وتشير المصادر إلى أنّه "تم تحويل الموظفين في أمانة السر في الطابق الثالث لمنظمة التحرير إلى الصندوق القومي الفلسطيني ووزارة المالية، وهما المؤسستان اللتان يعمل على كادرهما موظفو أمانة السر، وقد تم نقلهم إلى تلك المؤسسات، وذلك بعد زيارة قام بها مدير عام الصندوق، رمزي خوري، قبل يومين لمقر المنظمة".
ومن المعلوم أنّ الأمور المالية والإدارية لمنظمة "التحرير"، التي كان يشرف عليها حتى قبل أيام قليلة عبد ربه، ليست من مهام وصلاحيات أمين سر منظمة "التحرير" بالأساس، وإنّما من مهام الصندوق القومي الفلسطيني الذي يوجد لديه ممثل في اللجنة التنفيذية للمنظمة، لكن تم إعطاء هذه المهام لعبد ربه، على مدار السنوات الماضية، والآن تم سحبها منه.
وفي حين، تدور أنباء عن نية الرئيس عباس، إقالة عبد ربه من أمانة سر منظمة "التحرير" أو الإبقاء عليه كعضو في اللجنة التنفيذية فقط، إلاّ أنّ مثل هذه الخطوة تستدعي عقد اجتماع للمجلس المركزي، الأمر الذي لم يحدث، حيث أكّدت النائب، وعضو المجلس المركزي، خالدة جرار، أنّ "أي دعوات لم توجه حتى الآن لعقد أي اجتماع للمجلس المركزي".
وعادة ما يقوم المجلس الوطني بتوجيه دعوات لعقد المجلس المركزي، الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، بحسب أكثر من مصدر، مؤكّدين: "أن مثل هذه الاجتماعات رهن بقرار من الرئيس عباس، حيث يقوم بدعوتها للانعقاد في الأمور الهامة".
وفي حين، تمسك عبد ربه بالصمت، ورفض التعليق لـ"العربي الجديد"، حول ما يجري، إلا أنّ أوساطاً سياسيّة، أكّدت أنّ هناك حملة ضد عبد ربه، بدأت تظهر خلال العدوان على غزة، بعدما خرج عبد ربه بتصريحات نارية حينها، أبرز ما فيها "إن لم نغيّر سنتغير"، وطالب القيادة الفلسطينية بحزم بالتوجه لمحكمة الجنايات الدولية.
انعكست العقوبات حينها بمنعه من الظهور على تلفزيون "فلسطين" لأيام عدّة، ثم ما لبث أن رفع الحظر، لكنّ العلاقة بين عباس وعبد ربه بقيت في تدهور مستمر، وفي ما يشبه "القطيعة" بين الرجلين، في حين تميل بعض أوساط في التنفيذية لوصف العلاقة بـ"الفاترة".
وفي حين، لا يشغل عبد ربه أي منصب رسمي في السلطة الفلسطينية، بحيث لا يمكن نقله من مكان عمله أو إحالته إلى التقاعد كما جرى مع غيره، إلاّ أنه يترأس مؤسسة غير حكومية هي "تحالف السلام"، التي تأسست عام 2000 عقب مبادرة "جنيف" التي يتبناها عبد ربه، ما يجعل ما يتناقله بعض المسؤولين عن أن الحديث حول فتح ملفات فساد المؤسسات غير الحكومية، ما هو إلى تهديد مباشر لعبد ربه وغيره.
وقال أحد نواب المجلس التشريعي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تصريحات الرئيس عباس الأخيرة حول فتح ملف فساد المؤسسات غير الحكومية، سيطال على الأرجح مسؤولي مؤسسات غير حكومية على خلاف مع الرئيس عباس، أبرزهم عبد ربه، وسلام فياض".
وتشير مصادر في المجلس التشريعي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "رئيس محكمة الفساد، رفيق النتشة، أكد في التقرير السنوي، الذي سلمه للمجلس التشريعي قبل نحو شهرين على فساد المؤسسات غير الحكومية، وضرورة فتح هذا الملف بأقصى سرعة".
وتوالت تصريحات عبد ربه التي تغرد خارج سرب اللجنة التنفيذية، حيث شارك باجتماع دعت له هيئة الكتل والقوائم البرلمانية في المجلس التشريعي لمناقشة أزمة النقابة العمومية مع السلطة التنفيذية، يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني، ولم يخف الكثير من نواب التشريعي دهشتهم من حضور عبد ربه إلى الاجتماع، الذي أدلى بتصريحات قوية عقبه قائلاً: "لا يمكن أن تكون منظمة التحرير إلا مع كل الأصوات الداعية إلى وقف تعديات السلطة التنفيذية على حرية العمل النقابي وعلى دور النقابيين".
وأكّد أنّ "أي خلاف يجب أن نذهب إلى القضاء ووفق القانون، وألا يستعمل القضاء أيضاً كأداة من أدوات السلطة التنفيذية".
ووصلت الأمور إلى ذروتها، حين استضاف برنامج "ع المكشوف" الذي يقدمه الإعلامي، ماهر شلبي، ويبث على تلفزيون "فلسطين"، عضو مركزية "فتح"، عزام الأحمد، في الرابع من الشهر الحالي، ووجه له سؤالا حول لقاء جمع بين عبد ربه ورئيس الوزراء الأسبق، سلام فياض، والقيادي المطرود من حركة "فتح" محمد دحلان، ووزير الخارجية الأميركية جون كيري، في دولة الإمارات العربية.
هنا جاء رد عبد ربه حاسماً، في تصريح صحافي قال فيه: "إنّ هذا الكذب المشين الذي أقدم عليه المدعو شلبي لن يمر ببساطة، وسوف أطلب تقديمه إلى القضاء لمحاسبته على هذا اللون من ترويج الأكاذيب من قِبَلِه ومن قِبَلِ مَن أوحى له بذلك. ولا يخفَى على أحد أنّ الهدف المباشر لشلبي ومَن خلفه هو محاولة التشويش على الموقف الوطني الذي ندافع عنه تجاه كل القضايا البارزة، بما فيها؛ العدوان على قطاع غزة، والمصالحة الوطنية، والمعركة السياسية والدبلوماسية في مجلس الأمن، وبشأن محكمة الجنايات الدولية".
وتابع عبد ربه: "ولا يستطيع أحد أن يُمارس لعبة خلط الأوراق، وافتعال صراع داخلي موهوم داخل السلطة الوطنية الفلسطينية، ومنظمة التحرير؛ للقضاء على ما تبقّى من تماسك ووحدة صفنا الوطني. وليس الحديث الذي قاله المدعو شلبي عن مؤامرات داخلية على الشرعية ودور الرئيس سوى لونٍ من ألوان الانحطاط الذي وصل إليه شلبي ومَن يقف خلفه ويوعز إليه باستخدام منبر وطني رسمي لنشر مثل هذه الأضاليل".