بالنظر إلى خريطة تمدد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، منذ ظهوره صيف 2014 في العراق، التي شملت فيها سيطرته على مناطق واسعة، واقتطاعه أكثر من ثلث مساحة العراق، وفرض سيطرة قوية عليها، بدا بعد عامين ضعيفاً لدرجة خسارته بعض أقوى معاقله.
وفي المعلومات، إن عناصر "داعش" بعد تحرير الفلوجة، وسيطرة القوات العراقية عليها بالكامل، هربوا إلى مناطق صحراوية في الشمال الغربي من المدينة. وتؤكد مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "جيوباً للتنظيم تحتضنها الصحراء الواسعة التي تربط الأنبار بمحافظة صلاح الدين بالإضافة إلى سورية والأردن".
وفيما تكشف المصادر عن أن "تلك الجيوب ليست سوى أماكن للتمويه والاختفاء، لكنها أفصحت عن توفيرها إمكانية حصول عناصر التنظيم للدعم، وإعادة ترتيب أوضاعهم للإغارة على أقضية وقرى لأجل الحصول على غنائم من سيارات ووقود وحتى أسلحة، تنفعهم في التنقل سواء للقتال أو تنفيذ عمليات انتحارية، أو غير ذلك". وتفيد المصادر أن "تلك الخطط ليست جديدة، لقد مارسها داعش أكثر من مرة وفي أكثر من مكان، ربما كان آخرها في أقضية على أطراف الموصل، محمية من القوات الكردية (البشمركة)".
وعلى الرغم من ذلك يرى العقيد المتقاعد جمال العبوي، أن "ما يهم الآن هو مدينة الموصل"، موضحاً أنه "في الحسابات العسكرية يتوجب أن تستغل القوات العراقية الروح المعنوية التي يتمتع بها المقاتلون، والخبرة المهمة التي اكتسبوها سواء القادة أو الجنود في مواجهة فعلية مهمة، بمعركة الفلوجة، التي شهدت تنفيذ خطط مختلفة، وتحولت من حرب جبهات إلى حرب مدن".
اقــرأ أيضاً
ويتابع: "لكن بالتأكيد هناك أسباب وأسرار يعلمها فقط أصحاب القرار، خصوصاً أن الموصل تكتنفها كثير من التعقيدات وتحيطها الخلافات بين عدد من الجهات المسلحة، كالمليشيات والبشمركة الكردية وقوات العشائر، كما أن وجود قوات دولية تهتم بمصير الفلوجة له تأثير كبير في تحديد المعركة".
ويبدي اعتقاده أنه "يجب توافق الآراء بين هذه الجهات فمصير الموصل لن يختلف عن الفلوجة وقد يطول وقت تحريرها، لكنه ليس مستحيلاً كما يرى بعضهم. بعد ذلك سيكون أمر جيوب داعش في المناطق الصحراوية سهلاً". وكان "داعش" قد أعلن في يونيو/حزيران 2014 "دولة الخلافة الإسلامية" بحسب ما عرّف عنه أبو بكر البغدادي، زعيم التنظيم، وسريعاً ما صارت عبارة "باقية وتتمدد" التي يرفعها "داعش" شعاراً له، من أدبياته الأساسية. البقاء لـ"دولة الخلافة" بحسب مقصد التنظيم، والتمدد أيضاً، لأنه لم يحدد مكاناً جغرافياً يوقف زحفه في الوصول إليه، أو يخرج عن إطار تمدده، بدأ في العراق، متخذاً من الموصل عاصمة لدولته "المزعومة".
لم يستغرق تمدد "داعش" في مناطق مختلفة شمال وشرق وغرب ووسط البلاد كثيراً من الوقت، ففي غضون شهرين من سيطرته على الموصل، فرض التنظيم سيطرة كاملة على مدن وأقضية وقرى في محافظات مختلفة. وعلى الرغم من "خسارته" بعض المناطق بعد فترة قصيرة من سيطرته عليها من خلال الحملات العسكرية التي تتبناها القوات العراقية ومليشيات موالية لها، إلا أن التنظيم كان يواصل حيازته مناطق أخرى كلما خسر منطقة.
وبحسب مختصين، فإن القوة التي تقاتل "داعش" المكونة من قوات عسكرية مدربة وأخرى مليشيات متخصصة بحرب الشوارع، وضعت بالحسبان الاعتماد على عملية "الإزاحة" تدريجاً، وتحرير مناطق صغيرة، لأجل تحديد سيطرة التنظيم في مناطق محددة، تمكن هذه القوات من توجيه ضربات عنيفة له، وهو ما ذهب إليه العقيد المتقاعد جمال العبودي.
ويضيف العبودي لـ"العربي الجديد"، أن "القتال ضد داعش تحول إلى قتال جبهات، وأصبح العدو واضحاً وهو ما مكن من توجيه ضربات مركزة على مواقعه من خلال القصف الجوي والبري، وأنتج هذا تحرير مدن استراتيجية مهمة كالرمادي والفلوجة".
ومنذ منتصف أغسطس/ آب 2014، بدأت عمليات استعادة القوات الحكومية والمليشيات سيطرتها على مناطق ضمّها "داعش" لنفوذه، انطلاقاً من محافظة صلاح الدين (175 كيلومتراً شمال بغداد)، بدءاً بمعارك تحرير ناحية سليمان بيك، ومناطق أخرى بالمدينة، أهمها تحرير مدينة تكريت في 13 مارس/آذار 2015، التي تُعتبر المدينة الأبرز كونها أهم مدن صلاح الدين ومركزها، كذلك تحرير قضاء بيجي، ويوجد فيها أكبر مصفاة نفط في العراق المسماة "مصفاة بيجي".
اقــرأ أيضاً
أما في مناطق وسط العراق فقد كان لـ"داعش" سيطرة على بعض مناطقها، التابعة لمحافظة بابل (100 كيلومتر جنوب بغداد)، وبوشرت عمليات استعادتها من القوات الحكومية، بدءاً من مناطق وقرى تابعة لناحية جرف الصخر، التي سيطر عليها التنظيم في يونيو/حزيران 2014. كما انطلقت، منذ سبتمبر/أيلول 2014، معارك استعادة هذه المناطق.
وفي شمال شرق العراق ضمّ "داعش" تحت سيطرته مناطق مهمة في محافظة ديالى (60 كيلومتراً شمال شرق بغداد)، كان يهدف من خلالها السيطرة على ممرات استراتيجية تربط العراق بإيران، لاسيما أن ديالى ترتبط بحدود برية مع إيران الجارة الشرقية للعراق.
وقد انطلقت معارك تحرير المناطق التي سيطر عليها تنظيم "داعش" في محافظة ديالى، بدءاً بقضاء المقدادية في 27 يناير/كانون الثاني 2015. بعدها واصلت القوات العراقية ومعها المليشيات في عمليات واسعة مكنتها من تحرير كامل ديالى.
وفي غرب البلاد، تُعتبر الرمادي مركز محافظة الأنبار (100 كيلومتر غرب بغداد)، من أهم معاقل "داعش"، فيما تعتبر الفلوجة الأكثر أهمية، كون التنظيم حولها إلى معقل رئيسي يأتي في أهميته ثانياً بعد الموصل.
في نهاية عام 2015 انطلقت معارك تحرير محافظة الأنبار بتحرير الرمادي مركز المحافظة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتلتها تحرير باقي أقضيتها وقراها. وتُعدّ الأنبار أكبر محافظات العراق مساحة، وتُشكّل ما يعادل ثلث مساحة العراق.
من جهتها، حوصرت مدينة الفلوجة لنحو عام كامل من القوات العراقية والمليشيات، ومُنع دخول المواد الغذائية والعلاجية إليها، وهو ما أدى إلى حصول وفيات بين المدنيين بسبب الجوع ونقص الدواء. ثم أطلقت الحكومة العراقية في 23 مايو/أيار الماضي معركة تحريرها، واستمر القتال على تخومها أياماً حتى تمكنت القوات العراقية والمليشيات مدعومة بغطاء جوي كثيف لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، من تحريرها بالكامل بعد نحو 34 يوماً، تحديداً في 26 يونيو/حزيران الحالي.
وفي اليوم نفسه بث التلفزيون الحكومي العراقي لقطات حيّة لوصول رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى الفلوجة، مرتدياً زي القوات الخاصة العراقية، ليرفع العلم العراقي أمام مستشفى الفلوجة العام وسط المدينة. وهو ما يؤكد أهمية هذه المدينة، التي كانت سيطرة "داعش" عليها تؤرق حكومة بغداد، كونها لا تبعد سوى 62 كيلومتراً عن العاصمة العراقية، ويُعدّ تحريرها في غاية الصعوبة بحسب ما كان يؤكد قادة عسكريون.
وقال العبادي من داخل الفلوجة، إن "تحرير المدينة جاء بتضافر الجهود، على الرغم من الحملات التي حاولت تشويه العملية العسكرية من الدواعش"، متابعاً إن "الدواعش وأنصارهم وأزلامهم، وكل المرتبطين بهم، حاولوا أن يوقفوا هذا الزحف باتجاه الفلوجة، وأطلقوا دعايات مغرضة وإشاعات كاذبة كثيرة، لكن قواتنا المسلحة استطاعت إفشالها وتحقيق النصر في المدينة".
وأضاف أن "قواتنا البطلة حررت الفلوجة، وكما وعدنا فإننا رفعنا العلم العراقي فوقها، وسنرفع العلم العراقي في الموصل"، مشدداً على أنه "لا مكان للدواعش في العراق وسنطاردهم في كل مكان". ودعا "جميع أبناء الشعب العراقي للخروج إلى الشوارع للاحتفال بتحرير الفلوجة".
اقــرأ أيضاً
وفيما تكشف المصادر عن أن "تلك الجيوب ليست سوى أماكن للتمويه والاختفاء، لكنها أفصحت عن توفيرها إمكانية حصول عناصر التنظيم للدعم، وإعادة ترتيب أوضاعهم للإغارة على أقضية وقرى لأجل الحصول على غنائم من سيارات ووقود وحتى أسلحة، تنفعهم في التنقل سواء للقتال أو تنفيذ عمليات انتحارية، أو غير ذلك". وتفيد المصادر أن "تلك الخطط ليست جديدة، لقد مارسها داعش أكثر من مرة وفي أكثر من مكان، ربما كان آخرها في أقضية على أطراف الموصل، محمية من القوات الكردية (البشمركة)".
وعلى الرغم من ذلك يرى العقيد المتقاعد جمال العبوي، أن "ما يهم الآن هو مدينة الموصل"، موضحاً أنه "في الحسابات العسكرية يتوجب أن تستغل القوات العراقية الروح المعنوية التي يتمتع بها المقاتلون، والخبرة المهمة التي اكتسبوها سواء القادة أو الجنود في مواجهة فعلية مهمة، بمعركة الفلوجة، التي شهدت تنفيذ خطط مختلفة، وتحولت من حرب جبهات إلى حرب مدن".
ويتابع: "لكن بالتأكيد هناك أسباب وأسرار يعلمها فقط أصحاب القرار، خصوصاً أن الموصل تكتنفها كثير من التعقيدات وتحيطها الخلافات بين عدد من الجهات المسلحة، كالمليشيات والبشمركة الكردية وقوات العشائر، كما أن وجود قوات دولية تهتم بمصير الفلوجة له تأثير كبير في تحديد المعركة".
ويبدي اعتقاده أنه "يجب توافق الآراء بين هذه الجهات فمصير الموصل لن يختلف عن الفلوجة وقد يطول وقت تحريرها، لكنه ليس مستحيلاً كما يرى بعضهم. بعد ذلك سيكون أمر جيوب داعش في المناطق الصحراوية سهلاً". وكان "داعش" قد أعلن في يونيو/حزيران 2014 "دولة الخلافة الإسلامية" بحسب ما عرّف عنه أبو بكر البغدادي، زعيم التنظيم، وسريعاً ما صارت عبارة "باقية وتتمدد" التي يرفعها "داعش" شعاراً له، من أدبياته الأساسية. البقاء لـ"دولة الخلافة" بحسب مقصد التنظيم، والتمدد أيضاً، لأنه لم يحدد مكاناً جغرافياً يوقف زحفه في الوصول إليه، أو يخرج عن إطار تمدده، بدأ في العراق، متخذاً من الموصل عاصمة لدولته "المزعومة".
وبحسب مختصين، فإن القوة التي تقاتل "داعش" المكونة من قوات عسكرية مدربة وأخرى مليشيات متخصصة بحرب الشوارع، وضعت بالحسبان الاعتماد على عملية "الإزاحة" تدريجاً، وتحرير مناطق صغيرة، لأجل تحديد سيطرة التنظيم في مناطق محددة، تمكن هذه القوات من توجيه ضربات عنيفة له، وهو ما ذهب إليه العقيد المتقاعد جمال العبودي.
ويضيف العبودي لـ"العربي الجديد"، أن "القتال ضد داعش تحول إلى قتال جبهات، وأصبح العدو واضحاً وهو ما مكن من توجيه ضربات مركزة على مواقعه من خلال القصف الجوي والبري، وأنتج هذا تحرير مدن استراتيجية مهمة كالرمادي والفلوجة".
ومنذ منتصف أغسطس/ آب 2014، بدأت عمليات استعادة القوات الحكومية والمليشيات سيطرتها على مناطق ضمّها "داعش" لنفوذه، انطلاقاً من محافظة صلاح الدين (175 كيلومتراً شمال بغداد)، بدءاً بمعارك تحرير ناحية سليمان بيك، ومناطق أخرى بالمدينة، أهمها تحرير مدينة تكريت في 13 مارس/آذار 2015، التي تُعتبر المدينة الأبرز كونها أهم مدن صلاح الدين ومركزها، كذلك تحرير قضاء بيجي، ويوجد فيها أكبر مصفاة نفط في العراق المسماة "مصفاة بيجي".
أما في مناطق وسط العراق فقد كان لـ"داعش" سيطرة على بعض مناطقها، التابعة لمحافظة بابل (100 كيلومتر جنوب بغداد)، وبوشرت عمليات استعادتها من القوات الحكومية، بدءاً من مناطق وقرى تابعة لناحية جرف الصخر، التي سيطر عليها التنظيم في يونيو/حزيران 2014. كما انطلقت، منذ سبتمبر/أيلول 2014، معارك استعادة هذه المناطق.
وفي شمال شرق العراق ضمّ "داعش" تحت سيطرته مناطق مهمة في محافظة ديالى (60 كيلومتراً شمال شرق بغداد)، كان يهدف من خلالها السيطرة على ممرات استراتيجية تربط العراق بإيران، لاسيما أن ديالى ترتبط بحدود برية مع إيران الجارة الشرقية للعراق.
وقد انطلقت معارك تحرير المناطق التي سيطر عليها تنظيم "داعش" في محافظة ديالى، بدءاً بقضاء المقدادية في 27 يناير/كانون الثاني 2015. بعدها واصلت القوات العراقية ومعها المليشيات في عمليات واسعة مكنتها من تحرير كامل ديالى.
وفي غرب البلاد، تُعتبر الرمادي مركز محافظة الأنبار (100 كيلومتر غرب بغداد)، من أهم معاقل "داعش"، فيما تعتبر الفلوجة الأكثر أهمية، كون التنظيم حولها إلى معقل رئيسي يأتي في أهميته ثانياً بعد الموصل.
في نهاية عام 2015 انطلقت معارك تحرير محافظة الأنبار بتحرير الرمادي مركز المحافظة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتلتها تحرير باقي أقضيتها وقراها. وتُعدّ الأنبار أكبر محافظات العراق مساحة، وتُشكّل ما يعادل ثلث مساحة العراق.
وفي اليوم نفسه بث التلفزيون الحكومي العراقي لقطات حيّة لوصول رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى الفلوجة، مرتدياً زي القوات الخاصة العراقية، ليرفع العلم العراقي أمام مستشفى الفلوجة العام وسط المدينة. وهو ما يؤكد أهمية هذه المدينة، التي كانت سيطرة "داعش" عليها تؤرق حكومة بغداد، كونها لا تبعد سوى 62 كيلومتراً عن العاصمة العراقية، ويُعدّ تحريرها في غاية الصعوبة بحسب ما كان يؤكد قادة عسكريون.
وقال العبادي من داخل الفلوجة، إن "تحرير المدينة جاء بتضافر الجهود، على الرغم من الحملات التي حاولت تشويه العملية العسكرية من الدواعش"، متابعاً إن "الدواعش وأنصارهم وأزلامهم، وكل المرتبطين بهم، حاولوا أن يوقفوا هذا الزحف باتجاه الفلوجة، وأطلقوا دعايات مغرضة وإشاعات كاذبة كثيرة، لكن قواتنا المسلحة استطاعت إفشالها وتحقيق النصر في المدينة".
وأضاف أن "قواتنا البطلة حررت الفلوجة، وكما وعدنا فإننا رفعنا العلم العراقي فوقها، وسنرفع العلم العراقي في الموصل"، مشدداً على أنه "لا مكان للدواعش في العراق وسنطاردهم في كل مكان". ودعا "جميع أبناء الشعب العراقي للخروج إلى الشوارع للاحتفال بتحرير الفلوجة".