنا وهناك. تلقي بعض حكومات أوروبية الدعم "التنموي"، وفي اليد الأخرى ترسل لأنظمة "مارقة" وسائل قمعية. وفي المقابل أيضاً، من السخرية أن يبدو الغرب "عاجزاً" عن وقف مساهمته في تعزيز قمع الشعوب. ففي تكييف العلاقة الخارجية بالمصالح الوطنية، يكفي أن نستذكر كيف تربط اليوم أوروبا معوناتها للدول باستقبال "مهاجرين غير شرعيين" مُرحّلين من أوروبا. والأخطر، أخيراً في العلاقة الانتهازية بين الطرفين، بروز "أنسنة وجه الاستبداد"، عبر شركات بروباغندا غربية، تجعل المستبد والطاغية "تقدمياً وإصلاحياً".
وفي تجاوز شروط بيع وسائل الرقابة والقمع والتعذيب، وتصدير السلاح، والسكوت المخزي عن استهداف الصحافة والحريات، تستفيد الأنظمة الاستبدادية في تلميع وجهها، بعناوين قديمة جديدة: "مكافحة الإرهاب"، دونما اهتمام بالأثمان الإنسانية - الحقوقية. وفي قصة السوري - الكندي ماهر عرار، وتعذيبه في سجون نظام الأسد لمصلحة "سي آي إيه"، كما كل السجون السرية الأخرى، ما يختزل النفاق والازدواجية الغربية، وشعارات "السيادة الوطنية" لدى "الشركاء"، المصنفون تارة بـ"أنظمة مارقة"، وفي أخرى ضرورة "أمنية ملحة". وسط ركام الأثمان، من مذابح وتطهير وتشريد الشعوب، في استفحال الاستبداد وأدواته، وغياب حس العدالة، يصبح من الترف السؤال المستخف بعقول الضحايا: "لماذا يكرهوننا؟".
ففي العلاقة بأنظمة حكم ديكتاتورية حول العالم، ومنها عربية، يُستند أكثر على مبدأ "غضّ الطرف" عن انتهاكات تلطّخ شعارات المبادئ الحقوقية. ولم يختلف الواقع كثيراً عن فترة التأسيس بعد الاستعمار، سوى ببعض التفاصيل الصغيرة، سواء تعلق الأمر بعلاقة تلك الأنظمة باسكندنافيا أو أوروبا الغربية أو أميركا أو بروسيا. فحتى باريس، عاصمة "الثورة والتنوير والحرية والمساواة"، تبرّعت في عام 2010 بمحاولة مدّ سلطة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي بأدوات قمع الثورة التونسية.
ثمة فضائح متتالية عن توريد تقنيات تنصت وتعقب، لقمع أصحاب الرأي، ومنهم صحافيون. فالشركات الغربية، بموافقة حكوماتها، لا تبدي كثير اهتمام بأحاديث دولها عن "دعم المجتمع المدني"، هنا وهناك. تلقي بعض حكومات أوروبية الدعم "التنموي"، وفي اليد الأخرى ترسل لأنظمة "مارقة" وسائل قمعية. وفي المقابل أيضاً، من السخرية أن يبدو الغرب "عاجزاً" عن وقف مساهمته في تعزيز قمع الشعوب. ففي تكييف العلاقة الخارجية بالمصالح الوطنية، يكفي أن نستذكر كيف تربط اليوم أوروبا معوناتها للدول باستقبال "مهاجرين غير شرعيين" مُرحّلين من أوروبا. والأخطر، أخيراً في العلاقة الانتهازية بين الطرفين، بروز "أنسنة وجه الاستبداد"، عبر شركات بروباغندا غربية، تجعل المستبد والطاغية "تقدمياً وإصلاحياً".
وفي تجاوز شروط بيع وسائل الرقابة والقمع والتعذيب، وتصدير السلاح، والسكوت المخزي عن استهداف الصحافة والحريات، تستفيد الأنظمة الاستبدادية في تلميع وجهها، بعناوين قديمة جديدة: "مكافحة الإرهاب"، دونما اهتمام بالأثمان الإنسانية - الحقوقية. وفي قصة السوري - الكندي ماهر عرار، وتعذيبه في سجون نظام الأسد لمصلحة "سي آي إيه"، كما كل السجون السرية الأخرى، ما يختزل النفاق والازدواجية الغربية، وشعارات "السيادة الوطنية" لدى "الشركاء"، المصنفون تارة بـ"أنظمة مارقة"، وفي أخرى ضرورة "أمنية ملحة". وسط ركام الأثمان، من مذابح وتطهير وتشريد الشعوب، في استفحال الاستبداد وأدواته، وغياب حس العدالة، يصبح من الترف السؤال المستخف بعقول الضحايا: "لماذا يكرهوننا؟".