حذر دبلوماسي إسرائيلي سابق من المخاطر الناجمة عن المس باستقرار مصر ومكانتها في حال نفذ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تهديده بالتدخل في ليبيا لمواجهة التدخل التركي.
وقال ميخال هراري، السفير الإسرائيلي السابق في قبرص، إن مصالح إسرائيل الاستراتيجية ستتأثر سلبا في حال تم المس باستقرار نظام الحكم في القاهرة، أو اهتزت مكانة مصر الإقليمية جراء تنفيذ السيسي تهديداته بالتدخل في ليبيا.
وأكد هراري، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، أن الحفاظ على مكانة مصر الإقليمية واستقرار نظام السيسي يعدان مصلحة إسرائيلية، مشيرا إلى أن التهديدات المصرية بالتدخل في ليبيا تتزامن مع استفحال التوتر بين مصر وإثيوبيا على خلفية قرار الأخيرة ملء سد النهضة، وهو ما يمثل تهديدا استراتيجيا للقاهرة.
وقال إنه على الرغم من أن مصر، التي هددت بالتدخل العسكري لمواجهة التدخل التركي، تفضل الحلول الدبلوماسية، إلا أنه في حال التزمت بالخطوط الحمراء التي حددها السيسي فإن تدخلها يمكن أن يسهم في المس باستقرارها ومكانتها الإقليمية.
ودعا السفير الإسرائيلي السابق صناع القرار في تل أبيب إلى تحرك دبلوماسي يسهم في حل الأزمة في ليبيا، وينزع فتيل التوتر في منطقة حوض المتوسط، مشيرا إلى أن "غياب الدور الأميركي يفرض على تل أبيب اعتماد سياسة خارجية إقليمية نشطة ومكثفة للحفاظ على مصالحها ومصالح حلفائها".
هراري: على الرغم من أن مصر، التي هددت بالتدخل العسكري لمواجهة التدخل التركي، تفضل الحلول الدبلوماسية، إلا أنه في حال التزمت بالخطوط الحمراء التي حددها السيسي فإن تدخلها يمكن أن يسهم في المس باستقرارها ومكانتها الإقليمية
واستدرك قائلا إن "إصرار إسرائيل على تنفيذ مخطط ضم مناطق في الضفة الغربية سيقلص من قدرتها على لعب دور دبلوماسي يمكن أن يسهم في تحقيق مصالحها ومصالح حلفائها".
وأشار إلى أن "مشروع الضم يحول دون تمكن إسرائيل من التقارب مع تركيا وإقناعها بالتعاون بشكل يقلص من فرص اندلاع مواجهة تهدد مصالح تل أبيب ومصالح حلفائها"، موضحا أن "الصراع الروسي التركي في ليبيا وانعكاساته هو المسؤول عن المخاطر التي تتهدد مصالح إسرائيل وحلفائها".
أبرز أن الشراكات التي دشنتها إسرائيل في العقد الأخير مع العديد من دول حوض المتوسط تجعل مصالحها عرضة للتأثر بسبب "دبلوماسية القوة" التي تعكف عليها كل من تركيا وروسيا في ليبيا.
وحسب هراري، فإن أحد أهم الأسباب التي دفعت تركيا لتكثيف تدخلها في ليبيا يتمثل في حرصها على مواجهة تبعات التعاون "المثمر" بين إسرائيل ومصر واليونان وقبرص، مشيرا إلى أن "تركيا تنطلق من افتراض مفاده أن تدخلها في ليبيا يسمح لها بالتأثير على المشاريع المتعلقة بالطاقة، والتي تم تغييبها عنها"، مثل مشروع أنبوب "East Med"، الذي يفترض أن ينقل الغاز "الإسرائيلي" عبر المياه الاقتصادية القبرصية إلى اليونان ومنها إلى أوروبا.
الشراكات التي دشنتها إسرائيل في العقد الأخير مع العديد من دول حوض المتوسط تجعل مصالحها عرضة للتأثر بسبب "دبلوماسية القوة" التي تعكف عليها كل من تركيا وروسيا في ليبيا
وزعم أن تدخل تركيا العسكري في ليبيا، سيما بعد نجاحها في تحسين مكانة حكومة الوفاق، يسمح لها بالاستفادة من فرص استراتيجية واقتصادية كبيرة، سيما في ظل أزمة كورونا، مشيرا إلى أن أنقرة كثفت مؤخرا من خرقها للمياه الاقتصادية القبرصية والأجواء اليونانية، مستذكرا أن نيقوسيا وأثينا ترتبطان بعلاقات شراكة قوية مع تل أبيب.
ويرى هراري أن الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة أغرى روسيا بتكثيف تدخلها في ليبيا التي باتت تنظر إليها كساحة إقليمية مهمة.
واستدرك أن الولايات المتحدة لازالت حتى الآن تبدي حرصا على حماية مصالح إسرائيل وقبرص واليونان في حوض المتوسط، على اعتبار أن الشركات الأميركية تحوز على نسبة كبيرة من عقود التنقيب عن الغاز والنفط التي تنفذها هذه الدول.
وأشار إلى أن التدخل العسكري التركي نجح في إحداث تحول عل ميزان القوى العسكري لصالح حكومة الوفاق الوطنية، في حين أن التدخل العسكري يمنح روسيا القدرة على مراكمة مكاسب اقتصادية واستراتيجية من خلال مواصلة علاقتها القائمة مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، حتى بعد تراجع قواته.
وحسب هراري، فإن القيادات اليونانية والقبرصية التي زارت إسرائيل مؤخرا في خضم التوتر بين أنقرة وكل من نيقوسيا وأثينا هدفت لإرسال رسالة تحذير لتركيا، مستدركا أن "مخطط ضم الضفة يهدد تماسك العلاقات بين تل أبيب وكل من نيقوسيا وأثينا".
وأشار إلى أن اليونان وقبرص اللتين ترفضان قرار تركيا أحادي الجانب بانفصال القسم التركي من قبرص لها لا يمكنهما دعم قرار إسرائيلي بضم أجزاء من الضفة لها.