ليست الغزيّة دعاء قشلان من الأشخاص الذين يقبلون الخضوع للأمر الواقع. تحدّت إعاقتها، وباتت أول فتاة تصلّح الهواتف في القطاع
وإن كانت تجلس على كرسيّ متحرّك، إلا أنها تصرّ على المشاركة في الاحتفالات والندوات وورش العمل المتعلّقة بالأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة. في العادة، لا تفوّت المشاركة في أي دورات اجتماعية أو حقوقية أو مهنية، حتّى إنّها شاركت في تعلّم بعض المهن التي يحتكرها الرجال في المجتمع الغزي. هي دعاء قشلان، لديها إعاقة حركية. مع ذلك، رفضت الاستسلام لهذا الواقع، وباتت أوّل فتاة تعمل في مجال صيانة الهواتف المحمولة في قطاع غزة.
دعاء البالغة سبعة وعشرين عاماً، لديها ضمور في عضلات ساقيها منذ كانت طفلة نتيجة عوامل وراثيّة. وقد اختارت مهنة صيانة الهواتف إذ استفزّها احتكارها من قبل الرجال تماماً. كان الأمر تحدياً بالنسبة إليها. ليس هذا فقط، فقد أصرّت أيضاً على متابعة تحصيلها العلمي في الجامعة.
حالها حال عدد كبير من الأشخاص ذوي الإعاقة، رفضت دعاء في البداية الانخراط في المجتمع واختارت العزلة. في المرحلة الثانوية، كانت شديدة الانطواء على ذاتها وقد اعتادت البكاء ولم تكن تخرج من بيتها إلا بصحبة والدتها التي كانت تقلّها صباحاً إلى المدرسة وتعيدها إلى البيت عند الظهيرة. بعدما أنهت دراستها الثانوية وحصلت على شهادة الثانوية العامة، حصلت دعاء على منحة للدراسة في الإمارات لمدة عامين. كانت تلك نقلة نوعية في حياتها، خصوصاً أنّه كان يتوجّب عليها الاعتماد على نفسها. وحين عادت إلى غزة، فوجئت بأن شهادتها غير معترف بها. لكن إصرار والدتها دفعها إلى دراسة السكرتاريا على الرغم من كل الصعوبات.
تقول دعاء لـ "العربي الجديد": "أن تتولّى فتاة صيانة الهواتف يعد أمراً جديداً في مجتمعنا، بسبب العادات والتقاليد التي تفرض على المرأة مهناً لا تتطلب احتكاكاً مع الرجال". ونظراً إلى أن فتيات كثيرات لا يرغبن بأن يتولى شبان إصلاح هواتفهن حرصاً على خصوصياتهن، تشجعت أكثر على خوض التجربة.
كثيراً ما تستفيد دعاء من الدورات التي تشارك فيها، والتي تستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة تحديداً. وهي تعلمت صيانة الهواتف بعدما التحقت ببرنامج "إرادة للتأهيل والتدريب المهني" للأشخاص ذوي الإعاقة، بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في عام 2014، وذلك من ضمن مشروع "خلق فرص عمل" الممول من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون وبإشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
اقــرأ أيضاً
في عملها، تعتمد دعاء على فك شاشات الهواتف واستخدام أجهزة حديثة منها جهاز الكاوي لإلصاق قطع الهاتف، بالإضافة إلى جهاز فحص الموجات الكهربائية والتأكد من توصيلها. وتحرص الشابة على متابعة كل ما هو جديد.
عملت لفترة مؤقتة في صيانة الهواتف في أحد المحال، لكنّها واجهت معوّقات عدة، بسبب عدم مواءمة مكان العمل لها وصعوبة تنقلها. وتوضح أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون أزمة في الأماكن العامة بسبب صعوبة تنقلاتهم، ما يضطرهم في أحيان كثيرة إلى ترك أعمالهم "وفي أحيان كثيرة، أصلح الهواتف في منزلي".
ليست دعاء وحدها التي تستخدم الكرسي المتحرك، إذ إنّ شقيقتها الأصغر عبير البالغة من العمر واحداً وعشرين عاماً ولديها أيضاً إعاقة حركية وتعتمد على الكرسي المتحرك للذهاب إلى الجامعة. عبير تتابع دراستها في إحدى جامعات غزة. في هذا الوقت، تصلّح دعاء الهواتف إلى حين عودة شقيقتها، ثمّ تذهب إلى توزيع الهواتف التي أصلحتها. وفي بعض الأحيان، تزور مؤسسات معنية برعاية الأشخاص ذوي الإعاقة أو صديقاتها.
قبل أن تنجح في إتمام دراستها وبدء العمل، واجهت دعاء صعوبات كثيرة. على سبيل المثال، حين تقدّمت بطلب انتساب إلى إحدى الكليات لإتمام دراستها الجامعية، رفضت الكليّة طلبها بسبب وجود معوّقات وعجزها عن توفير الخدمات التي قد تساعدها. في وقت لاحق، وافقت الكليّة بعد معاناة طويلة ومحاولات عدة، على طلبها، حتى تمكّنت من متابعة دراستها، علماً أنها تحمّلت صعوبات كثيرة.
تشير دعاء إلى أن الكليّة لم تكن ملائمة لوضعها الصحي. حتّى إنّها كانت تضطر إلى الاعتماد على نفسها في دراسة المواد التي يكون موعد محاضراتها في الطوابق العليا. تُدرك أنّها لن تتمكن من إيجاد عمل آخر، باستثناء صيانة الهواتف. تضيف أن المؤسّسات التي تدعم الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة تعد ضئيلة، ولا تمثّل إلّا واحداً في المائة من المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني. من جهة أخرى، فإن القرارات والقوانين لا تطبق، "لكنّني سأستمرّ حتّى أجد فرصة حقيقية".
في الوقت الحالي، تحلم دعاء أن تكون قادرة على افتتاح محلّ خاص بها لتصليح الهواتف الذكية، هي التي طرقت أبواباً كثيرة من دون أن يستجيب أحد لها. وإلى حين تحقّق ذلك، ما زالت مستمرة في العمل من منزلها، الأمر الذي يساعدها على تأمين مصروفها.
اقــرأ أيضاً
وإن كانت تجلس على كرسيّ متحرّك، إلا أنها تصرّ على المشاركة في الاحتفالات والندوات وورش العمل المتعلّقة بالأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة. في العادة، لا تفوّت المشاركة في أي دورات اجتماعية أو حقوقية أو مهنية، حتّى إنّها شاركت في تعلّم بعض المهن التي يحتكرها الرجال في المجتمع الغزي. هي دعاء قشلان، لديها إعاقة حركية. مع ذلك، رفضت الاستسلام لهذا الواقع، وباتت أوّل فتاة تعمل في مجال صيانة الهواتف المحمولة في قطاع غزة.
دعاء البالغة سبعة وعشرين عاماً، لديها ضمور في عضلات ساقيها منذ كانت طفلة نتيجة عوامل وراثيّة. وقد اختارت مهنة صيانة الهواتف إذ استفزّها احتكارها من قبل الرجال تماماً. كان الأمر تحدياً بالنسبة إليها. ليس هذا فقط، فقد أصرّت أيضاً على متابعة تحصيلها العلمي في الجامعة.
حالها حال عدد كبير من الأشخاص ذوي الإعاقة، رفضت دعاء في البداية الانخراط في المجتمع واختارت العزلة. في المرحلة الثانوية، كانت شديدة الانطواء على ذاتها وقد اعتادت البكاء ولم تكن تخرج من بيتها إلا بصحبة والدتها التي كانت تقلّها صباحاً إلى المدرسة وتعيدها إلى البيت عند الظهيرة. بعدما أنهت دراستها الثانوية وحصلت على شهادة الثانوية العامة، حصلت دعاء على منحة للدراسة في الإمارات لمدة عامين. كانت تلك نقلة نوعية في حياتها، خصوصاً أنّه كان يتوجّب عليها الاعتماد على نفسها. وحين عادت إلى غزة، فوجئت بأن شهادتها غير معترف بها. لكن إصرار والدتها دفعها إلى دراسة السكرتاريا على الرغم من كل الصعوبات.
تقول دعاء لـ "العربي الجديد": "أن تتولّى فتاة صيانة الهواتف يعد أمراً جديداً في مجتمعنا، بسبب العادات والتقاليد التي تفرض على المرأة مهناً لا تتطلب احتكاكاً مع الرجال". ونظراً إلى أن فتيات كثيرات لا يرغبن بأن يتولى شبان إصلاح هواتفهن حرصاً على خصوصياتهن، تشجعت أكثر على خوض التجربة.
كثيراً ما تستفيد دعاء من الدورات التي تشارك فيها، والتي تستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة تحديداً. وهي تعلمت صيانة الهواتف بعدما التحقت ببرنامج "إرادة للتأهيل والتدريب المهني" للأشخاص ذوي الإعاقة، بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في عام 2014، وذلك من ضمن مشروع "خلق فرص عمل" الممول من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون وبإشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
في عملها، تعتمد دعاء على فك شاشات الهواتف واستخدام أجهزة حديثة منها جهاز الكاوي لإلصاق قطع الهاتف، بالإضافة إلى جهاز فحص الموجات الكهربائية والتأكد من توصيلها. وتحرص الشابة على متابعة كل ما هو جديد.
عملت لفترة مؤقتة في صيانة الهواتف في أحد المحال، لكنّها واجهت معوّقات عدة، بسبب عدم مواءمة مكان العمل لها وصعوبة تنقلها. وتوضح أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون أزمة في الأماكن العامة بسبب صعوبة تنقلاتهم، ما يضطرهم في أحيان كثيرة إلى ترك أعمالهم "وفي أحيان كثيرة، أصلح الهواتف في منزلي".
ليست دعاء وحدها التي تستخدم الكرسي المتحرك، إذ إنّ شقيقتها الأصغر عبير البالغة من العمر واحداً وعشرين عاماً ولديها أيضاً إعاقة حركية وتعتمد على الكرسي المتحرك للذهاب إلى الجامعة. عبير تتابع دراستها في إحدى جامعات غزة. في هذا الوقت، تصلّح دعاء الهواتف إلى حين عودة شقيقتها، ثمّ تذهب إلى توزيع الهواتف التي أصلحتها. وفي بعض الأحيان، تزور مؤسسات معنية برعاية الأشخاص ذوي الإعاقة أو صديقاتها.
قبل أن تنجح في إتمام دراستها وبدء العمل، واجهت دعاء صعوبات كثيرة. على سبيل المثال، حين تقدّمت بطلب انتساب إلى إحدى الكليات لإتمام دراستها الجامعية، رفضت الكليّة طلبها بسبب وجود معوّقات وعجزها عن توفير الخدمات التي قد تساعدها. في وقت لاحق، وافقت الكليّة بعد معاناة طويلة ومحاولات عدة، على طلبها، حتى تمكّنت من متابعة دراستها، علماً أنها تحمّلت صعوبات كثيرة.
تشير دعاء إلى أن الكليّة لم تكن ملائمة لوضعها الصحي. حتّى إنّها كانت تضطر إلى الاعتماد على نفسها في دراسة المواد التي يكون موعد محاضراتها في الطوابق العليا. تُدرك أنّها لن تتمكن من إيجاد عمل آخر، باستثناء صيانة الهواتف. تضيف أن المؤسّسات التي تدعم الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة تعد ضئيلة، ولا تمثّل إلّا واحداً في المائة من المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني. من جهة أخرى، فإن القرارات والقوانين لا تطبق، "لكنّني سأستمرّ حتّى أجد فرصة حقيقية".
في الوقت الحالي، تحلم دعاء أن تكون قادرة على افتتاح محلّ خاص بها لتصليح الهواتف الذكية، هي التي طرقت أبواباً كثيرة من دون أن يستجيب أحد لها. وإلى حين تحقّق ذلك، ما زالت مستمرة في العمل من منزلها، الأمر الذي يساعدها على تأمين مصروفها.