داعش وسياسة الترغيب والترهيب
انتهج تنظيم الدولة الإسلامية، داعش، في عملياته العسكرية والسيطرة على بعض المناطق في العراق وسورية، عاملين أساسيين، جعلاه يفرض سيطرته كاملة في تلك المناطق، من دون منازع. وهذا ما جعل التنظيم يفرض سيطرته وحكمه على أكثر من ستة ملايين مواطن في تلك المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة التنظيم في العراق وسورية. حيث استخدم سياسة الترغيب لكل من استسلم له، وأتأمر بأوامره، وانتهى بنواهيه، فقد أنشأ التنظيم دواوين للزكاة وللتعليم وللمظالم ومحاكم تهتم بشكاوى المواطنين، وفتح مراكز للشرطة، وفتح مدارس ومعاهد دعوية وعقائدية وفكرية، وغيرها من الأمور ذات التأثير المباشر على حياة المواطن في تلك المدن التي تخضع لسيطرة التنظيم.
وقام التنظيم بتبليط شوارع، ومد خطوطاً لنقل الطاقة الكهربائية ومشاريع لتوصيل المياه إلى المناطق النائية عن مراكز المدن، ووزع مساعدات مالية وغذائية للعوائل الفقيرة، بمحاولة جعل سكان تلك المدن يتكيفون ويتعايشون مع حكم التنظيم لهم، وهذا ما اعتبره خصوم التنظيم محاولة ﻻستمالة سكان هذه المدن وجذبهم من أجل مبايعة التنظيم. كذلك قام بسياسة الترهيب والرعب لكل من رفض وجود التنظيم، ورفع السلاح بوجهه، فما حدث في بعض المناطق التي رفضت وجود التنظيم في العراق وسورية أثبتت عن مدى عزم التنظيم لتصفية خصومه بدون تهاون أو رأفة. وقد قام التنظيم بعمليات قطع للرؤوس وقتل جماعي لمئات الجنود والصحوات من أهل السنة في تلك المناطق، واعتبرهم مرتدين، خارجين عن ملة الإسلام، متوعداً كل من وقف بوجه "الدولة الإسلامية" بالويل والثبور.
وهذا ما جعل المخالفين والمناوئين لفكر جماعة التنظيم يتهمونهم بالخوارج والمارقين عن منهج أهل السنة والجماعة، بسبب اتهام التنظيم لهم بالردة والخروج عن ملة الإسلام، واستخدامه القتل المفرط واستباحته دماء وأموال كل من وقف ضده، وخالف فكره، بل قاتل حتى فصائل المقاومة التي تقاتل النظام السوري، فاعتبرهم إما أذناباً للصليبيين، أو أعواناً للحكام الطواغيت. واتهموا جماعة التنظيم أنهم أعلنوا قيام الدولة الإسلامية، أو دولة الخلافة، من دون رضا المسلمين، وإعلان تنصيبهم البغدادي خليفة للمسلمين، من غير مبايعة المسلمين له، وهذا ما اعتبره المخالفون لمنهج التنظيم مخالفات شرعية اقترفها التنظيم، يجب الوقوف ضدها، ودعوا جماعة التنظيم إلى مراجعة فكرهم ونهجهم. وفي المقابل، جماعة التنظيم يردون عنهم جميع هذه التهم، في البيانات الرسمية المرئية والسمعية الصادرة منهم، فهم ينفون أنهم من الخوارج، ويعلنون براءتهم من فكر الخوارج، وﻻ يعتقدون بأحقية الإمامة لغير القريشي، وﻻ يتبنون كتب الخوارج وﻻ يكفرون مرتكب الكبيرة.
وتقول جماعة التنظيم إنهم يعلنون حبهم وودهم لصحابة النبي، صلى الله عليه وسلم، بعكس الخوارج الذين يعتقدون بكفر عدد من الصحابة، وبينوا أنهم ﻻ يكفرون عوام المسلمين، إﻻ من ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام، ويعلنون أنهم من أهل السنة والجماعة، ويتبعون كتب أهل السنة بأصولها وفروعها، حسب رأيهم، ويعتبرون هذه التهم لتشويه صورة "الدولة الإسلامية"، وإبعاد المسلمين عن مبايعتها، وتعطيل مشروعها الجهادي.