خيارات الائتلاف السوري بعد اجتماع متوتر مع المبعوث الأميركي

11 اغسطس 2016
راتني طلب من الائتلاف الاتصال بالروس والأكراد (أحمد غرابلي/Getty)
+ الخط -
تباينت آراء المراقبين والمحللين السياسيين حول الاستراتيجيّة التي يجب على الائتلاف الوطني المعارض اتّباعها حيال السياسة الأميركية، خاصّة بعد أن نقلت مصادر مطّلعة في الائتلاف لـ"العربي الجديد"، أنّ اتّهامات متبادلة جرت بين المبعوث الأميركي إلى سورية، مايكل راتني، والهيئة السياسية للائتلاف، وذلك خلال الاجتماع الذي جمعهما، أمس الأربعاء، في اسطنبول.


وبيّنت المصادر ذاتها أنّ بعض أعضاء الائتلاف اتّهموا الجانب الأميركي بالانسحاب من دعم المعارضة السورية، ولكن راتني لم يعر هذا الانتقاد اهتماماً، وأبلغ الائتلاف بـ"ضرورة الاتّصال مع الروس، لأنهم يمتلكون قسماً كبيرا من مفاتيح الحل"، موجّهاً اللوم إلى قيادة الائتلاف بسبب عدم الاستماع لنصائحه في المرة الماضية بهذا الشأن.


وأضافت المصادر أن رسالة راتني الثانية تمحورت حول ضرورة بناء علاقة مع رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، صالح مسلم، إذ توجّه راتني إلى أعضاء الهيئة بالقول "أنتم لم تستمعوا إلى نصائحي، ولأنكم لم تتواصلوا معه، فهو يتواصل مع النظام، ولتعلموا أن الأولوية هي لمحاربة داعش".


أمّا الرسالة الثالثة، فكانت تتعلق بمسار عملية حلب، التي تدعم واشنطن بعض الفصائل المشاركة فيها من خلال غرفة "الموم"، وقال راتني إنه ليس من مصلحة واشنطن ولا الائتلاف، ولا القضية السورية كذلك، أن تتصدر "جبهة النصرة" (فتح الشام) الواجهة الميدانية أو السياسية أو الإعلامية.

وفي اوّل ردّ فعل رسميّ من الائتلاف، شكّكت نائبة رئيس الائتلاف، سميرة مسالمة، في حديث مقتضب مع "العربي الجديد"، أن يكون المبعوث الأميركي راتني قد قال مثل هذا الكلام تماماً، خاصة الفقرة الأخيرة المتعلّقة بمسار عمليّة حلب.

 فيما رأى الكاتب السوري المعارض، محيي الدين اللاذقاني، أن هذه "اللغة الفظة التي استخدمها المبعوث الأميركي مع أعضاء الائتلاف وكأنهم تلاميذ في حضانة، كانت تتطلب من رئيس الائتلاف، أنس العبدة، تعليق الاجتماع والمطالبة باعتذار فوري من المبعوث الأميركي، لأن الائتلاف، ولو نظرياً، يمثّل ثورة لا مثيل لها في التاريخ، ولها كرامتها التي يجب الحفاظ عليها".

ورأى اللاذقاني أن المبعوث الأميركي يريد تخريب علاقة الائتلاف بالدولة التركية، التي لن تكون راضيةً، بالتأكيد، عن أي حوار مع الاتحاد الديمقراطي الكردي، إلا بإشرافها وتحت رعايتها، مشيراً إلى أن واشنطن كانت تسعى دائماً إلى نزع ورقة المعارضة السورية من يد تركيا؛ إذ تمسّك الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بمعارضة خطة المنطقة الآمنة لمدة ثلاث سنوات كي لا تكون ورقة قوة وضغط بيد تركيا.

وأضاف أن "التقرّب من روسيا، في الوقت الذي ما زالت قنابلها الفوسفورية تتساقط فوق رؤوس الشعب السوري، سيضع الائتلاف في موقع الخائن لثورة الشعب، وهذا ما لا يستطيع الائتلاف تحمل نتائجه، وخصوصاً أن وفوداً كثيرة ذهبت لموسكو ولم تعد إلا بخفّي لافروف وبوغدانوف".

واستدرك بالقول إن العلاقة مع أميركا معقّدة، لكن قطعَها أو تجميدها أو تبريدها هو أفضل الحلول، خصوصاً بعد أن اتّضح حجم التواطؤ الأميركي مع الروس في حلب وغيرها، على حدّ قوله.


واعتبر أنه ليس أمام السوريين في المرحلة الحالية غير التجربة الفيتنامية، أي أن يكون هناك تفاوض سياسي في أرض محايدة، مع استمرار القتال، كما فعل الفيتناميون حين واصلوا ثورتهم التحررية، وأرسلوا وفداً يفاوض عنهم في باريس، دون أن يتنازلوا عن حق التحرير الكامل.

ورأى أن مشكلة الائتلاف تكمن بأنه يمثّل مصالح الدول الإقليمية أكثر ممّا يمثل السوريين، وهو ما يستدعي البحث عن ممثل حقيقي للثوار، و"هذا أمر لن يصعب تحقيقه بعد توحّد القوى العسكرية على الأرض، وأول ثمار ذلك التوحّد فك الحصار عن حلب".

بدوره ، قال المحلل التركي، علي باكير، لـ"العربي الجديد"، إنّ ما لديه من معلومات يتقاطع مع أجواء اجتماع اسطنبول بين الائتلاف والمبعوث الأميركي، لناحية وجود ضغوطات على الائتلاف والمعارضة ككلّ للحوار مع موسكو، والابتعاد عن تركيا، مشيراً إلى أنّ واشنطن استثمرت بقوة في دعم الأكراد على حساب تركيا. 

وأعرب باكير عن اعتقاده بقدرة الائتلاف على تجاوز هذه الضغوط، إذا ما أحسن التصرّف،   خاصّة أنّ إدارة أوباما في آخر عهدها، "وليس هناك ما يمكن أن تهدّد به الآخرين أكثر مما فعلت حتى الآن، فضلاً عن غياب الإرادة الحقيقية لديها لحل الموضوع السوري"، على حدّ قوله.

ورأى أنّ الرضوخ للجانب الأميركي، سيؤدي إلى خسارة المعارضة آخر ما تبقى لديها، وكذلك خسارتها للدعم التركي، لأن "موضوع رئيس حزب الاتّحاد الكردي، صالح مسلم، حسّاس جداً للأتراك، ولا تساهل فيه، فضلا عن أن اقتراب المعارضة من مسلّم لن يبعده عن النظام، بل إنّه "سيستفيد من الورقتين معاً".