دراسة: الاحتلال والأرثوذكسية اليهودية يهددان بقاء إسرائيل

22 مايو 2014
يجلبون للخدمة بجيش الاحتلال ثم يتنكر لهم(مناحيم كاهانا/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

بقيت العلاقات المتبادلة بين إسرائيل ويهود العالم، وخاصة يهود الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا، لسنين طويلة، علاقات تكامل شبه منقوصة. وتعتبر إسرائيل أن يهود العالم خزان بشري لتحسين الميزان الديموغرافي الآخذ في التفاقم لغير صالحها، إذ يتوقع أن يتساوى عدد اليهود والعرب في فلسطين التاريخية في العام 2020، وهم أداة ضغط في مواطنهم الأصلية، للحصول على مواقف مؤيدة لسياساتها العدوانية، عبر توظيف عقدة الذنب (النازية بشكل خاص) تجاه الهولوكوست اليهودي.

ويغدق يهود العالم الأموال على إسرائيل، عن طريق التبرعات السخية والدعم السياسي والمعنوي. لكن هذه المعادلة، التي سادت على مدار 66 عاماً منذ النكبة، أخذت تتغير وبدأت تسمع أصوات مختلفة أبرزها تشكيل لوبي "جي ستريت" الأميركي المؤيد لحل الدولتين. 

وفي السياق، نشر معهد "سياسات الشعب اليهودي"، الأربعاء، دراسة اعتمدت على جمع انطباعات مئات المشاركين من اليهود من خارج إسرائيل، في ورشات عمل حول مستقبل إسرائيل وهويتها.

وبينت نتائج الدراسة المذكورة، أن غالبية المشاركين من اليهود أبدوا قلقهم الكبير وخوفهم على بقاء إسرائيل دولة يهودية و"ديمقراطية" في ظل استمرار الاحتلال، وهو ما يُعتبر تحولاً مهماً في مواقف الجاليات اليهودية، التي اعتادت عدم توجيه أي انتقادات لإسرائيل وسياساتها العنصرية، وتخلياً عن رهاب توجيه أي انتقاد لتل أبيب خشية مواجهة تهمة اللاسامية.

لكن البحث الجديد، الذي أعده الباحثان شموئيل روزين ووأفي غال، يشير بوضوح إلى أن الانطباع الرئيسي من ورشات العمل، التي امتدت تقريباً على مدار عام، يفيد بأن أبناء هذه الأقليات قلقون من انحسار وتراجع "الديمقراطية" في إسرائيل، وفقدانها ليهوديتها بفعل مواصلة الاحتلال والسياسات العنصرية ضد فلسطينيي الداخل.

وتبين الدراسة أن غالبية المشاركين أقروا بأن خوضهم في قضايا الصراع العربي ــ الإسرائيلي ليس مريحاً لهم، وأنهم يميلون أكثر إلى طرح ومناقشة المسائل اليهودية الداخلية، وفي مقدمتها احتكار التيار الأرثوذكسي الديني في إسرائيل، وتمتعه بكامل الصلاحيات لتحديد من هو اليهودي، ورفض هذا التيار إبداء أي مرونة تجاه اليهود الذين يعيشون في الدول الغربية، ويتبعون للتيارين الإصلاحي أو المحافظ.

ويعرب المشاركون عن رفضهم للواقع السائد في إسرائيل، والذي يتمثل أكثر من أي شيء آخر، في ملاحقة حركة "نساء الكوتيل"؛ وهي حركة لليهود الإصلاحيين، ومنع هؤلاء النسوة من أداء شعائر يهودية في ساحة البراق بالقدس المحتلة.

وعلى الرغم من الحرص الذي يبديه هؤلاء المشاركون، وهم من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل وجنوب أفريقيا، فإن الموقف الأساسي الذين يعبرون عنه، لا يخرج في واقع الحال عن دائرة الإجماع الصهيوني، إذ قال هؤلاء إن جل انتقادهم ورفضهم لاستمرار الاحتلال وسياسة التمييز ضد الفلسطينيين في الداخل، نابع من الخوف على يهودية إسرائيل، ومن أن تفقد إسرائيل الأغلبية اليهودية فيها، أي أنهم مدفوعون بهاجس الديموغرافيا. كما أنهم لا يتورعون في نقاشاتهم الداخلية، عن المحاججة العنصرية بأنهم يتوقعون من إسرائيل أن تكون أخلاقية في معاملتها للأقليات وفي علاقاتها مع جيرانها العرب.

انقسام بين اليهود 

وفي سياق الخلاف بين التيار الأرثوذكسي في إسرائيل، وباقي التيارات، لا سيما الإصلاحي والمحافظ، نشرت صحيفة "هآرتس"، أمس الأربعاء، تحذيرات لحاخامات يهود من الولايات المتحدة، قالوا إن سياسات إسرائيل الحالية تقود إلى انشقاق في صفوف الشعب اليهودي.

ونقلت الصحيفة عن الحاخام جولي شينفيلد، إحدى الشخصيات البارزة في التيار اليهودي المحافظ في الولايات المتحدة، إشارته إلى أن معاملة تل أبيب للتيارات اليهودية غير الأرثوذكسية، من شأنها أن تؤدي إلى وضع "تضطر فيه إسرائيل إلى أن تواجه بمفردها، إيران نووية، وعالماً يتهمها ويعاديها لمجرد وجودها".

ويحتج شينفيلد على حقيقة عدم اعتراف المؤسسة اليهودية الأرثوذكسية، المسيطرة في إسرائيل، بيهودية الأميركيين من التيارات الأخرى، وتطعن في طقوس زواجهم، وتشترط للاعتراف بهم أن يمروا مجدداً بعمليات تهويد متشددة.

ويحذر شينفيلد، في سياق حديثه في مؤتمر الحركة اليهودية المحافظة في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، من أن استمرار الوضع الحالي سيفضي إلى "فناء الشعب اليهودي".

في المقابل، يرى حاخامات إسرائيل، وكلهم من التيار الأرثوذكسي تقريباً، أن خطر الفناء يهدد اليهود بسبب الزواج المختلط المنتشر في صفوف يهود الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا. كما يدعي هؤلاء أن الشعائر الدينية التي يؤديها اليهود من غير الأرثوذكس، "ليست يهودية خالصة، ولا تتماشي مع تعاليم التوراة والديانة اليهودية".

وفي الوقت الذي تُقبِل فيه إسرائيل على استدراج هؤلاء اليهود، وتجنيدهم في جيش الاحتلال لحسابات موازين القوى الديموغرافية في الداخل، فإنهم عندما يقدمون إلى تل أبيب، وبعد أدائهم للخدمة في الجيش، يكتشفون في حالات كثيرة أنهم "ليسوا يهوداً" وممنوعين من الزواج الديني، بل إن العشرات منهم، ومن المهاجرين من أصول يهودية، دُفنوا خارج المقابر اليهودية، مع أن عدداً منهم سقط خلال أدائه الخدمة العسكرية في الجيش. وينطبق هذا التنكر الديني المتشدد بشكل خاص على أكثر من مئتي ألف شخص هاجروا من روسيا وبلدان الاتحاد السوفياتي السابق.

دلالات
المساهمون