لا تشتهر فرنسا بكثافة الدراجات الهوائية على طرقاتها، لكنّ سباق دراجاتها (طواف فرنسا) أشهر من أن يعرّف. واليوم، يبدو جميع السكان بعد العزل كمن يشاركون في ذلك الطواف
"هل المكابح بحاجة إلى شدّ؟ ماذا عن ضغط العجلة الأمامية؟ والعاكس الخلفي، أليس من الأفضل تغييره؟". في هذه الأيام، يطرح كثير من الفرنسيين أسئلة كهذه على أنفسهم وعلى مصلّحي الدراجات الهوائية. منذ خروج البلاد، يوم 11 مايو/ أيار الجاري، من العزل الذي خضعت له لمدة شهرين بهدف الحدّ من انتشار وباء كورونا، يعرف التوجه نحو استخدام الدراجات الهوائية طفرةً. ولا يبدو الأمر مفاجئاً في وقت يسعى فيه الفرنسيون إلى تجنب وسائل المواصلات الأخرى، مثل قطارات الأنفاق والباصات، التي باتت من أبرز عوامل تفشي الوباء.
اقــرأ أيضاً
تشير جمعية "فيلو تيريتوار" المهتمة بالدراجات، إلى أنّ استخدام الدراجة الهوائية بعد الخروج من العزل ارتفع بنسبة 44 في المائة عما كان عليه الحال قبل العزل، خلال أيام العمل، وبنسبة 151 في المائة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي حين تبلغ نسبة الزيادة 27 في المائة في المدن، المعتادة أساساً على احتواء أعداد منتظمة من راكبي الدراجات، فإنّها ترتفع إلى 138 في الضواحي وتصل إلى 197 في المائة في المناطق الريفية، خلال الأسبوع.
مع خروج البلاد من العزل، أعلنت الحكومة عن "خطة للدراجات الهوائية" هدفها تشجيع الفرنسيين على استخدامها لتجنب انتشار الفيروس مجدداً. وإلى جانب تمويل مسارات مؤقتة هدفها فتح طرقات آمنة نسبياً أمام الدراجات، تشمل خطة الحكومة خدمة أخرى متمثلة بتقديم صكٍّ قيمته 50 يورو لمن يريد تصليح دراجته. خدمةٌ دفعت بكثيرين لإخراج دراجاتهم القديمة من أقبية المنازل للاستفادة من التصليح المجاني. ويبدو أنّ خطة الحكومة تلقى نجاحاً، فمَن كان يتوقع أن يتحول بولفار سان ميشيل، وشارع ريفولي، الشهيران، في باريس، أو شارع كانيبيير وأفينو برادو في مرسيليا، إلى مسارات للدراجات الهوائية لا تدخلها السيارات إلّا لماماً أو جزئياً؟ كان ذلك مثل حلم بالنسبة للناشطين البيئيين أو كشعار لمرشّح سياسيّ لو أنه جاء في وقت آخر. لكنّه بات اليوم حقيقةً ضروريةً، ولو "موقتة". وإلى جانب هذه المسارات الموقتة، بدأت عشرات الكيلومترات من المسارات الدائمة تتخذ أماكن لها في مختلف المدن الفرنسية، استباقاً لعالم "ما بعد كورونا" الذي يراد له أن يكون أقلّ ضرراً بالبيئة.
أما صكّ الـ50 يورو، فقد استفاد منه، خلال الأيام العشرة التي تلت الخروج من العزل، ما بين 25 و30 ألف فرنسي، بحسب رئيس "نادي مدن وأقاليم ركوب الدراجات" بيار سيرن. وبالرغم من أهميته، لا يعطي هذا الرقم إلا صورةً مصغرة عن الحال الذي تشهده مهنة مصلّحي الدراجات هذه الأيام. فالطلب على تصليح الدراجات يفوق إلى حدّ بعيد مقدرة المحال والورشات على الاستجابة. يقول ماكس، الذي يعمل في ورشة في الدائرة الثالثة عشرة، جنوبي باريس: "أنا في هذه المهنة منذ خمس سنوات، لكنّني لم أعمل أبداً كما أعمل اليوم. جدولنا ممتلئ حتى نهاية يونيو/ حزيران المقبل. لا نتمكن من الاستجابة لجميع الطلبات بالرغم من استعانتنا بتقنيين اثنين لمساعدتنا، ونعمل حتى خلال نهاية الأسبوع". وما يقوله الشاب ينطبق على أغلب الورشات في باريس وفي أغلب أنحاء فرنسا. ويبدو مجال الدراجات، تصليحاً ومبيعاً، من المجالات القليلة التي لم يضربها وباء كورونا، بل، على العكس، أعطاها دفعةً. وتتحدث بعض متاجر الدراجات الهوائية عن مضاعفة مبيعاتها، كما هي حال "سيتيه دو رو"، الواقع في مدينة تولوز، في حين يصل الرقم حتى "أربعة أضعاف"، كما يقول عامل في متجر "ديكاتلون" في مدينة أميان.
لا شكّ أنّ أغلب الذين يميلون إلى ركوب الدراجة هذه الأيام في فرنسا إنّما يفعلون ذلك لتجنب المواصلات العامة. لكنّ استخدامات الدراجة ونوعيتها تختلف بين شريحة وأخرى. تقول إيلين، الثلاثينية، إنّها تستخدم الدراجة عند خروجها للتنزّه أو التبضع "مرة كلّ يومين أو ثلاثة". دراجتها عادية، أو ما يسميه أبناء المهنة بـ"دراجة مدينة"، وهي تنتظر موعدها، الأسبوع المقبل، لتصليحها. أما نيكولا، فقد اختار استبدال المواصلات العامة بدراجة هوائية مزوّدة ببطارية تجعل منها نصف عادية ونصف كهربائية: "منزلي يبعد عدة كيلومترات عن عملي. لا يمكنني الذهاب والعودة كلّ يوم بدراجة هوائية. وبالتأكيد لا أريد أن أستخدم المواصلات العامة. كان حلاًّ منطقياً أن أستثمر بعض المال في دراجة هوائية كهربائية".
اقــرأ أيضاً
في المقابل، يقول الباحث المتخصص في اقتصاد المواصلات، فرانسوا هيران، إنّ الحماسة الحالية لن تستمر بهذه الوتيرة المرتفعة جداً، بل بوتيرة مرتفعة قليلاً. وهو يرى أنّ هذه الطفرة "تعود إلى التحاق راكبي الدراجات غير المنتظمين بهؤلاء الذين يستخدمون الدراجات كلّ يوم". لكنّ "المبتدئين سرعان ما سيتراجعون تحت تأثير الخوف، بعد اكتشافهم مخاطر القيادة داخل النسيج الحضري المكتظ بالسيارات والشاحنات، والذي يتطلب خبرة جيدة للتعامل معه".
"هل المكابح بحاجة إلى شدّ؟ ماذا عن ضغط العجلة الأمامية؟ والعاكس الخلفي، أليس من الأفضل تغييره؟". في هذه الأيام، يطرح كثير من الفرنسيين أسئلة كهذه على أنفسهم وعلى مصلّحي الدراجات الهوائية. منذ خروج البلاد، يوم 11 مايو/ أيار الجاري، من العزل الذي خضعت له لمدة شهرين بهدف الحدّ من انتشار وباء كورونا، يعرف التوجه نحو استخدام الدراجات الهوائية طفرةً. ولا يبدو الأمر مفاجئاً في وقت يسعى فيه الفرنسيون إلى تجنب وسائل المواصلات الأخرى، مثل قطارات الأنفاق والباصات، التي باتت من أبرز عوامل تفشي الوباء.
تشير جمعية "فيلو تيريتوار" المهتمة بالدراجات، إلى أنّ استخدام الدراجة الهوائية بعد الخروج من العزل ارتفع بنسبة 44 في المائة عما كان عليه الحال قبل العزل، خلال أيام العمل، وبنسبة 151 في المائة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وفي حين تبلغ نسبة الزيادة 27 في المائة في المدن، المعتادة أساساً على احتواء أعداد منتظمة من راكبي الدراجات، فإنّها ترتفع إلى 138 في الضواحي وتصل إلى 197 في المائة في المناطق الريفية، خلال الأسبوع.
مع خروج البلاد من العزل، أعلنت الحكومة عن "خطة للدراجات الهوائية" هدفها تشجيع الفرنسيين على استخدامها لتجنب انتشار الفيروس مجدداً. وإلى جانب تمويل مسارات مؤقتة هدفها فتح طرقات آمنة نسبياً أمام الدراجات، تشمل خطة الحكومة خدمة أخرى متمثلة بتقديم صكٍّ قيمته 50 يورو لمن يريد تصليح دراجته. خدمةٌ دفعت بكثيرين لإخراج دراجاتهم القديمة من أقبية المنازل للاستفادة من التصليح المجاني. ويبدو أنّ خطة الحكومة تلقى نجاحاً، فمَن كان يتوقع أن يتحول بولفار سان ميشيل، وشارع ريفولي، الشهيران، في باريس، أو شارع كانيبيير وأفينو برادو في مرسيليا، إلى مسارات للدراجات الهوائية لا تدخلها السيارات إلّا لماماً أو جزئياً؟ كان ذلك مثل حلم بالنسبة للناشطين البيئيين أو كشعار لمرشّح سياسيّ لو أنه جاء في وقت آخر. لكنّه بات اليوم حقيقةً ضروريةً، ولو "موقتة". وإلى جانب هذه المسارات الموقتة، بدأت عشرات الكيلومترات من المسارات الدائمة تتخذ أماكن لها في مختلف المدن الفرنسية، استباقاً لعالم "ما بعد كورونا" الذي يراد له أن يكون أقلّ ضرراً بالبيئة.
أما صكّ الـ50 يورو، فقد استفاد منه، خلال الأيام العشرة التي تلت الخروج من العزل، ما بين 25 و30 ألف فرنسي، بحسب رئيس "نادي مدن وأقاليم ركوب الدراجات" بيار سيرن. وبالرغم من أهميته، لا يعطي هذا الرقم إلا صورةً مصغرة عن الحال الذي تشهده مهنة مصلّحي الدراجات هذه الأيام. فالطلب على تصليح الدراجات يفوق إلى حدّ بعيد مقدرة المحال والورشات على الاستجابة. يقول ماكس، الذي يعمل في ورشة في الدائرة الثالثة عشرة، جنوبي باريس: "أنا في هذه المهنة منذ خمس سنوات، لكنّني لم أعمل أبداً كما أعمل اليوم. جدولنا ممتلئ حتى نهاية يونيو/ حزيران المقبل. لا نتمكن من الاستجابة لجميع الطلبات بالرغم من استعانتنا بتقنيين اثنين لمساعدتنا، ونعمل حتى خلال نهاية الأسبوع". وما يقوله الشاب ينطبق على أغلب الورشات في باريس وفي أغلب أنحاء فرنسا. ويبدو مجال الدراجات، تصليحاً ومبيعاً، من المجالات القليلة التي لم يضربها وباء كورونا، بل، على العكس، أعطاها دفعةً. وتتحدث بعض متاجر الدراجات الهوائية عن مضاعفة مبيعاتها، كما هي حال "سيتيه دو رو"، الواقع في مدينة تولوز، في حين يصل الرقم حتى "أربعة أضعاف"، كما يقول عامل في متجر "ديكاتلون" في مدينة أميان.
لا شكّ أنّ أغلب الذين يميلون إلى ركوب الدراجة هذه الأيام في فرنسا إنّما يفعلون ذلك لتجنب المواصلات العامة. لكنّ استخدامات الدراجة ونوعيتها تختلف بين شريحة وأخرى. تقول إيلين، الثلاثينية، إنّها تستخدم الدراجة عند خروجها للتنزّه أو التبضع "مرة كلّ يومين أو ثلاثة". دراجتها عادية، أو ما يسميه أبناء المهنة بـ"دراجة مدينة"، وهي تنتظر موعدها، الأسبوع المقبل، لتصليحها. أما نيكولا، فقد اختار استبدال المواصلات العامة بدراجة هوائية مزوّدة ببطارية تجعل منها نصف عادية ونصف كهربائية: "منزلي يبعد عدة كيلومترات عن عملي. لا يمكنني الذهاب والعودة كلّ يوم بدراجة هوائية. وبالتأكيد لا أريد أن أستخدم المواصلات العامة. كان حلاًّ منطقياً أن أستثمر بعض المال في دراجة هوائية كهربائية".
في المقابل، يقول الباحث المتخصص في اقتصاد المواصلات، فرانسوا هيران، إنّ الحماسة الحالية لن تستمر بهذه الوتيرة المرتفعة جداً، بل بوتيرة مرتفعة قليلاً. وهو يرى أنّ هذه الطفرة "تعود إلى التحاق راكبي الدراجات غير المنتظمين بهؤلاء الذين يستخدمون الدراجات كلّ يوم". لكنّ "المبتدئين سرعان ما سيتراجعون تحت تأثير الخوف، بعد اكتشافهم مخاطر القيادة داخل النسيج الحضري المكتظ بالسيارات والشاحنات، والذي يتطلب خبرة جيدة للتعامل معه".