دولة عمر الرزاز... وكلمات ماجدة الرومي
صدمتي بخطاب دولته لم تكن كبيرة بما سمعت من وعود، أقل ما قد يقال عنها أنها لا ترتقي وعقل طفل لم يتجاوز السبع سنوات، بقدر ما صُدمت من طريقة تسجيل اللقاء، وفخامة المنظر العام الذي كان يحيط برئيس ترتسم على محيّاه علامات الانتصار، وكأنه لا يعي حجم الدمار الذي أصابنا وسيصيبنا بعد إقرار القانون المعدل؛ للمصداقية كانت الفكرة المسيطرة عليّ في تلك اللحظة، هي وجوب الاستعانة بذلك المخرج الفذ للتسويق لمنتجاتي، علني أستطيع زيادة مبيعاتي الشهرية للصمود في وجه القانون المعدل.
لنعد لوعوده وما أكثرها من وعود..
وعد دولته بإطلاق أولويات الحكومة لتحسين حياتنا؛ ما أثار في ذهني العديد من التساؤلات، حول الرواتب المنفقة عليه وعلى فريقه منذ أكثر من خمسة أشهر تقريباً.
فإذا كان إطلاق الأولويات قد استغرقهم ما يقارب الستة أشهر، فكم سيستغرق منهم تنفيذها؟؛ هو يقول عامين وأنا أقول أفلح إن صدق، وهنا لا يسعني سوى أن أُذكّر دولته، بأن أولى الأولويات بالنسبة لشعبه هي الماء والخبز؛ أتراه يعلم أن هناك من لا يقوى على دفع فاتورة الماء وأن هناك من لا يمتلك ثمن رغيف خبز؟ أين هؤلاء من أولوياته؟
لكن لا عتب على حكومة لا يتوفر لديها دراسة عن خط الفقر لشعبها؛ وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فقد وعد دولته بشمول 55 ألف أسرة من الأسر العفيفة للاستفادة من برامج صندوق المعونة؛ أعتقد أنه لا يخفى على أحد، أن الاتفاق مع البنك الدولي يتضمن منحة بـ100 مليون دولار؛ مشروطة بأن تكون لتوسيع صندوق المعونة الوطنية، ليشمل إضافة 85 ألف أسرة عفيفة.. ومن هنا لا أجد أصدق من جملة "جمليتكم علحالكم" لتعبر عن ما يجول في داخلي، قال دولته بأنه يريد أن يحمي الفقراء، تُرى هل يعلم عدد المطلوبين للتنفيذ القضائي؟ وكم نسبة النساء منهم؟ فما هي مخططاته لحمايتهم؟
وفي ما يتعلق بوعده بشمول 80% منا بالتأمين الصحي؛ فالحكومة السابقة قد شملت من تزيد أعمارهم عن الـ60 عاماً وقد تم شمول الأطفال دون الـ6 سنوات من قبل، فهل ترغب حكومتنا الرشيدة بإلغاء هذه القرارات وإعادة هيكلتها وقد كدنا نحقق الهدف؟
وبما أن حكومتنا الفذة تختلف عما سبقها بمراحل، فقد أتحفتني بفكرة المتسوق الخفي، هل حقاً نحتاج لمتسوق خفي لمعرفة مدى تدني الخدمات المقدمة للمواطنين؟ أم أن أفراد الفريق الحكومي لم يجدوا سوى هذه الطريقة الاحترافية لقياس مستوى الأداء الذي تحدث عنه دولته!
لو استشارني لأخبرته أن كل ما عليه فعله، هو أن ينشئ صفحة خاصة لشكاوى المواطنين على تطبيق عام ليشتعل شعر رأسه شيباً؛ بدلاً من تبديد المال العام على رواتب ووظائف غير مجدية، أم علها طريقة من طرق توفير الـ30 ألف فرصة عمل التي تحدث عنها دولته.
تُرى كم 100 ألف عاطل من العمل سيخلقون عندما تغلق المنشآت والمصانع، لعدم مقدرتها على دفع رواتبهم بسبب ما فرض عليهم من ضرائب؟ ألدى الفريق أي مخططات أخرى لم يُفصح عنها بشأن توسعات القطاعات الاقتصادية؛ التي تحتضر بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف قدرتها على منافسة المنتجات المستوردة التي تحميها تشريعاتنا وقوانيننا، فيما تركوا المنتج المحلي عاجز مكبلاً، رافضين تكفيله كم فعلوا بحرائر كارثة سيول البحر الميت.
وبما أنني أتحدث هنا عن تكاليف الإنتاج التي تتضمن الكهرباء، فقد ذكر دولته أن 35% من مصادر الكهرباء ستكون أردنية، فهل هذا يعني إلغاء اتفاقية العار مع الكيان الصهيوني؟.. "ملاحظة أنا جادّة هنا واحتاج لإجابة بنعم".
ذكر أيضاً دولته 10% زيادة في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر و5% للصادرات؛ عن أي نموّ وعن أي جذب للاستثمارات وعن أي صادرات كان يتحدث؟ أكان يتحدث عن نفس القوانين ونفس التشريعات ونفس الوطن الذي نحيا فيه؟
في ما يخص نيتهم تأسيس شركة قابضة؛ أتساءل هل هم مقتنعون أن شعباً منهكاً من الجباية، لديه أي مدخرات ليعطيهم إياها؟ هل ما زلنا نتحدث هنا أيضاً عن نفس الشعب وعن نفس الوطن! التصريح بإطلاق صندوق الريادة الأردني لجمني؛ فكلي ثقة أن دولته يعلم أن ريادة الأعمال تعني المغامرة برأس المال، وهو ما يحسب لكل الحكومات التي مرت علينا فهم يمارسونها بجدارة؛ ولكني أتمنى على دولته أن يمارسوها بعيداً عنا ومن أموالهم الخاصة.
وبما أنه تحدث عن تأسيس الشركات، فلمن الشركة التي ستدرب الشباب في برنامج خدمة وطن؟ ترى هل سيشمل برنامج تدريبهم وجبات طعامهم؟ هل سيخفف تدريبهم من ارتفاع الأسعار ومن البطالة؟
ذكر دولته أيضاً الباص السريع، وددت وقتها إخباره بأنه لا داعي للاستعجال، فهو لن يلزمنا بعد أن يهاجر قتيبة ومن معه من شباب، كان أقصى طموحاتهم أن يجدوا عملاً ويكوّنوا أسراً ويهنأوا بعيش كريم بين أحبتهم.
في الملخص، الشيء الوحيد الذي كان صادقاً في ذلك الخطاب، والذي يحسب لدولته هو غياب الوعود بالإصلاح السياسي وبمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة، وهو ما يدعوني لرفع القبعة له.
كدت أن أنسى..
حين كتبت دولة عمر الرزاز، وماجدة الرومي؛ كنت أعي جيداً أنه لا رابط بينهما سوى أغنية "كلمات" التي كنت أستمع إليها وأدندنها خلال كتابتي لهذا المقال، فهي تصف واقع حالنا بمنتهى الشفافية.