حُمل خلدون سنجاب على نقالة من دمشق إلى بيروت قبل ثلاث سنوات. في البلد الجديد، يواصل نضاله، بالرغم من شلله الرباعي، الذي يجبره على الاستلقاء على ظهره منذ عشرين عاماً. دفعته الأوضاع المتردية في منطقة عين ترما في العاصمة دمشق إلى المغادرة باتجاه لبنان. يعاني، حاله حال اللبنانيين، من ساعات تقنين الكهرباء الطويلة. الفرق أنها تشكل خطراً مباشراً على حياته، لأنّه يحتاج إلى وصل جهاز التنفس، الذي يبقيه حياً، بالكهرباء.
في إحدى زوايا الغرفة في منزل مستأجر في العاصمة اللبنانية بيروت، وُضع سرير طبي قرب النافذة. أحياناً، ترفعُ المروحة الغطاء الرقيق عن جسده، لتظهر عضلاته الضامرة في جسده. يبدو كل شيء منظماً بشكل مُبالغ فيه، حفاظاً على تمديدات الأجهزة الكهربائية التي يعتمد عليها خلدون للبقاء على قيد الحياة. التمديدات الكهربائية كثيرة إذاً، وهناك مخدة واحدة مُلقاة إلى جانبه، وقد بدت وكأنها خارج سياق المشهد. تركتها زوجته يسرا التي كانت مُستلقية قربه عند المغرب. نسيت إزالتها قبل وصول الضيوف.
يبدو مشهد مؤشر فأرة الكومبيوتر الذي يتحرك وحده على شاشة الجهاز الموضوعة على مكتب قرب السرير غريباً بعض الشيء. فلا أيادٍ ظاهرة ولا حتى فأرة. يُحرك الفأرة بلسانه، من خلال نظام إلكتروني، ويتحكّم بأحرف لوح الكتابة (كيبورد) الذي طوّره بنفسه. يتحدث مع مُمثلي شركات وآخرين عبر "سكايب" و"فايبر" و"واتس آب" وغيرها. هؤلاء زبائن يتعامل معهم سنجاب منذ أعوام طويلة. هذا الرجل يعمل، بحسب سيرته الذاتية التي وضعها على موقعه الإلكتروني على الإنترنت، في "إدارة خوادم الإنترنت وحمايتها وتصميم المواقع الإلكترونية وإدارتها".
كان يمارس عمله هذا قبل أعوام طويلة في سورية، وها هو يواصل عمله في لبنان اليوم. إلا أنه يشكو من بطء الإنترنت وكثرة انقطاع التيار الكهربائي. مع ذلك، يعمل 18 ساعة يومياً.
وُلد سنجاب في سورية عام 1977. أصيب بالشلل الرباعي خلال ممارسة هواية السباحة عام 1994. كان في السابعة عشرة من عمره. لكنه استغل جلوسه في السرير وعلّم نفسه لغات برمجة الكومبيوتر. قبل زواجه وتطوير فأرة الكومبيوتر، كان يستعين بموظفة لطباعة ما يمليه عليها بصوته. بعدها، تعاون مع طبيب وصديق على تطوير الفأرة التي تساعده في إدارة أعماله الكثيرة. ونجح في الاستقلال عن أهله مادياً بعد سنوات قليلة. اشترى منزلاً وتولى تأمين جميع مصاريفه، بحسب يسرا.
رافقت يسرا زوجها منذ ثماني سنوات. تقول: "لم أندم أو أُعد التفكير في قراري. هذا زوجي وأُحبه". اختارت التفرّغ تماماً للاهتمام به، حتى أنها باتت تستأهل الحصول على شهادة في التمريض. تراقب جهاز التنفس وتعطيه الأدوية التي يحتاج لها يومياً، بالإضافة إلى مهام أخرى لم تجعلها تشعر بالملل.
لمع اسم سنجاب في سورية منذ أعوام طويلة. ولجأت إليه جارته يسرا ليساعدها في دراسة مادة الكيمياء، لتنشأ بين التلميذة والأستاذ علاقة حُب تُوّجت بالزواج. تصف زوجها بالرجل "الحقيقي والعصامي والناجح". اليوم يقيمان في بيروت بعدما تشتت شمل العائلة الكبيرة بين مصر والأردن. تطلّبت عملية نقل سنجاب من سورية إلى لبنان تنسيقاً مسبقاً بين "الهلال الأحمر" السوري و"الصليب الأحمر" اللبناني، لعدم تعريض حياته للخطر. وعملت زوجته على التنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بهدف "تسجيل زوجي كلاجئ رسمي، وذلك من أجل الحصول على فرصة للهجرة من لبنان، نظراً لدقة وضعه الصحي وكذلك لمهاراته وإنجازاته في مجاله المهني" بحسب يسرا. مع ذلك، جاء رد المفوضية "بعدم مطابقة ملفكم معايير اللجوء المعتمدة".
يحلم بالهجرة
تأمل يسرا، زوجة خلدون سنجاب، في الهجرة إلى أيّ بلد "يمنح زوجي إمكانية الإقامة في منزل أرضي، يجعله قادراً على الاستمتاع بنور الشمس، والتجوال ضمن مساحات تؤمن شروط السلامة الأساسية للأشخاص المعوقين". أيضاً، تشير إلى أنه يأمل الحصول على شهادة جامعية بعد خوض الامتحانات. هناك أمنية أخيرة رفضا الإفصاح عنها في الوقت الحالي، بانتظار أن "يأذن الله".
اقرأ أيضاً: صرخة معوّق: أعيدوني إلى بيتي
في إحدى زوايا الغرفة في منزل مستأجر في العاصمة اللبنانية بيروت، وُضع سرير طبي قرب النافذة. أحياناً، ترفعُ المروحة الغطاء الرقيق عن جسده، لتظهر عضلاته الضامرة في جسده. يبدو كل شيء منظماً بشكل مُبالغ فيه، حفاظاً على تمديدات الأجهزة الكهربائية التي يعتمد عليها خلدون للبقاء على قيد الحياة. التمديدات الكهربائية كثيرة إذاً، وهناك مخدة واحدة مُلقاة إلى جانبه، وقد بدت وكأنها خارج سياق المشهد. تركتها زوجته يسرا التي كانت مُستلقية قربه عند المغرب. نسيت إزالتها قبل وصول الضيوف.
يبدو مشهد مؤشر فأرة الكومبيوتر الذي يتحرك وحده على شاشة الجهاز الموضوعة على مكتب قرب السرير غريباً بعض الشيء. فلا أيادٍ ظاهرة ولا حتى فأرة. يُحرك الفأرة بلسانه، من خلال نظام إلكتروني، ويتحكّم بأحرف لوح الكتابة (كيبورد) الذي طوّره بنفسه. يتحدث مع مُمثلي شركات وآخرين عبر "سكايب" و"فايبر" و"واتس آب" وغيرها. هؤلاء زبائن يتعامل معهم سنجاب منذ أعوام طويلة. هذا الرجل يعمل، بحسب سيرته الذاتية التي وضعها على موقعه الإلكتروني على الإنترنت، في "إدارة خوادم الإنترنت وحمايتها وتصميم المواقع الإلكترونية وإدارتها".
كان يمارس عمله هذا قبل أعوام طويلة في سورية، وها هو يواصل عمله في لبنان اليوم. إلا أنه يشكو من بطء الإنترنت وكثرة انقطاع التيار الكهربائي. مع ذلك، يعمل 18 ساعة يومياً.
وُلد سنجاب في سورية عام 1977. أصيب بالشلل الرباعي خلال ممارسة هواية السباحة عام 1994. كان في السابعة عشرة من عمره. لكنه استغل جلوسه في السرير وعلّم نفسه لغات برمجة الكومبيوتر. قبل زواجه وتطوير فأرة الكومبيوتر، كان يستعين بموظفة لطباعة ما يمليه عليها بصوته. بعدها، تعاون مع طبيب وصديق على تطوير الفأرة التي تساعده في إدارة أعماله الكثيرة. ونجح في الاستقلال عن أهله مادياً بعد سنوات قليلة. اشترى منزلاً وتولى تأمين جميع مصاريفه، بحسب يسرا.
رافقت يسرا زوجها منذ ثماني سنوات. تقول: "لم أندم أو أُعد التفكير في قراري. هذا زوجي وأُحبه". اختارت التفرّغ تماماً للاهتمام به، حتى أنها باتت تستأهل الحصول على شهادة في التمريض. تراقب جهاز التنفس وتعطيه الأدوية التي يحتاج لها يومياً، بالإضافة إلى مهام أخرى لم تجعلها تشعر بالملل.
لمع اسم سنجاب في سورية منذ أعوام طويلة. ولجأت إليه جارته يسرا ليساعدها في دراسة مادة الكيمياء، لتنشأ بين التلميذة والأستاذ علاقة حُب تُوّجت بالزواج. تصف زوجها بالرجل "الحقيقي والعصامي والناجح". اليوم يقيمان في بيروت بعدما تشتت شمل العائلة الكبيرة بين مصر والأردن. تطلّبت عملية نقل سنجاب من سورية إلى لبنان تنسيقاً مسبقاً بين "الهلال الأحمر" السوري و"الصليب الأحمر" اللبناني، لعدم تعريض حياته للخطر. وعملت زوجته على التنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بهدف "تسجيل زوجي كلاجئ رسمي، وذلك من أجل الحصول على فرصة للهجرة من لبنان، نظراً لدقة وضعه الصحي وكذلك لمهاراته وإنجازاته في مجاله المهني" بحسب يسرا. مع ذلك، جاء رد المفوضية "بعدم مطابقة ملفكم معايير اللجوء المعتمدة".
يحلم بالهجرة
تأمل يسرا، زوجة خلدون سنجاب، في الهجرة إلى أيّ بلد "يمنح زوجي إمكانية الإقامة في منزل أرضي، يجعله قادراً على الاستمتاع بنور الشمس، والتجوال ضمن مساحات تؤمن شروط السلامة الأساسية للأشخاص المعوقين". أيضاً، تشير إلى أنه يأمل الحصول على شهادة جامعية بعد خوض الامتحانات. هناك أمنية أخيرة رفضا الإفصاح عنها في الوقت الحالي، بانتظار أن "يأذن الله".
اقرأ أيضاً: صرخة معوّق: أعيدوني إلى بيتي