في دراسة أكاديمية هي الأولى من نوعها في بريطانيا التي تتناول علاقة دُور النشر بالمؤلفين من السود والأقليات الإثنية، جاءت النتائج لتكشف عن تقاعس الدور في الوصول إلى القراء من هذه الفئات، حيث توضح الأرقام في المسح المرفق بالدراسة أن جمهور الدور المستهدف والأساسي هم البيض من الطبقة المتوسطة بشكل أساسي.
حملت الدراسة عنوان "إعادة التفكير في التنوع بالنشر"، وقد أجراها باحثون وكتّاب وأكاديميون من "جامعة غولدسميث" في لندن، بالتعاون مع "وكالة تطوير الكتّاب" Spread the Word، ومجلة "بوكسيللر" Bookseller.
صحيح أن الدراسة سعت في الأساس إلى البحث في علاقة الدور بالقارئ الذي تستهدفه، ودوافعها وطرق الوصول إليه، لكنها كشفت أيضاً أن العلاقة بالقارئ تمر من علاقة الدار بالمؤلف، وهذا يعني الاهتمام بتقديم الكتّاب من الأقليات الإثنية المختلفة إلى جانب الالتفات إلى قضايا هذه الفئات، وبالطبع تأسيس نقاط توزيع في مناطق مهمشة وفي أحياء غالبيتها من هذه الفئات.
الجمهور الأساسي للناشرين هم الطبقة البيضاء الوسطى
جاء في الدارسة المنشورة على المواقع الرسمية للجهات التي أجرتها: "إن الجمهور الأساسي للناشرين هم من الطبقة البيضاء والطبقة الوسطى، ولذلك تم إعداد صناعة النشر بأكملها لتلبية احتياجات هذا الجمهور، وهو ما يؤثر على كيفية تعامل الناشرين مع الكتّاب من الأقليات ومؤلفاتهم التي قد يتم تغيير مضمونها لجذب القراء البيض أو حتى رفض نشرها".
واستند الباحثون في نتائجهم إلى مقابلات مع المؤلفين والوكلاء وممثلي 113 داراً من دور النشر الرئيسية في بريطانيا التي جرى تمثيلها بالفعل في البحث، كما قابل الباحثون مديري هذه الدور ورؤساءها التنفيذيين والمحررين والمصممين وموظفي التسويق والعلاقات العامة والمبيعات، بالإضافة إلى باعة الكتب ومنظمي مهرجانات الأدب في البلاد.
سُئل من أجريت معهم المقابلات عن عدة جوانب من بينها ممارساتهم وتجربتهم في نشر أعمال الكتّاب الملونين، وركز التقرير بشكل أساسي على ما يسمى بمكونات النشر "المحايدة" وتشمل شراء حقوق الكتاب والترويج له والمبيعات والبيع بالتجزئة.
ومن النتائج التي تناولها تقرير الدراسة أن الناشرين ما زالوا يعتبرون الكتّاب الملونين "مخاطرة تجارية"، وأن هناك تقليل من القيمة الاقتصادية والثقافية للتوجه إلى الجمهور الأسود والآسيوي والأقليات العرقية والطبقة العاملة، مما يؤثر على اكتساب وترويج وبيع أعمال الكتّاب الملونين.
في مقدمة التقرير، قالت الروائية الإنكليزية برناردين إيفاريستو الفائزة بجائزة بوكر لعام 2019: "إعادة التفكير في "التنوع" في النشر تصل كنداء توضيحي آخر إلى صناعة لم تتغير بسرعة كبيرة بما يكفي لتصبح أكثر شمولاً، مع كل النوايا الحسنة الواضحة في العالم. هناك أيضاً اعتقاد خاطئ، لا يزال في القرن الحادي والعشرين بأن السود والآسيويين لا يًعتبرون قراءً مهمين، أو حتى قراءً".
أما الأكاديمي أناميك ساها، المشارك في البحث، فقال: "توصلت دراستنا إلى أن الناشرين وبائعي الكتب لا يملكون الموارد أو الدراية أو للأسف الميل إلى الوصول إلى جمهور أوسع. إنهم لا يرون فائدة اقتصادية أو ثقافية".
وأضاف: "يحتاج الناشرون الكبار وبائعو الكتب إلى إعادة تصور جمهورهم بشكل جذري. تم إعداد الصناعة بأكملها بشكل أساسي لتلبية احتياجات القراء من الطبقة المتوسطة من البيض من حيث الكتب التي تنتجها ووسائل الإعلام التي تشترك فيها وحتى شكل ومظهر المكتبات والمعلومات السكانية التي تخدمها، وهذا يجب أن يتغير".