وتأتي الزيارة المثيرة للجدل، بعد إلغاء رئيس الحكومة الفرنسية، إدوار فيليب، أخيراً، زيارة إلى تل أبيب، من دون معرفة الأسباب، وإن كان مراقبون ربطوها بالمجازر الإسرائيلية التي ارتكبت على حدود غزة.
ولكن "من سوء الصدف لنتنياهو"، كما تكتب صحيفة "لوجورنال دي ديمانش"، في عددها الصادر اليوم الأحد، فإن الزيارة تأتي بعد ثلاثة أسابيع من الأحداث الدامية في غزة، التي تسببت في استشهاد 120 فلسطينياً.
ومن المقرر أن يحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب نتنياهو في لوغران-بالي (القصر الكبير) معرضاً يراد منه أن يكون واجهة لما أطلق عليه "سبعون سنة من الابتكارات التكنولوجية الإسرائيلية". وبموازاة مع النشاط في فرنسا، سيستعرض فنانون وعلماء فرنسيون مواهبهم في إسرائيل.
لكن توقيت الأنشطة الإسرائيلية يتقابل، كما تكتب الصحيفة الفرنسية مع "نهاية حرب الأيام الستة"، التي تعني لدى الفلسطينيين: "ضمّ ثم احتلال الضفة الغربية وغزة".
وتأتي استطلاعات الرأي في فرنسا، وآخرها استطلاع أنجزته مؤسسة "إيفوب"، الشهر الماضي، بطلب من اتحاد الطلبة اليهود في فرنسا، لتكشف نفوراً فرنسياً متزايداً من المواقف الإسرائيلية، إذ إن 57 في المائة من الفرنسيين باتت لديهم نظرة سيئة عن الدولة العبرية. في حين أن 71 في المائة من الفرنسيين "يُحمّلون إسرائيل مسؤولية ثقيلة في غياب مفاوضات مع الفلسطينيين".
وتعترف سفيرة إسرائيل في فرنسا، أليزا بن نون، أن الرأي العام الفرنسي "أثّرت عليه صُوَر العنف في الصراع مع الفلسطينيين"، لكنها تأمل "قلب المعادلة بالارتكاز على التقدم الذي حققته إسرائيل، منذ عشر سنوات، في التكنولوجيات الجديدة: "لا يستطيع الفرنسيون أن يتجاهلوا هذا التقدم"، حسب تعبيرها.
لكنّ مجموع المنظمات الفرنسية التي تناصر النضال في فلسطين (42 جمعية)، كما تكتب الصحيفة الفرنسية، ترى في زيارة نتنياهو وفي الحفاظ على الموسم الإسرائيلي، في هذا التوقيت، وفي السياق الحالي، "استفزازاً".
كما تعترف الصحيفة الفرنسية، المقربة من ماكرون، أنّه من الصعب على الرئيس الفرنسي أن يناور في هذه القضية الحسّاسة.
فبينما تستعرض ما كتبه الرئيس الفرنسي في تقديم الموسم من أنه: "توجد صداقات لا تستطيع أن تُفسدَها اضطراباتُ التاريخ ولا التحولات العنيفة التي تعرفها مجتمعاتنا"، يعترف بعض موظفي الإليزيه أن “شهر مايو/أيار كان ثقيلاً، بشكل خاص"، في إشارة إلى قمع مسيرات العودة في غزة.
وتضيف الصحيفة أن القيادة الفرنسية، وكي تخرج من هذا الحرج، لن تغفل إثارة قضايا خلافية مع رئيس الحكومة الإسرائيلي، ومن بينها اختلاف موقفي البلدين بخصوص إيران وغزة، وتنقل عن مسؤول في الإليزيه قوله: "لن ينسينا التهديد الذي تمثله إيران في الشرق الأوسط أهمية إنجاز تقدم في مسار السلام مع الفلسطينيين".
في مقابل الزيارة، دعت العديد من الجمعيات الفلسطينية، ومن بينها "جمعية فلسطينيي إيل دي فرانس"، و"جمعية فلسطينيي فرنسا- الجالية"، و"اتحاد الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية في فرنسا"، و"منتدى فلسطين-مواطَنة"؛ إلى تجمع، يوم الثلاثاء، أمام "لوغران بالي" (القصر الكبير) من الساعة السادسة والنصف مساءً إلى العاشرة ليلاً، دعماً لمسيرات العودة والصمود الفلسطيني، وأيضاً للاحتجاج على زيارة نتنياهو، والمطالبة بإلغاء "موسم إسرائيل في فرنسا".
ولا يقتصر الأمر على المنظمات والجمعيات الفلسطينية فالعديد من المنظمات الفرنسية المتضامنة مع القضية الفلسطينية، ومن بينها "فرنسا-فلسطين للتضامن"، و"أورو-فلسطين"، دانت هذه الزيارة، ودعت لإفشالها.
كما أن صحيفة "لومانيتيه"، لسان حال الحزب "الشيوعي"، استقبلت نتنياهو بغلاف بالغ القسوة: "لا سجاد أحمر لمجرم الحرب، نتنياهو"، معتبرة أنه "من العار استقبال سفاح غزّة".