مُجدّداً يطل دريد لحام على الإعلام ليغوص هذه المرة في مفهوم الوطن والحرية. ويفرق بين المطالب الوطنية والمطالب السياسية. وفي ردّه على سؤال صحيفة "الرأي" الكويتية، حول رفضه ترك سورية في وقت هجرها الكثيرون، وخوفه على نفسه وعلى عائلته نتيجة الظروف القاسية التي تمر بها سورية، يجيب لحام مُعلقاً: "الوطن ليس شنطة سفر نضعها في طائرة ونرحل. أنا مثل الشجرة التي لا تستطيع أن تتخلى عن جذورها وإلا ماتت. والمهم بأني لن أترك وطني وأهرب، لأنني إذا تركته فهو لن يتركني".
وحسب تصريحات سابقة أدلى بها لحام يتبين لنا مفهوم الوطن عنده، فهو ببساطة يختصره بنظام الأسد وبالخامنئي الذي يرى القداسة تنبع من عينيه، وكذلك بالجيش الذي سبق وأن حل بين أفراده على الجبهات ليطمئن على سلامتهم وعلى سحقهم للبيوت والمدن، وحرقهم لأرواح السوريين.
ومن في موقع دريد لحام، فمن الطبيعي أن يتمسك بالوطن، ولا يضطر إلى الهروب منه، فما من تهديد بالاعتقال يلاحقه، وما من برميل يقصف بيته، وما من شبيح يخطر له أن ينال منه، على خلاف حال معظم السوريين الذين اضطروا إلى الهروب من وطن يُقتَلون فيه، بل إن دريد لحام هو شخص مدلل ومدعوم من الأسد شخصياً، ومن الخامنئي بعد أن تغزل به كل ذاك الغزل، مما يمنحه حصانة وحماية افتقدها السوريون.
وحينما سئل عن دور الفن في ظل الأحداث الواقعة في سورية علق قائلًا: "الآن نحن في حاجة إلى ثقافة المقاومة. وما أقصده هنا بالمقاومة، ليس المقاومة المسلحة ضد العدو، ولكن كل شيء خطأ في حياتنا يحتاج إلى أن نقاومه، مثل الفساد والجهل والتخلف وبخس حقوق المرأة والعنف ضدها".
فبالنسبة للحام كل هذا التنكيل والقتل والتهجير والإذلال الذي تتعرض له المرأة السورية ليس فساداً وليس عنفاً، بل هو إنجاز حضاري لا يمت للتخلف وللوحشية وللإجرام بصلة، بل ويستحق الجيش الذي يقدم على كل هذه الانتهاكات أن تبارك جهود ضباطه وعناصره لحثهم على المزيد من قتل واغتصاب واعتقال النساء وتجويع الأطفال حتى الموت، هؤلاء الأطفال الذين سبق لدريد لحام أن بكى لجوعهم و"تعتيرهم" وأن غنى لأمهاتهم وذرف لأجلهن دموعاً غزيرة في معظم مسرحياته.
ومن منا لا يتذكر أغنية "يامو"، هذه الأم التي صارت عند دريد لحام تستحق القتل والموت والاغتصاب على يد جيش الأسد لكونها فكرت أن تتحرر، وتحرر طفلها، وتبني له وطناً ليس مرقعاً كما حال "الجرابات" في أغنية "يامو"، بل وطناً شبيهاً بالوطن الذي كان يحلم به دريد لحام في مسرحياته.
لكن على ما يبدو الحلم بالأوطان والحنو على الأطفال وذرف الدموع لوجع الأمهات في الفن والمسرح، لم تكن غايته سوى استنزاف مشاعر وعقول المشاهدين، يقابله في مسرح الحياة التهليل لموتهم وقتلهم، وتلك هي العقلية الانتهازية والتركيبة النفسية التي تتفشى في نفوس صانعي الفن والثقافة الموالين للأسد.
فمع أحداث الثورة، اعتقد السوريون أن نجمهم الشعبي سيقف إلى جانبهم، وينحاز إلى ثورتهم، معتمدين في ذلك على الدموع التي كان يذرفها على المسرح تعاطفًا مع المظلومين والمساكين، لكنهم سرعان ما اكتشفوا زيفه وزيف فنه، حينما أبصروه طوال فترة الثورة يهلل فرحًا و طربًا لقاتلي المساكين والمظلومين، وقد راح يؤدي على خشبة مسرح الحياة أدواراً خذل فيها توقعاتهم.
ولكن لعل أكبر خيبة أمل تعرض لها دريد لحام طوال مسيرته الفنية وخيبت كل توقعاته، اكتشافه أن كل مسيرته الفنية المسيسة والمزيفة، لم تُجْدِ نفعاً، ولم يتسنّ لها تخدير عقول السوريين، وذلك حينما أبصر بعينيه كيف نهض الشباب السوري من غيبوبته، وراح يطالب بالحرية وبسقوط النظام الذي حضن دريد لحام طوال رحلته الفنية، فما كان عليهم ومنذ الأيام الأولى للثورة، إلا أن يمضوا خلف حلمهم بوطن محرر من زيف الفنون، ومن دموع التماسيح.
اقــرأ أيضاً
وحسب تصريحات سابقة أدلى بها لحام يتبين لنا مفهوم الوطن عنده، فهو ببساطة يختصره بنظام الأسد وبالخامنئي الذي يرى القداسة تنبع من عينيه، وكذلك بالجيش الذي سبق وأن حل بين أفراده على الجبهات ليطمئن على سلامتهم وعلى سحقهم للبيوت والمدن، وحرقهم لأرواح السوريين.
ومن في موقع دريد لحام، فمن الطبيعي أن يتمسك بالوطن، ولا يضطر إلى الهروب منه، فما من تهديد بالاعتقال يلاحقه، وما من برميل يقصف بيته، وما من شبيح يخطر له أن ينال منه، على خلاف حال معظم السوريين الذين اضطروا إلى الهروب من وطن يُقتَلون فيه، بل إن دريد لحام هو شخص مدلل ومدعوم من الأسد شخصياً، ومن الخامنئي بعد أن تغزل به كل ذاك الغزل، مما يمنحه حصانة وحماية افتقدها السوريون.
وحينما سئل عن دور الفن في ظل الأحداث الواقعة في سورية علق قائلًا: "الآن نحن في حاجة إلى ثقافة المقاومة. وما أقصده هنا بالمقاومة، ليس المقاومة المسلحة ضد العدو، ولكن كل شيء خطأ في حياتنا يحتاج إلى أن نقاومه، مثل الفساد والجهل والتخلف وبخس حقوق المرأة والعنف ضدها".
فبالنسبة للحام كل هذا التنكيل والقتل والتهجير والإذلال الذي تتعرض له المرأة السورية ليس فساداً وليس عنفاً، بل هو إنجاز حضاري لا يمت للتخلف وللوحشية وللإجرام بصلة، بل ويستحق الجيش الذي يقدم على كل هذه الانتهاكات أن تبارك جهود ضباطه وعناصره لحثهم على المزيد من قتل واغتصاب واعتقال النساء وتجويع الأطفال حتى الموت، هؤلاء الأطفال الذين سبق لدريد لحام أن بكى لجوعهم و"تعتيرهم" وأن غنى لأمهاتهم وذرف لأجلهن دموعاً غزيرة في معظم مسرحياته.
ومن منا لا يتذكر أغنية "يامو"، هذه الأم التي صارت عند دريد لحام تستحق القتل والموت والاغتصاب على يد جيش الأسد لكونها فكرت أن تتحرر، وتحرر طفلها، وتبني له وطناً ليس مرقعاً كما حال "الجرابات" في أغنية "يامو"، بل وطناً شبيهاً بالوطن الذي كان يحلم به دريد لحام في مسرحياته.
لكن على ما يبدو الحلم بالأوطان والحنو على الأطفال وذرف الدموع لوجع الأمهات في الفن والمسرح، لم تكن غايته سوى استنزاف مشاعر وعقول المشاهدين، يقابله في مسرح الحياة التهليل لموتهم وقتلهم، وتلك هي العقلية الانتهازية والتركيبة النفسية التي تتفشى في نفوس صانعي الفن والثقافة الموالين للأسد.
فمع أحداث الثورة، اعتقد السوريون أن نجمهم الشعبي سيقف إلى جانبهم، وينحاز إلى ثورتهم، معتمدين في ذلك على الدموع التي كان يذرفها على المسرح تعاطفًا مع المظلومين والمساكين، لكنهم سرعان ما اكتشفوا زيفه وزيف فنه، حينما أبصروه طوال فترة الثورة يهلل فرحًا و طربًا لقاتلي المساكين والمظلومين، وقد راح يؤدي على خشبة مسرح الحياة أدواراً خذل فيها توقعاتهم.
ولكن لعل أكبر خيبة أمل تعرض لها دريد لحام طوال مسيرته الفنية وخيبت كل توقعاته، اكتشافه أن كل مسيرته الفنية المسيسة والمزيفة، لم تُجْدِ نفعاً، ولم يتسنّ لها تخدير عقول السوريين، وذلك حينما أبصر بعينيه كيف نهض الشباب السوري من غيبوبته، وراح يطالب بالحرية وبسقوط النظام الذي حضن دريد لحام طوال رحلته الفنية، فما كان عليهم ومنذ الأيام الأولى للثورة، إلا أن يمضوا خلف حلمهم بوطن محرر من زيف الفنون، ومن دموع التماسيح.