وجّه عدد من رجال الدين والمسؤولين في إيران دعوات للمواطنين من أجل الخروج في تظاهرات مضادة لتلك التي تحمل شعارات سياسية، وتتسبب بـ"أعمال شغب"، على حد وصفهم، اعتبارًا من يوم غد الأربعاء. وشملت الدعوات مناطق عديدة؛ من قبيل كرج، كرمانشاه والأهواز، فضلًا عن طهران، التي من المتوقع أن تخرج تظاهراتها المضادة يوم الجمعة، بحسب بعض المصادر.
ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية أن المرجع الشيعي، آية الله حسين نوري همداني، دعا إلى خروج تظاهرات ضخمة في مدينة قم، يوم غد الأربعاء، مدينًا ما وصفه بـ"استغلال المنافقين ومؤيدي الملكية وأصحاب الفتنة للمطالب الحقيقية للشارع"، معتبرًا كذلك أن "المواطنين يشتكون من الغلاء منذ زمن ولم يفعل المسؤولون شيئًا إزاء الأمر، بل وسمحوا لمستغلي ما يجري بتبديل مسار الأمور، وتضييع الشعارات المعيشية المشروعة".
وفي كرمانشاه، أصدر مكتبا والي المحافظة وممثل المرشد الأعلى فيها، بيانًا رسميًا دعا كذلك لخروج المواطنين في تظاهرات لشجب الاحتجاجات الأخيرة.
وفي سياق متصل، ذكر المدعي الإيراني العام، محمد جعفري منتظري، أنه على الإيرانيين أن يعلموا أن إعادة الأمن والاستقرار دون مشاركتهم في المشهد أمر غير ممكن، في إشارة منه لضرورة خروج تظاهرات مضادة في المرحلة المقبلة.
وبحسب موقع "جوان"، أضاف جعفري أن العناصر الأمنية والاستخباراتية، وعناصر الشرطة، فضلًا عن المواطنين، قادرون على إعادة الهدوء للمناطق، واصفًا الاحتجاجات التي خرجت، خلال الأيام الماضية، بأنها "لا تحمل أي هدف باستثناء إثارة الشغب وعدم الاستقرار"، قائلًا أيضًا إنه يجب الفصل بين الاحتجاجات المعيشية وتلك التي جرّت الأمور لمنحى آخر.
واتهم منتظري أطرافًا خارجية بالتخطيط مسبقًا لما يجري للانتقام من إيران، وقال إن أعداءها يصرفون دولارات قادمة من السعودية لضمان استمرار هذه الحالة في البلاد.
من ناحيته، قال قائد الشرطة الإيرانية، حسين اشتري، إنه تم إبلاغ كل قادة الشرطة في كافة المناطق والمحافظات بمراقبة الأوضاع بشكل دقيق، ورصد كل التحولات، سواء على الأرض أو حتى إلكترونيًا عبر مواقع ووسائل التواصل. وفي الوقت ذاته، وجّه اشتري تحذيرات للمواطنين الإيرانيين مما وصفها بـ"سيناريوهات القتل المتعمد"، في إشارة منه لاتهام جهات غير أمنية بإطلاق عيارات نارية نحو المحتجين في الأيام السابقة، بحسب الرواية الرسمية، وهو ما قد يتكرر في التظاهرات القادمة.
ميدانيًا، وبعد أن أعلنت مواقع إيرانية عن سقوط 22 قتيلًا منذ يوم الخميس الفائت، أغلبهم في مناطق من محافظة أصفهان، وثلاثة منهم من قوات عسكرية وأمنية، ومن تبقوا من المحتجين أو ممن كانوا في مناطق الاشتباكات؛ أكد وزير التربية والتعليم، محمد بطحايي، أن من بين القتلى طالبين اثنين من طلاب المدارس.
وفي السياق، أعلنت محافظة طهران عن ارتفاع عدد المعتقلين ليصل إلى 450 شخصًا، حتى أمس، وقد أطلق سراح عدد منهم، كما أكدت مصادر في كرج وهمدان عن اعتقالات جديدة، بينما نقل مساعد المدعي العام في مشهد، حسن حيدري، خبر اعتقال 138 شخصًا ممن شاركوا في تجمعات غير قانونية خلال الأيام الماضية، بحسب وصفه، مؤكدًا أن الأمن مستتب في مناطق مشهد، فيما أشارت مصادر غير رسمية إلى انتشار أمني مكثف في عدد من المناطق الإيرانية، وحتى في بعض شوارع العاصمة طهران.
على الصعيد السياسي، يستمر التراشق الإيراني الأميركي من خلال تبادل بيانات وتصريحات تتعلق بالموقف من الاحتجاجات، إذ ردّ المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، اليوم الثلاثاء، على تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتكررة، قائلا إنه من الأفضل ألا يتدخل بالشأن الداخلي الإيراني، وأن يهتم بقضايا بلاده بدلًا من تضييع وقته على إطلاق التغريدات العبثية، واصفًا مواقف ترامب إزاء الإيرانيين بـ"المتناقضة والمضطربة، فهو نفسه من وصفهم سابقًا بالإرهابيين"، حسب تعبيره.
كما كتب سفير إيران في لندن، والمفاوض النووي، حميد بعيدي نجاد، تغريدة على "تويتر" رد فيها على ترامب، الذي أعرب عن تضامنه مع المطالب المعيشية للإيرانيين، واصفًا إياهم بـ"الجوعى"، فقال "إن من بين كل 8 أميركيين شخصًا واحدًا يعاني الجوع؛ ما يعني وجود 42 مليون جائع في الولايات المتحدة من الأولى الاهتمام بهم"، مضيفًا أنه "على ترامب أن يركز أكثر على حل مشكلات بورتوريكو بعد الإعصار الذي ضربها".
وفي ما يتعلق بالتعامل الإعلامي الداخلي مع الأزمة الراهنة، أصدرت "لجنة الأمل الإصلاحية" في البرلمان بيانًا شديد اللهجة، ينتقد طريقة تعامل هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية مع ما يجري، فأفاد البيان أن عليها أن تحترم الحقوق والحريات السياسية والمدنية للمواطنين، وفي الوقت ذاته؛ عليها أن تؤكد ضرورة الانسجام الداخلي، فانتقد البيان الإصلاحي سياسة التعامل التي تؤدي لإضعاف حكومة الاعتدال وتزيد المسافة بين التيارات السياسية، مطالبًا الرئيس حسن روحاني بحل المسائل الاقتصادية وبقية الجهات بالتعامل بشفافية أكبر.