خلال العام الماضي، أقام "متحف سرسق" في بيروت معرضاً يستعيد تجربة المعماري اللبناني خليل خوري (1929 - 2008)، كان موضوعه الأساسي هو "الحداثة المستحيلة"، وقد تخلّلته تدخّلات أدائية للمعماري برنار خوري الابن.
إلى الثيمة نفسها، أي "الحداثة المستحيلة"، يعود المعماري الابن لإلقاء محاضرة حول تجربة والده في جمعية "أشكال ألوان" ببيروت، عند الثامنة من مساء بعد غدٍ الإثنين، تحت عنوان "الطائرات، الأحلام الحمراء والجسد المؤنّث".
يُعدّ خوري الأب رائد الحركة المعمارية الحديثة في لبنان، حيث كان شغوفاً بالهندسة الجوية والرسم والصيد والسياسة والتصميم الصناعي والهندسة المعمارية، وقبل كل ذلك بالجسد المؤنّث كشكل وتكوين، وقد ظهر هذا في أسلوبه في التصميم.
أسّس خليل وشقيقه جورج استوديو للتصميم المعماري والصناعي مطلع الستينيات، وأنتجا معاً أعمالًا تركت بصماتها على المشهد المعماري في لبنان، ومن أهم هذه المباني "الإستاد البلدي" في جونيه (1963)، و"كلية فرير مونت لا سال" (1970)، و"منتجع المنار الساحلي" (1982) و"منتجع تلال الجبلي" (1996)، ومبنى "معرض Interdesign" الذي بُدأ في إنشائه عام 1973 وتم الانتهاء منه عام 1997.
أمضى خليل خوري السنوات السبع الأخيرة من حياته في الولايات المتحدة، حيث واصل ممارسة الهندسة المعمارية، وكان آخر أعماله مبنى طبي في ميامي، انتهى العمل فيه عام 2009، أي بعد رحيله.
كان خوري أستاذاً للعمارة في الجامعة الأميركية ببيروت لمدة عشرين عاماً تقريباً، بدأت عام 1959، واستمرت حتى منتصف الثمانينيات، كما تعاون مع "الورشة الباريسية للتخطيط الحضري" في الخطة الرئيسية لإعادة إعمار وسط بيروت سنة 1977.
بعد نهاية الحرب الأهلية، بادر خوري إلى اقتراح مخطط يعيد من خلاله بناء "قبة وسط بيروت" الشهيرة التي صمّمها المعماري فيليب كرم عام 1965، بهدف تحويل التصميم البيضوي إلى كتلة ضوئية مغلّفة بمرايا، لكن هذا المخطط ظلّ على الورق.
أما برنار، فدرس العمارة في "جامعة هارفارد"، وألقى محاضرات وعرض أعماله في مؤسّسات أكاديمية في بلدان مختلفة، كما قدّم عروضاً فردية لأعماله في عدة عواصم، إلى جانب مشاركته في عروض جماعية على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، وأسّس مكتباً متخصصاً في العمارة ما بعد الحداثية، وشارك في تصميم مجموعة كبيرة ومتنوّعة من المشاريع في لبنان وخارجه.