04 ابريل 2016
خلط أوراق سياسية في المغرب
ما إن وصلت الاستحقاقات الانتخابية، أخيراً، في المغرب إلى خط النهاية، حتى انفرمت عروة الأغلبية الحكومية والمعارضة معا. فكما ساد اللامنطق السياسي في تشكيل مكاتب المدن والمجالس الجهوية، وعادت الممارسات التقليدية إلى الإطلالة برؤوسها من جديد، تبدى، بالمكشوف، أن الأمر لم يتعلق، في أي يوم، بـ "المواطنين"، بل بالنخب السياسية الضحلة التي لا تفوت أي مناسبة تتاح لها لـ "بيع" أصوات الناخبين وتجييرها لمصالحها.
وكل ما رشح، إلى الآن، على الساحة السياسية المغربية يؤكد استحالة أن تكون النخب المحلية الحالية قادرة على قيادة مشاريع الإصلاح التي تطمح إليها البلاد وتنفيذها.
نفذ الناخبون الكبار برنامجا محكما للإجهاز على مفاتيح إمكانية إنجاز تحول عن طريق صناديق الاقتراع، ما جعل رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وهو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يخرج عن لغته المشيدة بنزاهة اقتراع 4 سبتمبر/أيلول الجاري، إلى التشكيك فيما تلاها من عمليات، أقصته من رئاسة جهات حسمتها التحالفات الهجينة في آخر لحظة لمصلحة أحزاب أخرى.
كما أدمت بعض وقائع التصويت "غير الطبيعي" لمنتخبين من "العدالة والتنمية" في كل من الهرهورة، قرب الرباط، والناظور، شمال المغرب، لصالح الخصم السياسي، الأصالة والمعاصرة، رقبة الحزب الإسلامي الذي ظل يشهر ورقته الرابحة، النظافة السياسية، في وجه خصومه، قبل أن يذوق فاكهتها المحرمة.
لكن المفاجأة المدوية كانت تلك التي أحدثها الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، والذي أعلن قبل ساعات من انتخابات رئاسة مجالس الجهات عن انسحاب حزبه من تحالف أحزاب المعارضة الذي يضم أيضاً الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة. ولم يكتف بذلك، بل أعلن مساندته النقدية لحكومة بنكيران، في تطور سريع، لم يكن يتوقعه لا حزب بنكيران ولا صحب شباط في المعارضة.
وحتى وإن لم يصدر موقف أو تعليق سياسي من قيادة "العدالة والتنمية" عن التحول الراديكالي لحزب الاستقلال وزعيمه، وهل كانت هناك مفاوضات سرية جارية تحت الطاولة، أدت إلى توقيت ذلك الخروج السياسي الكبير، فإن هناك شبه حالة امتنان لـ "الهبة السماوية" التي سقطت فجأة، وفي الوقت المناسب تماما، كي تقوي من حلف بنكيران، ضد خصمه السياسي "الأصالة والمعاصرة". فقد سارع بنكيران إلى القول، أمام اجتماع لمنتخبيه في المجالس والجماعات الترابية المحلية والجهوية، إن الحزب أحكم قبضته على المدن في المرحلة الأولى، والمعركة في الانتخابات المقبلة ستكون البوادي التي سيكتسحها في تشريعيات 2016.
غير أن الواقعة الأخرى التي هزت المشهد السياسي في المغرب، الاتهامات الثقيلة التي وجهها وزير الداخلية لحميد شباط، حينما كشف، في اجتماع المجلس الحكومي، أخيراً، أنه حدثت محاولة ابتزاز من زعيم "الاستقلال" للدولة، بإسناده انتخابيا. ورد شباط نافيا ذلك كله.
وأطرف ما في الواقعة، أن تكشف جهة قوية في الدولة عن "ابتزاز" تعرضت له من حزب سياسي، في وقت كانت فيه وزارة الداخلية تعرف بـ "أم الوزارات"، وتصنع الربيع والمطر، وتتحكم في تعاقب الفصول. فماذا وقع حتى أصبح حميد شباط به شبهة من الداخلية، نافضا تحالفه القديم الذي خرج من أجله من حكومة بنكيران، في ظروف سياسية غامضة، ليعود إلى مناصرة غريمه السياسي، بنكيران، في مساندة قال عنها إنها ستكون نقدية، والواقع أنها ستكون أكثر من ذلك.
هل يجري توزيع جديد للخريطة السياسية قبيل تشريعيات 2016؟ هل يمهد بنكيران لتحالف قوي مع حزب الاستقلال الذي ما يزال ورقة قوية انتخابيا في المدن والبوادي؟ أم أن المغرب يسير إلى ضمان استمرارية أكبر للتشكيل السياسي الحالي، وهو ناجع وفعال في كل الأحوال، وإرجاع "الاستقلال" إلى حظيرة الأغلبية، وتأجيل وصول "الأصالة والمعاصرة" إلى "السلطة"؟ أم الأمر، جملة وتفصيلا، هو نقطة نظام يستلزمها مشهد سياسي، قد تهوي به الطموحات الشخصية الجارفة إلى وديان سحيقة؟ لن يطول الغموض، فبعد قليل تصبح القراءة أوضح.
وكل ما رشح، إلى الآن، على الساحة السياسية المغربية يؤكد استحالة أن تكون النخب المحلية الحالية قادرة على قيادة مشاريع الإصلاح التي تطمح إليها البلاد وتنفيذها.
نفذ الناخبون الكبار برنامجا محكما للإجهاز على مفاتيح إمكانية إنجاز تحول عن طريق صناديق الاقتراع، ما جعل رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وهو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، يخرج عن لغته المشيدة بنزاهة اقتراع 4 سبتمبر/أيلول الجاري، إلى التشكيك فيما تلاها من عمليات، أقصته من رئاسة جهات حسمتها التحالفات الهجينة في آخر لحظة لمصلحة أحزاب أخرى.
كما أدمت بعض وقائع التصويت "غير الطبيعي" لمنتخبين من "العدالة والتنمية" في كل من الهرهورة، قرب الرباط، والناظور، شمال المغرب، لصالح الخصم السياسي، الأصالة والمعاصرة، رقبة الحزب الإسلامي الذي ظل يشهر ورقته الرابحة، النظافة السياسية، في وجه خصومه، قبل أن يذوق فاكهتها المحرمة.
لكن المفاجأة المدوية كانت تلك التي أحدثها الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، والذي أعلن قبل ساعات من انتخابات رئاسة مجالس الجهات عن انسحاب حزبه من تحالف أحزاب المعارضة الذي يضم أيضاً الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة. ولم يكتف بذلك، بل أعلن مساندته النقدية لحكومة بنكيران، في تطور سريع، لم يكن يتوقعه لا حزب بنكيران ولا صحب شباط في المعارضة.
وحتى وإن لم يصدر موقف أو تعليق سياسي من قيادة "العدالة والتنمية" عن التحول الراديكالي لحزب الاستقلال وزعيمه، وهل كانت هناك مفاوضات سرية جارية تحت الطاولة، أدت إلى توقيت ذلك الخروج السياسي الكبير، فإن هناك شبه حالة امتنان لـ "الهبة السماوية" التي سقطت فجأة، وفي الوقت المناسب تماما، كي تقوي من حلف بنكيران، ضد خصمه السياسي "الأصالة والمعاصرة". فقد سارع بنكيران إلى القول، أمام اجتماع لمنتخبيه في المجالس والجماعات الترابية المحلية والجهوية، إن الحزب أحكم قبضته على المدن في المرحلة الأولى، والمعركة في الانتخابات المقبلة ستكون البوادي التي سيكتسحها في تشريعيات 2016.
غير أن الواقعة الأخرى التي هزت المشهد السياسي في المغرب، الاتهامات الثقيلة التي وجهها وزير الداخلية لحميد شباط، حينما كشف، في اجتماع المجلس الحكومي، أخيراً، أنه حدثت محاولة ابتزاز من زعيم "الاستقلال" للدولة، بإسناده انتخابيا. ورد شباط نافيا ذلك كله.
وأطرف ما في الواقعة، أن تكشف جهة قوية في الدولة عن "ابتزاز" تعرضت له من حزب سياسي، في وقت كانت فيه وزارة الداخلية تعرف بـ "أم الوزارات"، وتصنع الربيع والمطر، وتتحكم في تعاقب الفصول. فماذا وقع حتى أصبح حميد شباط به شبهة من الداخلية، نافضا تحالفه القديم الذي خرج من أجله من حكومة بنكيران، في ظروف سياسية غامضة، ليعود إلى مناصرة غريمه السياسي، بنكيران، في مساندة قال عنها إنها ستكون نقدية، والواقع أنها ستكون أكثر من ذلك.
هل يجري توزيع جديد للخريطة السياسية قبيل تشريعيات 2016؟ هل يمهد بنكيران لتحالف قوي مع حزب الاستقلال الذي ما يزال ورقة قوية انتخابيا في المدن والبوادي؟ أم أن المغرب يسير إلى ضمان استمرارية أكبر للتشكيل السياسي الحالي، وهو ناجع وفعال في كل الأحوال، وإرجاع "الاستقلال" إلى حظيرة الأغلبية، وتأجيل وصول "الأصالة والمعاصرة" إلى "السلطة"؟ أم الأمر، جملة وتفصيلا، هو نقطة نظام يستلزمها مشهد سياسي، قد تهوي به الطموحات الشخصية الجارفة إلى وديان سحيقة؟ لن يطول الغموض، فبعد قليل تصبح القراءة أوضح.