غالباً ما تُكنّى عواصم الدول تبعاً لحضارتها وتاريخها وتميّزها بثقافة دون أخرى. فمدينة باريس الفرنسية مثلاً تّعرف بـ "عاصمة الحبّ والنور"، وأثينا "عاصمة الأساطير" ودمشق "بلاد الياسمين"، أما أمستردام، العاصمة الهولندية، فقد ارتبط اسمها بالدراجات الهوائية، والتي يزيد عددها عن عدد ساكني المدينة. إذ إنّه بحسب إحصاءات في عام 2012، بلغ عدد الدراجات الهوائية 18 مليون مقابل 16 مليون نسمة في البلاد.
تعود ثقافة الدراجات في هولندا إلى ثمانينيات القرن التاسع عشر، حين دخلت منذ ذلك الوقت الحيّز التعليمي داخل أروقة المدارس، وتمّ اتخاذها إحدى وسائل التنقل الرئيسية في البلاد. إذ كان هناك نظام للاختبارات في الشوارع لتغدو الدراجة ثقافة مجتمعية ليس من باب الفقر بل من باب التفكير والاقتصاد في جوانب عدّة.
في المدارس الهولندية يبدأ تدريب الطفل على ركوب الدراجة من عمر الثلاث سنوات. يتمّ تخصيص مسارات مؤقتة داخل أروقة المدارس أثناء فترة التدريب ما يُتيح للطفل استيعاب نظام السير الخاص بها منذ الصغر، إضافة إلى وجود فترات تدريبية خارج المدرسة وتحت إشراف المعنيين.
اقرأ أيضاً: اختفت دراجته الهوائية... فوجدها للبيع في متجر الدراجات
يستخدم الدراجات الهوائية ما يزيد عن 50 في المائة من سكان العاصمة، وذلك أثناء تنقلاتهم اليومية للعمل والدراسة والتنزّه. ولا يقتصر استخدامها على الأشخاص العاديين، فهناك سياسيون هولنديون يركبون الدراجة الهوائية كوسيلة تنقل إلى مقار المؤسسات السياسية، كحال رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، والذي امتلأت شبكات التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات تظهره على دراجته. فيما سمّاه بعضهم "الموكب الرئاسي على الدراجة".
وقامت بلدية أمستردام بتخصيص سفن لنقل الركاب مع دراجاتهم في قناة بحر الشمال التي تفصل شمال المدينة عن مركزها، وذلك بشكل مجّاني وسريع، لتشجيع استعمال الدراجات.
كذلك تتناغم الطرق المخصصة لقيادة الدراجات الهوائية مع ضفاف الأنهار المنتشرة بكثرة داخل المدينة، ما يتيح لزوّارها اكتشاف معالمها والتمتّع بجمال الطبيعة الخلابة.
اقرأ أيضاً: دراجة "ذكيّة" في هولندا تنبّه راكبها من مخاطر الطريق
وقالت ساندرا، المقيمة في العاصمة أمستردام، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن أهمية دراجتها كوسيلة يومية لتنقلاتها: "تتيح لي الدراجة التنقّل بسهولة تامة في أنحاء المدينة، وتعتبر وسيلتي الأساسية للذهاب إلى العمل، لا سيما مع الغلاء الظاهر في وسائل التنقل الأخرى".
لكن يُعاني حالياً راكبو الدراجات الهوائية في أمستردام من ضيق الطرقات المخصصة لهم، إذ يستخدم ما يزيد عن 6 ملايين شخص الدراجة بشكل يومي. وقد يمتلك الفرد الواحد دراجات متعددة لكلّ منها استخدام خاص، الأمر الذي يفاقم هذه الأزمة.
اقرأ أيضاً: مدريد تحيي مهرجان الدراجات الهوائية الكلاسيكية